أحمد فرغلي رضوان يكتب : أنف وثلاث عيون .. لماذا ؟!
منذ فترة لم نشاهد أفلام دراما نفسية وهو شيء جيد ويحسب لصناع هذا العمل الذي يستند من “بعيد” على رواية صدرت منذ أكثر من نصف قرن للكاتب إحسان عبدالقدوس وحاول صناع الفيلم عمل معالجة وسيناريو “عصري” كما ذكروا ! ولكن يبدو أن النص الأدبي والأعمال الفنية السابقة شغلت بال صناع النسخة الجديثة فوجدت في كل تصريحاتهم تأكيدا طوال الوقت أنها معالجة جديدة وأشياء أخرى! ولذلك تجد السيناريو مرتبكا في عدة أشياء مثل الخلط بين الماضي والحاضر في الديكور والموسيقى.
ولكن لماذا تم اختيار الرواية من الأساس طالما سيتم التغيير والإضافة والحذف في شخصياتها !؟
بعيدا عن المقارنة مع الأعمال الفنية السابقة عن نفس الرواية ولا أفضل عقد مقارنة هنا، الفيلم تجربة فنية جيدة ومن أفضل أعمال المخرج أمير رمسيس والمؤلف وائل حمدي.
السيناريو حاول تحليل شخصية البطل نفسيا وكشف سر رفضه للزواج رغم أنه تخطى منتصف الأربعينيات من خلال حوار بينه وبين الطبيبة النفسية ولكن السيناريو ذهب في نفس الوقت لتفاصيل شخصية الطبيبة المعالجة والتي تكشف عن اضطراب في علاقاتها الخاصة هي الأخرى!! ولذلك أصبحت شخصية الطبيبة غير مقنعة في جلسات علاجها للدكتور هاشم.
لماذا انشغل السيناريو بشخصية الطبيبة ونحن نتحدث عن البطل هاشم وعلاقاته النسائية الثلاثة ومشاكلها ا! هو أساس الفكرة والجمهور لديه فضول في التعرف على تفاصيل علاقات الدكتور هاشم الثلاثة وكان من الأفضل إعطاء تلك المساحة لشخصيتي أمينة و نجوى لأنهما من العناصر المؤثرة في حياة البطل إلى جانب شخصية رحاب التي ركز السيناريو فقط عليها وكان أفضل الخطوط الدرامية في الفيلم، رغم نهاية القصة بينهما وكذلك تطور قصة الحب كانت تحتاج إقناعا أكثر .
كذلك استخدام صوت الراوي للبطل كان أكثر من اللازم!
الفيلم تجربة مختلفة ويحسب لصناع الفيلم هذه المخاطرة “التجارية” ولكن لم يرحب بها الجمهور في دور العرض، هل المعالجة العصرية التي ذكرها صناع الفيلم لم تكن عصرية بما يكفي لإقناع جمهور السينما من الشباب ؟
كان يجلس أمامي ثلاث فتيات صغيرات سمعت ضحكاتهن كثيرا على عدد من المشاهد التي بدت ساخرة وغير مقنعة.
الأداء التمثيلي في مثل هذه الأفلام يكون صعبا خاصة البطل الذي يعاني نفسيا، وقدم ظافر العابدين شخصية الدكتور هاشم بأداء جيد وقدم مشاعر الحيرة والقلق والخوف للشخصية بشكل جيد .
أما سلمى أبوضيف هي مفاجأة الفيلم وقدمت أفضل أداء نسائي في الفيلم، كانت مناسبة جدا للشخصية وأداء تلقائي في أكثر من مشهد، رغم تشابه دورها مع فيلم شاهدته لها مؤخرا إلا أنها قدمت أداء مختلفا في العملين.
صبا مبارك لم تقنعني كثيرا في شخصية الطبيبة النفسية وأفضل مشاهدها كانت في الجانب الآخر للشخصية وتحديدا مشاهدها مع صديقها.
أمينة خليل ونورا شعيشع كان الأفضل أن يمنحهما السيناريو مساحة أكبر على حساب شخصية الطبيبة، خاصة شخصية أمينة لأنها كانت الأقوى في مواجهة هاشم بسلبياته.
بمناسبة الأعمال الروائية وتحويلها لأعمال سينمائية تذكرت حكاية واحدة من أشهر الروايات المصرية في السنوات الأخيرة عمارة يعقوبيان ، كنت أجلس مع علاء الأسواني وبعض أصدقائنا في جلستنا الأسبوعية في وسط البلد بالقاهرة وكان حاضر من لقاء جمعه مع الكاتب وحيد حامد للاتفاق على شراء رواية “عمارة يعقوبيان” ، وهنا قال أحد الأصدقاء أخشى أن “تبوظ” الرواية ! ويتم تغييرها فقلت لعلاء ماذا دار بينك وبين وحيد حامد ” كنت عندما صدرت الرواية اتصلت بالأستاذ عادل إمام وأخبرته بالرواية وردود أفعالها وشخصياتها المثيرة للجدل وفوجئت به يقول لي أنا سمعت عنها وسأقرؤها”
قال علاء تحدثنا في تفاصيل الرواية وقال وحيد حامد أخبرني أنه سيحافظ عليها ولن يعدل فيها ولا في شخصياتها وأحداثها، وقد كان ولم يغير وحيد حامد في شخصيات الرواية وأحداثها وحافظ على النص الأدبي.
أعتقد أن أي عمل أدبي مثل البناء المعماري إذا هدمت منه طابقا أو العكس يتم تشويه الشكل الجمالي له !