مقالات الرأى
محمد محمود عيسى يكتب : التظاهر بالتدين وتحقيق المصالح
من المشاهد المنتشرة بين كثير من الناس التظاهر بالدين والضمير والأخلاق وزيادة في رسم ملامح هذه الصورة ومن أجل الحبكة الدرامية مفيش مانع من سبحة هنا وطاقية بيضا هناك وشوية تصنع ورع وتقوى وتدين وحط عليهم كمان شوية أحاديث نبوية وآيات قرأنية وفي الأخر هتلاقي معاك خلطة سحرية جهنمية تجلب لك الحبيب وتقرب لك البعيد وتقضي لك المصالح وتحقق لك المكاسب ، مظاهر شكلية وضع أساسها من ينتمون إلى الجماعات المنأسلمة أيا كانت أوحتى من اختار طريقا لنفسه بين الناس رأى فيه أنه يميزه عن غيره ويحقق له مصالحه ومكاسبه ويرضي غرورا في داخله ويعوض به نقصا أو تشوها نفسيا يعاني منه ويحقق له توازنا مع غيره من فئات المجتمع ، نجحت هذه الخلطة ونجح هذا النموذج في أن يكون شكلا متداولا في المجتمع له الأفضلية وله الأولوية في أماكن كثيرة . أتذكر في مرة من المرات كنت راكبا في ميكروباص وفي المحطة التالية ركب أحد أصحاب هذه الخلطة السحرية وكل الركاب رحبوا به وكل واحد منهم كان يريد أن يقوم من مكانه ليجلس عليه (الشيخ) وكل واحد منهم يقول له تفضل يا شيخ تفضل يا شيخ، وبدأت على الشيخ مظاهر النشوة والزهو والفخر، تخيل معي هذا الشيخ في كل مكان يذهب إليه تحدث معه هذه المظاهرة في التبجيل والتقدير والاحترام لمجرد أنه يرتدي هذه الخلطة السحرية كيف يشعر بنفسه؟ وما الذي يتراكم في داخله تجاه المجتمع والناس لأن كل من قام بهذه المظاهرة والترحيب لا يعرفه معرفة شخصية ولا قد سبق له التعامل معه من قبل حتى يرى له سابقة أعمال وأخلاق وتدين تعطي له هذا الحق في اكتساب هذه المكانة لدى الناس ولكن معوجود مساحات كثيرة فارغة في عقول ومفاهيم الناس لم يستطع أن يملأها أصحاب المؤسسات الدينية الرسمية وظلت لسنوات طويلة مهجورة تسلل إليها هؤلاء بمظاهرهم وتدينهم واستطاعوا أن يحتلوها ويضعوا أفكارهم عليها لا بمنطق وضع اليد ولكن بقوة وضع الفكر ومع إتقان هؤلاء لهذه المظاهر تسربت إلى الناس مظاهرهم وتدينهم المصطنع المزيف حتى وإن اختلفت أشكالها وأصولها ما بين الجماعات التي تنتمي إلى الإسلام اسما وشكلا وتكسبا وخاصة جماعة الإخوان الإرهابية والتي ينتشر أفرادها في كل مكان وغيرهم من الجماعات والمسميات المختلفة فاجتمع كل هؤلاء على فتح سوبر ماركت كبير وضعوا فيه كل مظاهر الدين والأخلاق والضمير والإنسانية وعلبوا هذه الأشياء ووضعوها في علب فاخرة قيمة وجعلوا لها تسعيرة فيما بينهم وأخذوا يتداولونها ويستخدمونها في كل مكان يعملون به أويذهبون إليه وكانت طريقة البيع والشراء أن تدخل السوبر ماركت وتختار ما يناسبك ويحقق مكاسبك ويتوافق مع مصالحك سواء من الدين أو الأخلاق أو الضمير أو الإنسانية وبعد أن تحقق ما تريد من الممكن أن تقوم بإرجاعه إلى السوبر ماركت مرة أخرى وتأخذ مكانه شيئا أخر أو تحتفظ به لمصلحة ومكسب أخر وكان قانون سوقهم الراسخ القوي أنه إذا تعارضت مصالحك ومكاسبك مع أي نوع في السوبر ماركت من دين أو أخلاق أو ضمير أو إنسانية فمصلحتك أولا وقبل كل شيء وهذه الأشياء نستخدمها في وقت أخر فالسوق كبير والمصالح متشابكة . وكل هذه السلع موجودة في كل وقت وذاكرة الناس ضعيفة ينسون سلعة نقدم لهم سلعة أخرى. حالات من الزيف والكذب يمارسها هؤلاء وهم يدخلون ويخرجون من سوبر ماركتهمصباحا ومساءا يبتاعون ويشترون في قيم الدين وأخلاق الحياة وعند أول مفاضلة مع جنيهات قليلة تسقط كل هذه السلع على الأرض وتنكشف كل هذه الأقنعة وتظهر الوجوه الحقيقية الكاذبة المزيفة بقبحها وزيفها وهم لا يملون ولا يتعبون من زيفهم وكذبهم ومظاهرهم الخادعة بين الناس بل يحرصون على تنوع سلعهم وتوسعة أسواقهم والرغبة المجنونة لديهم في زيادة أرباحهم حتى وإن ارتدوا الكثير من الأقنعة ووضعوا على وجوههم الصبغات والألوان