محمود مطر يكتب : محفوظ والحكيم وعبقرية الشخصية المصرية
حين حصل نجيب مصر العظيم ومبدعها الأشهر على جائزة نوبل عام 1988 كان من اول تعليقاته على فوزه بالجائزة العالمية الكبرى قوله إنه كان سيشعر بحرج شديد لو أتته الجائزة في حياة استاذه توفيق الحكيم ..لانه يرى أن الحكيم وطه حسين والعقاد ويحيي حقي كانوا هم الأحق منه بالجائزة
هل رأيتم نبلا وتواضعا وصدقا ومحبة أكثر مما تحلى به نجيب محفوظ ..هذا العبقري الذي يمثل الشخصية المصرية في أبهى وأعظم تجلياتها
كان الحكيم قد رحل عن عالمنا في عام 1987 قبل حصول محفوظ على نوبل بعام واحد ..وكانت تجمعهما صداقة وطيدة مفعمة بالمحبة وبالاخلاص وقد تجاورا بالدور السادس بالاهرام .. وبعد حصول محفوظ على نوبل قررت إدارة الأهرام أن يجلس نجيب محفوظ على مكتب الحكيم الاكثر اتساعا ليستقبل ضيوفه وزواره وأبى الرجل أن يجلس على مكتب صديقه واستاذه وكان يجلس على مقعد اخر ..وفي شهور الصيف بالإسكندرية كان محفوظ والحكيم يجلسان بالساعات يوميا في عدد من فنادق ومقاهي الإسكندرية يجتمعان بتلاميذهما ومريديهما ..كان محفوظ لا يتكلم كثيرا وكان الحكيم حكاء كبيرا ..وكان محفوظ ينادي الحكيم بقوله يا استاذنا بينما كان الحكيم ينادي محفوظ بقوله يا نجيب بيه .. وغالبا ما كان ىرافقهما ثروت أباظة أحد اقرب المقربين لمحفوظ .. وانظر معي إلى هذا الجمال الإنساني .. حين كان أباظة سليل العائلة الاباظية الكبيرة يذهب احيانا إلى دور النشر او بعض المصالح الحكومية لينهي بعض الإجراءات الخاصة ب محفوظ والحكيم .. وقد كان الحكيم يؤمن إيمانا شديدا بعبقربة نجيب محفوظ في فن الرواية وكذلك كان إيمان صاحب نوبل بعبقربة الحكيم الفكرية والأدبية ..اقول قولي هذا بمناسبة ما قاله الدكتور مصطفى الفقي مؤخرا من أن الحكيم كان أحق من نجيب محفوظ بجائزة نوبل ..والحقيقة الواضحة وضوح الشمس هي أن محفوظ كان وما يزال هو أهم المبدعين العرب واجدرهم بالفوز بنوبل التي جاءته متأخرة عن موعدها بربع قرن على الأقل ..لانه كان يستحقها عقب إصداره الثلاثية الشهيرة .. أما توفيق الحكيم ومعه طه حسين والعقاد ويحيي حقي فجميعهم كانوا يستحقون الجائزة الكبرى ايضا بكل جدارة ..أدعو الله أن يبارك في أرض مصر الولادة وفي شعبها العظيم فيخرج منه احفاد لهؤلاء العظام لا يقلون عبقرية وابداعا عن اجدادهم