مقالات الرأى

وفاء بكرى تكتب: سماع الست ” فرض عين”

بالأمس مر 48 عاما على رحيل ” جسد” كوكب الشرق ” الست” أم كلثوم، مر قبلها أكثر من 60 عاما، والست ” تتسيد” قمة الغناء العربى، أكثر من قرن كامل والآذان العربية بل والعالمية تستمتع بصوت ” سومه”، هذا الصوت النادر الذى قيل عنه أنه يجمع بين طبقات الرجل والمرأة معا في الغناء، وهو ما جعلها قادرة على الصعود والهبوط بين هذه الطبقات بسلاسة شديدة، ووفقا للملحن حلمى بكر شفاه الله، كان صوت ام كلثوم يعلو على 2 تون، والتون الواحد 8 مقامات، بما يعنى أن صوتها 16 مقاما، يجعلها تنتقل بين المقامات بسهولة، مع اعجاز صوتها الذي كان يبلغ مساحته 3 اوكتاف، اى 3 أضعاف الأصوات العادية، كل هذه الاكتشافات في مساحات صوت “الست سومه” قد لا يجعل بالضرورة من يحب سماعها، ولكن ببساطة شديدة، من يستطيع أن يتجاهل وهو يعيش قصة حب جميلة مع الأيام الثقال مثلا ألا يستمع إلى ” سامحت بيك أيامى .. صالحت بيك الزمن .. نسيتنى بيك آلامى .. ونسيت معاك الشجن”، وكيف لا يجد “محب معاتب” لسان حاله فيما يعبر عنه صوت الست وهى تشدو:” بينى وبينك هجر وغدر وجرح في قلبي داريته .. بيني وبينك ليل وفراق وطريق انت اللى بديته”، وكيف يمكن لمن يستمع إلى :” انا وانت ظلمنا الحب بايدينا .. وجينا عليه وجرحناه لحد ما داب حوالينا .. محدش منا كان عايز يكون ارحم من التانى .. ولا يضحى عن التانى.. وضاع الحب ضاع .. ما بين عند قلب وقلب ضاع “، ليعيد “حساباته” مع حبيبه، ويجعل ” صوت الحب” هو الأعلى بعيدا عن ” العناد”.
هكذا هي الست ام كلثوم، لا يوجد شعور لم تنتبه إليه وتحوله إلى “غناء” يصل إلى القلوب والعقول معا، وبعيدا عن الغناء فإن مواقف سيدة الغناء العربى تجعلها ” سيدة المواقف” الأبية وليست المتملقة، فهى السيدة التي ردت كرامة المرأة المصرية عندما ناداها ” مستمع” فى إحدى البلدان العربية، كان حاضرا أمامها في واحدة من حفلاتها الخارجية، بلفظ اعتاده الأشقاء العرب، ولكنه في الثقافة المصرية ” معيب”، فردت عليه بقوة وحزم بكلمة :” اخرس.. قليل الأدب”. لم تخش أم كلثوم أي رد فعل من مسؤولي هذه البلد، التي تقيم فيها حفلاتها ولكنها اختارت ” الرد الفوري” الذى يحفظ كرامتها وكرامة بلدها التي تمثلها في الخارج، فما بين الغناء والمواقف الإنسانية و” السياسية” وغيرها يجعل الاستماع وحب الست أم كلثوم، هو ” فرض عين” على الجميع، نصيحة لمن لم يستمعوا إلى الست من شبابنا :” لا تضيعوا الكثير من عمركم في عدم سماع الست، عيشوا بمشاعركم مع صوتها، فلكل حادث حديث معها”.

زر الذهاب إلى الأعلى