منوعات وسوشيال

” الفركة النقادي ” صناعة فرعونية قديمة الأشهر عالميا تتحدي الزمن في قنا

قنا - محمد فتحي

حرفة قديمة  تُصنع بأنامل قنائية منفردة تواجه الاندثار تجاوز العاملون بها في مدينة ” نقادة ” القنائية 80% من أبناء تلك المدينة جار عليهم الزمن حتي تضآل عددهم ليتقلص إلي نحو 150 عاملًا فقط ينتظرون تدخلًا حاسمًا من الدولة يحمي تلك الصناعة من شبح الاندثار ويحفظ لصانيعها مصدر رزقهم الوحيد بل ويحقق ناتجًا قوميًا لا يُستهان به .
صناعة فرعونية قديمة ” الفركة ” صناعة فرعونية قديمة بدأت منذ آلاف السنين اشتهر بها المصريون القدماء، وتوارثها سكان مدينة ” نقادة ” جنوبي محافظة قنا الذين حافظوا على تلك الحرفة لآلاف السنين، وتميزوا بمهارتهم وبراعتهم فيها، حتى باتت نقادة المدينة المصرية الوحيدة على مستوى العالم المتخصصة فى صناعة ” الفركة ” والتي لا تزال صامدة رغم كل المخاطر التي تهددها بالاندثار.
ماهي الفركة ؟  ” الفركة ” هى خيوط مصبوغة من الحرير أو القطن تُصنع منها أشكال من الأقمشة أهمها ” الشال النقادي ” الأشهر علي مستوي العالم . قصة معروفة لتسمية الفركة بهذا الاسم قصة معروفة رواها أهالي نقادة بقنا ، أن الفركة اسم سودانى، وكانت السودان أكبر مستورد للشال الحرير المُصنع يدويًا، والذى كان عنصرًا رئيسيًا فى جهاز الفتاة السودانية، ويقال إنه لم يكن يجوز للفتاة أن تتزوج دون أن تمتلك هذه الشيلان، كما كان هناك اعتقاد فى بعض الدول الأفريقية بأنها تجلب البركة.
مراحل التصنيع صناعة ” الفركة ” والتي تتحول فيها خيوط الحرير أو القطن إلي أشكال رائعة تتم داخل ورشة يجلس بها صانعي ” الفركة ” على إحدي أدوات تلك الصناعة ويسمي ” نول” خشبى مستخدمًا إحدى يديه فى ضم الخيوط لبعضها البعض، واليد الأخرى فى ضرب ” المكوك ” يمين ويسار طرفى النول ذهابًا وإيابًا،أما قدميه فيمدها أسفل حفرة النول لتحريك الجزء السفلى من النول.
و” النول ” يتكون من العديد من القطع الخشبية ، فهناك النير أيضًا الذى يُستخدم لضبط الخيوط وعدم تداخلها مع بعضها،والمشط الذى يُستخدم لضم الخيوط مع بعضها البعض، وهناك المكوك الذى يُستخدم لشد الخيوط أمام النول يمينًا ويسارًا، ويمكن أن نستخدم أكثر من مكوك، على حسب الرسمة الموجودة على الشال، بالإضافة إلى البكرة وهى كرة الخيط ، هذه أدوات النول التى يستخدمها الصانع ، ويشكل من خلالها شيلان مختلفة الأشكال والألوان.
حُقبة الازدهار لعل أبرز فترات إزدهار تلك الصناعة هي حُقبة ” الستينيات والسبعينيات ” فقد كانت العصر الذهبى للفركة، حتي يمكن القول أن إن مدينة نقادة بكاملها كانت تعمل فى صناعة الفركة، وهى الفترة التى كان خلال يتم تصدير ” الشال النقادى” للسودان والعديد من الدول الأفريقية الأخرى، وكانت المكاسب التى يحققها العاملون فى هذه الحرفة كبيرة، مما شجع أهالى المدينة سواء سيدات أو رجالًا على تعلمها والعمل فيها. أسباب تراجع صناعة ” الفركة ” لم يستمر وضع إزدهار تلك الصناعة كثيرًا، فمع حدوث بعض الأزمات السياسية مع السودان، توقف سوق مهم جدًا كان يتم الاعتماد عليه بشكل رئيسى لتسويق منتجات صناعة ” الفركة ” ، وأصبح الاعتماد مقصورًا على التسويق فى بعض المحافظات السياحية مثل” الأقصر، أسوان، والغردقة ” ومع تراجع السياحة قل الطلب على منتجات الفركة، مما أدى لإغلاق كثير من الورش، وتراجع عدد العاملين، ويمكن القول بأن عدد العاملين فى هذه الصناعة لا يتجاوز 150 بعد أن كان عدد من يعملون بها يصل لنحو 5 آلاف عامل ، وهو ما أدي إلي تراجع إقبال الشباب على تعلم هذه الصناعة العتيقة حتي أصبح محترفوها محدود للغاية ، ناهيك عن ارتفاع أسعار الخامات فقد وصل كيلو الخيط المصبوغ إلي 160 جنيهًا تقريبًا بعد أن كان لا يجاوز الـ 40 جنيهًا ، مع ارتفاع أجور العاملين بتلك الصناعة التي باتت تواجه خطرًا داهمًا يستلزم تدخل الدولة للحفاظ علي هذه الصناعة التراثية .
ولعل من أبرز أسباب التراجع لهذه الصناعة والتي يُعددها صُناع ” الفركة ” أيضًا والتي تتمثل في ضعف الأجور ومشاكل التسويق، فضلًا عن تجاهل  الدولة وعدم منحها الاهتمام المناسب للحرف التراثية، على الرغم من العائد المادى الضخم الذى يمكن أن تحققه هذه الحرف كما هو الحال في ” الهند ” التي تُحقق ناتجًا قوميًا للحرف اليدوية يصل إلي 200 مليون دولار سنويًا علي حد قولهم .


زر الذهاب إلى الأعلى