مقالات الرأى

محمد محمود عيسى يكتب : مصر تحارب

تخوض مصر الآن حربا كبيرة ومن لا يدرك هذا الأمر فهو منعزل عن كل ما يدور حولنا من أحداث ووقائع خطيرة لا تهدد أمن مصر فقط ولكنها تهدد أمن المنطقة والعالم حتى وإن كانت هذه الحرب تأخذ أشكالا مختلفة من التهديد والاستفزاز والضغوط السياسية والحصار الاقتصادي العنيف.

وبدأت تظهر ملامح هذه الحرب وتتجلى بوضوح من يوم السابع من أكتوبر ومع بداية عملية ” طوفان الأقصى ” في غزة فلم يكن الهدف من هذه الحرب غزة ولا فلسطين ولا كل الأحداث التي حدثت وما زالت تحدث ولكن المقصود والمستهدف من هذه العملية وقولا واحد هو مصر وذلك من خلال إشعال وتدمير غزة والضغط على مصر سياسيا واقتصاديا لتهجير الفلسطينيين إلى مصر وخاصة في سيناء وتصفية القضية الفلسطينية وخلق واقع جديد في سيناء من خلال نقل مركز المقاومة والعمليات العسكرية الفلسطينية إلى سيناء مع إعطاء الحق لإسرائيل في الدفاع عن نفسها وصد العدوان من أي مكان وتتحول مصر وسيناء إلى منطقة عمليات عسكرية لإسرائيل وتدخل مصر في صراعات عسكرية وسياسية تستنزفها وتستهلك جهودها وقوتها الاقتصادية ومع تنفيذ الجزء الثاني من المخطط وهو انتشار حماس في كل محافظات مصر من خلال التسلل من سيناء وإعادة إحياء مخطط تمكين جماعة الإخوان الإرهابية من الحكم مرة أخرى بواسطة الدعم اللوجستي والعسكري الذي سوف توفره حماس لقواعد الإخوان في مصر ومن هنا بدأت الحرب الفعلية والحقيقية على مصر وبدأ التنفيذ الفعلي والحقيقي لتنفيذ هذا المخطط من خلال اتفاقات متبادلة بين أطراف الصراع الدائر والمستعر حاليا وكان سيناريو وحوار المخطط إسرائيلي والتمثيل والأداء حمساوي والإخراج أمريكي ولكن الممثلين خرجوا عن الدور المكتوب واستعانوا بممثلين أخرين من إيران ومن الحرس الثوري وغير متفق عليهم مما عرض المشهد المتفق عليه لخسارات إسرائيلية كبيرة وضخمة ومكن إيران من الأخذ بثأرها من عمليات الاغتيال التي قامت بها إسرائيل تجاه علماء الذرة الإيرانيين وقادة الحرس الثوري الإيراني الذين اغتالتهم إسرائيل داخل وخارج إيران وكان من أبرزهم قاسم سليماني والذي أحدث اغتياله هزة قوية في إيران ولذلك حينما باعت حماس إسرائيل لإيران ومكنتهم من الاشتراك وتنفيذ العمليات العسكرية ضد إسرائيل في السابع من أكتوبر وكان لابد من تأديب وهدم من خان الاتفاق وخرج عن السيناريو ومكن إيران من الثأر لضباطها وعلمائها الذين اغتالتهم إسرائيل ومن هنا جاءت القرارات الجنونية لنتنياهو في قيادته للعمليات العسكرية في غزة وتحقيق أكبر قدر من القتل والتدمير لتحقيق أكثر من هدف في وقت واحد الهدف الأول القضاء على حماس وعقابها على ما فعلته بإسرائيل واتفاقها مع الحرس الثوري الإيراني وسماحها لضباطه وجنوده بالاشتراك في عملية طوفان الأقصى وقتل الضباط والجنود الإسرائيليين والسبب الأخر هو تنفيذ مخططات إسرائيل والتي تم وضعها منذ سنوات طويلة بخصوص تهجير سكان غزة وإفراغها من سكانها وإحلال وبناء مستوطنات إسرائيلية مكانها وتحقيق الفوائد الاقتصادية من شمال غزة من خلال بناء استغلال الغاز الموجود هناك وذلك باعتراف قادة إسرائيليين بذلك المخطط وهو موجود على قنواتهم التلفزيونية .

وسارت الخطة كما هي منذ بداية العمليات العسكرية والمتابع لخط سير الضربات العسكرية المجنونة على غزة يجد أنها منذ أن بدأت وهي تتحرك في اتجاه تحريك سكان غزة حتى وصولهم إلى منطقة رفح الفلسطينية ومن هنا يأتي تنفيذ الجزء الثاني والنهائي من المخطط وهو اقتحام مدينة رفح وتنفيذ أكبر عمليات عسكرية من جانب إسرائيل للضغط على الفلسطينيين لاقتحام معبر رفح بالقوة ومالم يستطيعوا أن يوجدوه بالضغوط السياسية والاقتصادية على مصر يوجدوه بقوة الاقتحام وبفرض الأمر الواقع ويأتي تنفيذ هذا المخطط والجزء الأخير فيه من خلال زيادة الحصار الاقتصادي على مصر داخليا وخارجيا داخليا من خلال إعطاء الأوامر للطابور الخامس والعملاء في خنق السوق المصري وإيجاد أزمات اقتصادية كبيرة ومتوالية في السلع والمنتجات وفي كل الاتجاهات من أول السلع الضخمة والكبيرة ووصولا إلى السلع التموينية والغذائية والعمل على إيجاد ورعاية عصابات السوق السوداء في العملة لتخريب وهدم الاقتصاد المصري وذلك للضغط على الداخل المصري ومحاولة تفجيره للضغط على القيادة السياسية للقبول بالحلول التي تفرضها أمريكا وإسرائيل وأوربا بشأن قبول الفلسطينيين في سيناء والضغط على مصر خارجيا من خلال إعطاء الأوامر لصندوق النقد الدولي للضغط على مصر اقتصاديا بشروط وإجراءات اقتصادية عنيفة وعدم الإفراج عن الحصص المالية المخصصة لمصر وأيضا من خلال إعطاء الأوامر للحوثيين عملاء أمريكا وإمدادهم بالصواريخ والتكنولوجيا المتقدمة لتنفيذ هجمات صاروخية ضد السفن في باب المندب لغلق قناة السويس وحرمان مصر من أهم الموارد الاقتصادية المصرية في محاولة لزيادة الضغط الاقتصادي على مصر وأيضا تجهيز الإعلام الغربي ومنظمات حقوق الإنسان الدولية للضغط على مصر لقبول الفلسطينيين في سيناء ومن هنا أدركت مصر أبعاد هذا المخطط وبدأت تتصرف بحكمة وعقل على كل الاتجاهات لإفشال هذا المخطط وعدم تنفيذه مهما كانت النتائج مع توافر وإتاحة كل سيناريوهات الرد المصري وبدون خطوط حمراء للرد والدفاع عن الأراضي المصرية وهذا ما أرسلته مصر من خلال الوسطاء والوفود الأوربية والأمريكية التي زارت مصر خلال الفترة الأخيرة ولم يكن من الممكن أن تتخذ مصر هذه المواقف القوية والحاسمة بدون أن تمتلك قوة الردع الشاملة والتي يدرك مداها الأعداء قبل الأصدقاء لأن مصر لو لم تمتلك قوة الردع الشاملة لكانت عملية طوفان الأقصى انتهت بعد أيام من بدايتها وكنت أنت وجدت الفلسطينيين يجلسون الآن تحت بيتك وفي المقهى الموجود في أول الشارع عندك وكانت انتهكت وانتهت سيادة مصر على أراضيها كما انتهت وانتهكت سيادة دول مجاورة على أراضيها وبلادها . ربنا يحفظ مصر

زر الذهاب إلى الأعلى