مقالات الرأى

أمجد مصطفى يكتب: أكلة لحوم الرموز

0:00

تمتلك مصر قاعدة كبيرة من الرموز، سواء الذين رحلوا عن عالمنا او ممن مازالوا على قيد الحياة، فى الطب و الفيزياء والسياسة و الفن و الرياضة و الهندسة،فى الادب و الثقافة، فى الدين فى شتى مجالات الحياة، وهؤلاء الرموز بمثابة ثروة قومية كبيرة،يجب الحفاظ على الحي وحفظ السيرة الخاصة بالراحلين من عبث العابثين، و عشاق التريند،و هواة الشهرة، و العودة للاضواء، خاصة من شعروا بانهم دخلوا دائرة النسيان، وللاسف خلال السنوات الاخيرة، ظهر تيار كل همه فرض رأية عنوة على الاخرين، والحديث بأسم الناس،و كأنهم زعماء حركة طلابية او حزب سياسى،و للأسف هؤلاء أكلة سيرة البشرة، الذين يخوضون فى السيرة الذاتية للرموز و يأكلون فيها كأكلة لحوم البشر،و لذلك وجب على الفئات الاكثر نضجا فى المجتمع، وقبلهم الدولة المصرية حماية رموزنا من أكلة لحوم السيرة الذاتية و الحياتية للمبدعين، نحن نعيش أزمة حقيقية منذ عدة سنوات،و البعض يروج للحرية من خلال تناول حياة الاخرين،والانقضاض عليها،رغم ان الحقيقة الثابتة هي أن حرية الفرد تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين،او عندما تشكل مشكلة للاخر، ومن يحاول تجاهل هذه الحقيقة الثابتة، فإن الأيام كفيلة بإثبات خطأ موقفه، ولا توجد حرية مطلقة مهما كان عمل او وظيفة هذا الشخص، فأحترام الرموز من احترام البلد و الوطن، لانهم يمثلون ثروتة فى شتى المجالات،هناك رموز رحلت ومازالنا نستفيد من علمها،رحل زويل و مازال العالم يستفيد مما تركة من ابحاث، مات نجيب محفوظ، ومازالت الناس تستفيد من رواياته وادبه، ماتت ام كلثوم ومازالت نجمة الغناء الاولى فى العالم العربى، و اسطورة عالمية، مات الشعراوى و مازال امام الدعاة، مات السنباطى ومازال نغمة حاضرا بقوة ، مات الشيخ جاد الحق و مازالت الناس تتذكر علمه.

فى كل المجالات لدينا علماء، لدينا يحيى المشد عالم الذرة،و فاروق الباز الذى يعتبر أشهر العلماء المصريين على مستوى مصر والعالم في مجال الجيولوجيا، مصطفى السيد صاحب مشروع علاج السرطان بجزيئات الذهب الحصال على قلادة العلوم الوطنية الأمريكية التي تعد أعلى وسام أمريكي في العلوم 2008.، محمد العريان ولم يختلف الأمر كثيرًا مع الدكتور محمد العريان الخبير الاقتصادي العالمي أول مصري يحصل على منصب رئيس مجلس التنمية العالمي التابع للبيت الأبيض، هاني عازرهو رجل الأنفاق المصري الألماني العالمي،الخ العلماء فى شتى المجالات هم كنوز الوطن، وهم ثروتها التى لا تقدر بمال، بينما من يتناولون سيرتهم هم فى الحقيقة ماتوا رغم انهم على مازالوا على قيد الحياة.
لذلك اتمنى من الدولة ان تحمى رموزها من هؤلاء الذين يدعون المعرفة، بسن قوانين تحميهم من اكلة لحوم الرموز، وصد تلك الهجمات الغير مبررة، مصر لم تعرف يوميا ان تدير ظهرها لعالم او لفنان، مصر لم تدير ظهرها لابنائها،و بالتالى علينا ان نحميهم بقدر ما اعطوا للوطن من فكر وثقافة و علم، كل علماء مصر كانوا يفخرون بالانتماء لبلدنا حتى الذين حصلوا على جنسيات اخرى،لم ينسوا مصر،بل كانوا حريصين كل الحرص عندما يتواجدوا فى اى محفل دولى ان يذكر اسم مصر،حتى لو انه ذهب ممثلا للدولة الاخرى التى يحمل جنسيتها،العلماء المصريين من اصول الدولة،وعلينا ان نحافظ عليهم، لأن الأمر زاد عن حده كثيرا،بشكل اصبح يستفز الناس فى الشارع قبل اهالى هؤلاء الرموز.

**منذ ايام اعلنت مجلة امريكية عن اختيار السيدة ام كلثوم ضمن اهم 200 مطرب على مدار التاريخ، وكم كنت سعيدا،ان الناس فى العالم العربى اعتبرت هذا الاختيار اهانة للسيدة ام كلثوم،لمجرد انها حلت فى المرتبة ال 66 ،و هو امر يؤكد قيمة ام كلثوم لدى الشعب العربى من المحيط الى الخليج،الكل رفض هذا التصنيف، معتبرين ام كلثوم لابد ان تأتى على رأس القامة،كل هذا يؤكد على امر واحد، ان الرموز دائما محصنون بحب الناس، طالما انهم تركوا ابداعا يفيد البشرية، وام كلثوم تركت ما لم يتركة فنان عربى فى العالم ، تركت ابداعا مازلنا نستمتع به،ابداعا كما القمر فى كامل هيئته يضئ الدنيا، هذا هو المبدع الحقيقى وهذا هو الجمهور الحقيقى الذى يدافع عن مبدعة، حتى لو كانت الاهانة فى صورة تكريم.

زر الذهاب إلى الأعلى