عبد المعطى أحمد يكتب: وحدة مصر وسوريا
فى شهر فبراير الحالى يتذكر العالم العربى من المحيط إلى الخليج ذكرى عزيزة على العرب, وهى إعلان الوحدة الشاملة بين مصر وسوريا فى الأول من فبراير عام 1958, وهذا العام 2024 يصادف مرور 66عاماعلى واحدة من أهم التجارب الوحدوية العربية, باعتبارها أول وحدة عربية إندماجية بين بلدين عربيين كبيرين فى العصر الحديث.
وبرغم أن الوحدة إنهارت بعد ثلاث سنوات فقط من قيامها فى الثامن والعشرين من سبتمبر1961 نفس يوم وفاة الرئيس جمال عبد الناصر بعد ذلك فى الثامن والعشرين عام 1970, فإن مرور 66 عاما لم يكشف لنا الأسرار الحقيقية لانهيار أهم تجربة فى حياة العرب, إلا أن البعض يربط هذا الانهيار بالهزيمة العربية فى يونيو1967, ثم وفاة عبد الناصرفى منتصف العمر, وعلى كثرة الكتابات التى تناولت تلك الفترة وكشفها للقوى الدولية والإقليمية ودورها فى ضرب التجربة فى مقتل , فإن الأسرار لاتزال حبيسة الأدراج.
ولعل السبب الذى يمنع هذه القوى من نشر مالديها هو نفس السبب الذى يجعلها تعمل على تفتيت المنطقة , ونحن نعيش اليوم فى المنطقة ظروفا مشابهة لتلك التى نشأت فيها الوحدة بين الإقليم الجنوبى”مصر” والإقليم الشمالى”سوريا” باعتبار أن الإقليمين يشكلان مربط الفرس فى الأمن القومى العربى.
ونحن جميعا فى المنطقة نعيش الأحداث الحالية بدءا من غزو العراق, ثم انفصال غزة عن الضفة الغربيةُ, ثم انفصال جنوب السودان , وأخيرا الإعلان عن مشروع الشرق الأوسط الكبير, والعدوان الإسرائيلى على غزة.
وإزاء هذه الحالة الواضحة, فإن دروس الوحدة المصرية السورية بعد 66عاما قد تكشف لنا الحاجة إلى صياغة مشروع عربى متماسك من خلال جامعة الدول العربية بدلا من الوحدات القطرية الضيقة أو الشاملة على الأقل فى ربط المنطقة باتفاق تجارة بينية, وحرية انتقال الأفراد, وأخيرا ربطها بشبكة طرق وموانىء حتى تكون الوحدة حقيقية, وشكرا للزعماء التاريخيين الذين قاموا بالتجربة برغم قسوتها لحظة الانفصال, فما أحوجنا إليها بآلية جديدة.
تقول بيانات وزارة التموين والتجارة الداخلية: إن المخزون الاستراتيجى من السكر يكفى لخمسة شهور, وإن مصر تنتج نحو 2,7مليون طن, فى حين يبلغ متوسط الاحتياجات السنوية 3,5مليون طن تقريبا. كماأننا نزرع مساحات تتجاوز 300 ألف فدان بقصب السكرو650 ألف فدان من بنجر السكر سنويا, وذلك وفق بيانات مجلس المحاصيل السكرية بوزارة الزراعة, وكل هذه الكميات يتم طرحها فى الأسواق تباعا, وهى كميات جيدة لتلبية حاجة السوق, ولو أن هناك ضميرا لدى التاجر الكبير والموزع ماوجدت أزمة السكر الحالية والتى يفتعلها البعض بتعطيش السوق وتخزين الكميات بهدف استغلال المستهلك وجنى المال الحرام.
أتمنى أن يسهم الحوار الوطنى المقترح حول الملف الاقتصادى فى وضع خريطة اقتصادية شاملة تسهم فى إعادة هيكلة الاقتصاد المصرى , ليتحول إلى اقتصاد إنتاجى حقيقى, تنعدم فيه الهوة بين الإنتاج والاستهلاك من جانب, وبين التصدير والاستيراد من جانب آخر لمصلحة الاقتصاد المصرى خلال الفترة المقبلة , بما يجنب مصر تكرار أزمات الدولار والعملة الصعبة. إننا نحتاج إلى روشتة إنتاجية ملزمة تسمح بتدفق الاستثمارات الوطنية والأجنبية, لتصبح مصر نمرا اقتصاديا إفريقيا واعدا, خاصة بعد دخولها تجمع ” بريكس” بدءا من يناير الماضى, وبما تملكه مصر من امكانات اقتصادية هائلة, لينعكس كل ذلك على الاقتصاد الوطنى, ويتماشى مع ماتحقق من انجازات.
جاء الوقت لكى يجلس قادة فلسطين وفصائلهم المختلفة من أجل تصفية الخلافات بينهم, لأنه لاشىء أغلى من دماء غزة, ولتسقط كل الطموحات والأطماع والمناصب, وقد أصبح من الضرورى منح الفرص لجيل جديد.
أكاذيب اسرائيل لن تنتهى, ومن الواضح أنها مصرة على السير فى اتجاه التصعيد, واستمرار عمليات الإبادة ضد الفلسطينيين فى غزة, إلا إذا رفعت أمريكا والدول الغربية أياديها عنها, فهل يحدث ذلك؟ للأسف أشك.
تحولت كرة القدم إلى تجارة عالمية, وأصبحت من أغلى السلع فى العالم, وعندما كنت أشاهد فريقنا القومى أمام الكونغو قبل خروجه تساءلت: أين العصر الذهبى للكرة المصرية؟ هناك خلل ما هل هى الإدارة؟ أم الإهمال؟ أم فساد الضمائر؟ أم هى الفهلوة المصرية التى لاتناسب روح العصر.
من أرقى أنواع رفاهية الروح أن يكون انفرادك بنفسك هو متعتك الحقيقية, فمن لايأنس بذاته لايأنس بشىء آخر.