راندا الهادي تكتب : وأنا مالي
وسط التأثيرات السلبية للسوشيال ميديا على الإنسان ، سواءٌ فسيولوچيا أو نفسيًا أو مجتمعيًا ، يتجلى من وجهة نظري هذا التأثير محتلًا المركز الأول بجدارة على أخوانه ، ألا وهو انعدام المسئولية لدي أجيال السوشيال ميديا بكل أنواعها .
فعندما تكون قادرًا على انتحال شخصية أو اسم أو وضع اجتماعي لا يمت لحقيقتك بصلةٍ ، من الطبيعي أن ينمو لديك هذا الشعور بعدم المسئولية ، وعندما تتضخم القدرة على خلق أكاذيب والتعامل مع الآخرين من خلالها ؛ تنهار ببساطة الأخلاقيات جميعها ، وكمثالٍ متكرر على ذلك أولئك -من أشباه الذكور- الذين يُنشئون صفحات باعتبارهم إناث ، بل ويدخلون جروبات متخصصة للنساء تحت هذا الغطاء ، لذا فضلًا عن احتياجهم لعلاجٍ نفسي، فقد انهارت أخلاقياتهم جميعها ، إذن أي مسئولية قد يتحملون ؟ !!
في دراسة تم إجراؤها بالتعاون بين أستاذتين بكليتي التربية النوعية في جامعتي المنوفية وعين شمس على عينة من الشباب العربي ، اكتشفوا وجود علاقة ارتباطية قوية بين استخدام الشباب للسوشيال ميديا ومستوى المسئولية الأجتماعية لديهم ، كلما زاد التعرض كلما انخفض الشعور بالمسئولية .
وليس ببعيد عن الدراسات العلمية ، يتكشف الواقع أمام أعيننا صارخًا بهذه النتيجة ، فعندما تهمل الأم دورها بالتربية والرعاية وتركز اهتمامها على بوستات السوشيال ميديا والريلز الخاصة بالفنان الفلاني أو البرنامج العلاني ، أو عندما يتحلل الزوج من دوره داخل المنزل والاهتمام بأبنائه والاكتفاء بقضاء الأمسيات مع الشات والتعليقات ، وهكذا الأبناء ، كلٌ في وادٍ ، متخلياً عن مسئولياته الشخصية والمجتمعية .
هنا يجب التوقف للحظات، لنسأل أنفسنا هل ما نفعله في ستين بالمائة من الوقت إن لم يكن أكثر سليم ؟ هل إهمالنا لأدوارنا ومسئولياتنا المجتمعية مقبول ؟ لعلنا ننفعل ويتملكنا الغضب حال حديثنا في موضوع مهم وحيوي مع أحدهم إذا ما وجدناه مشغولًا بهاتفه ولا ينظر نحونا . فما بالك بمن يترك حياته تمر تحت أنفه ، بل وحياة أبنائه دون أدنى اهتمام .
الأجيال التي نربيها الآن هي مستقبل هذه الأمة ، فإذا ما حُرمت التربية والتوجيه والاهتمام فهل هناك من مستقبل ؟!! نعم سيكون هناك مستقبل، فهذه طبيعة الحياة وسيرة الأيام ،ولكن سيكون مستقبلًا مشوهًا مفككا ، لا صلة بين عناصره، يستقي معارفه ومعتقداته من السوشيال ميديا والإنترنت، أباه وأمه الفيس والتيك توك ، وللأسف بدأت بشائره في الظهور .