سيد أبو ليلة يكتب: “معايا سكرين شوت”
هل واجهت سلاح الـ”سكرين شوت” من قبل؟ هل لاحظت وجوده من حولك؟
على الرغم من أن المشرع المصري منح الرسائل الإلكترونية حجية الأدلة الجنائية، في القانون رقم ١٧٥ لسنة ٢٠١٨ المتعلق بمكافحة جرائم تقنية المعلومات، ووفر التأمين اللازم لها ضد أي معتدٍ، لا يزال هناك عدد كبير من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي مستمرون في التعامل مع هذه “الأدلة” بخفة، ما يتسبب في تفاقم ظاهرة “الفضائح الإلكترونية”.
لحظة! ألم تنجح تلك الفضائح في الكشف عن مجرمين كثر؟
بلى، هذا السلاح الممنوح للعامة حقق مكاسب كثيرة، وخسائر فادحة أيضًا، لذا من الواضح أن هناك سؤالًا آخر أحق بالطرح:
إن اعتبرنا الرسائل الإلكترونية سكينًا –على سبيل المثال- يمكن أن تستخدمها أم لتعد الطعام لصغارها أو يستخدمها قاتل لإزهاق روح، أليس من الواجب –قياسًا- أن يجري تقنين عملية نشر الرسائل الإلكترونية الخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي، بما يضمن عدم وقوع ضرر لأي طرف؟
قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، الذي صدر في 14 أغسطس 2018، نجح في حماية خصوصية الرسائل الإلكترونية من استغلال الغير، لكن لم يناقش قضية حماية أحد طرفيّ المحادثة من غدر الطرف الآخر.
هل من حق أحد طرفي المحادثة الخاصة نشرها أو نشر جزء منها؟
“نعم” كبيرة سيتسرع أحدهم ويقولها، متكئًا على فكرة الشراكة، قبل أن يدرك أن موافقته تلك تعنى أنه سيمنح “أي شخص شارك في أي محادثة خاصة” حق التعدى على سلطة رجال الأمن “التحري حول الجرائم”، والتعدي على سلطة النيابة العامة “توجيه اتهام لشخص ما”، والتعدى على سلطة القضاء “الإدانة وإصدار حكم نهائي بالوصم”.
هل الأمر خطير إلى هذه الدرجة؟
نعم، فإفشاء الأسرار من الأمور الشائكة التي تعامل معها المشرع المصري مبكرًا، في قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937، المادة 309 مكرر (أ)، الفقرة الأولى تحديدًا: “يعاقب بالحبس كل من أذاع أو سهل إذاعة أو استعمل ولو في غير علانية تسجيلًا أو مستندًا متحصلًا عليه بإحدى الطرق المبينة بالمادة السابقة أو كان بغير رضاء صاحب الشأن”.
والطرق المشار إليها في “309 مكرر”، هي “استراق السمع، وتسجيل أو نقل محادثات جرت في مكان خاص أو عن طريق التليفون، أو التقاط صورة شخص في مكان خاص، عن طريق جهاز من الأجهزة أيًا كان نوعه”.
وبحسب المادة 310: “كل من كان من الأطباء أو الجراحين أو الصيادلة أو القوابل أو غيرهم مودعًا إليه بمقتضى صناعته أو وظيفته سر خصوصي ائتمن عليه فأفشاه في غير الأحوال التي يلزمه القانون فيها بتبليغ ذلك، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة شهور أو بغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه مصري”.
قديم هذا القانون، قديم وذكي، فوفقًا لحجم المعلومات المتاحة للمشرع حينها، اعتبر أن المجرم قد سيستخدم “جهازًا” ما، ليخزن عليه معلومات خاصة، وسيذيعها بعد ذلك بغير رضاء صاحب الشأن.
قد يكون من حق المشرع الاعتماد على هذا القانون، واعتبار كلمة “غيرهم” في المادة 310، تتسع لصديق خائن، واعتبار الرسائل الإلكترونية “جهازًا حديثًا” لتخزين المعلومات، ومن ثم تجريم تسريبها، لكن يظل الأمر بحاجة إلى تعديل واقعي.
كيف يكون الحل؟
يمكن منع نشر الرسائل الإلكترونية، أو إلزام أي طرف يريد النشر بالحصول على موافقة الطرف الآخر، وإلزام أي شخص بإبلاغ السلطات المختصة، في حال شكه في وجود ما يخالف القانون في محادثة خاصة أجراها، واعتباره متسترًا على هذا الجرم إن لم يبلغ عنه.
يمكن الاسترشاد بأخلاقيات الطبيب النفسي، التي تمنعه من كشف أسرار مرضاه، وتلزمه بإبلاغ السلطات إن علم بأن المريض سيرتكب جرمًا في المستقبل، وبذلك يكون أي طرف في المحادثة الثنائية الخاصة، ملتزمًا بسرية المعلومات، إلا إن وجد فيها تخطيط مستقبلي لارتكاب جريمة، فحينها عليه إبلاغ السلطات، وليس نشر هذه الرسائل الخاصة.