مقالات الرأى

راندا الهادي تكتب: الخيمة اللارمضانية!!

0:00

لم أخطئ عند كتابة العنوان بل هذا مقصودي بالضبط؛ فالخيم اللارمضانية أصبحت مظهرًا مستفزًا مثله مثل المسلسلات الدرامية التي لا تراعي حرمة الشهر الفضيل، و تتكلم عن رمضان غير الذي نتحدث عنه، فعندما يطالعني محركُ البحث بعنوانٍ لسهراتٍ لا تُنسى في (أجمد) الخيم الرمضانية في مصر، إذن فالمفاهيم اختلطت وأصبح شهرُ العبادة والتقرب من الله، شهر (أجمد) السهرات والليالي التي لا تُنسى!

وعندما تعمقتُ وأردتُ الاستزادة من المعرفة عن تلك الخيم اللارمضانية، وجدتُ أنها تَتبع مؤسساتٍ أو شركاتٍ أو أفرادًا تستغلها كواجهةٍ للشهرة والـ (بروباجندا) واستعراض الأموال والضيوف، فهذه شركة عالمية تقيم خيمة يحضرها نجوم المجتمع ويُحييها – وهنا الإحياء بالأغاني والراقصات – واحدٌ أو اثنان من مطربي المهرجانات، وتلك خيمة فارهة لرجل أعمال من العيار الثقيل يحج إليها فنانون وصحفيون (درجة أولى) وتنتشر صور وفيديوهات عنها في طول وعرض الـ (سوشيال ميديا)، أما هذه فخيمة إيجار بفندق سبع نجوم، تحت الطلب، يوم للاعب كرة ويوم لعضو برلماني، ويوم لدار نشر، وهكذا دواليك.
ومع أول يوم من رمضان يبدأ ماراثون الخيم اللارمضانية، الذي لا أجد فيه حسنة واحدة سوى حركة الرواج التجاري التي تطلقها، سواء عند بيوت الأزياء لصنع أبهى العبايات والأزياء الرمضانية لمرتادي الخيم، أو المطاعم والفنادق التي تقدم الخدمة طوال السهرة، أو فئة السُّيَّاس لرَكن العربات الفارهة، من البقشيش الذي يحصلون عليه بعد فض الخيمة.

لكن السؤال: هل يجوز أن نقول على هذه السهرة الملونة خيمة بل ورمضانية؟! بالطبع لا يجوز؛ لأن أصلَ الخيم الرمضانية _ وفقا للتاريخ _ يعود للعصر الفاطمي، حيث كانت مكانا لتقديم الطعام للفقراء والمساكين، ومقرًّا لمحبي الاستماع لقراء القرآن والمنشدين المُعتبرين، كما كانت مركزًا في وقتٍ ما للشعراء والأدباء وطرح ومناقشة جديدهم.

هذا ما نطلق عليه خيمةً رمضانية، أو ما اتُّفق على تسميته بهذا الاسم، أما (أجمد) السهرات فستجدها، ولكن بعيدا عن رمضان، ورُوحانيته، وأجوائه الإيمانية، وإن كنتُ أرفض هذا النوع من الخيم قيراطًا فيما سبق، فرفضي زاد على الأربعة والعشرين قيراطًا حاليا؛ حيث لا يخفى على أحد التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد وحالة التقشف التي تعيشها معظم الأسر بسبب تنازلها عن رفاهيات لضمان توافر الأولويات من مأكل ومشرب و ملبس، انتبهوا يا سادة … لقد طفح الكيل.

زر الذهاب إلى الأعلى