وفاء أنور تكتب : رمضان الأمس ورمضان الآن
يقترب شهر رمضان ، فتتسارع الأسئلة بداخلنا ، وكأنها خرجت فى مسيرة لتطل علينا كما تطل فى كل عام ، يتكرر نفس السؤال : هل رمضان الأمس كان له سحر خاص ، وهل مشاعر الفرحة بمقدمه هى نفس مشاعر الآن .
لقد كان الفانوس المصنوع من خامات البيئة البسيطة يتأرجح بأيدينا كأنه كوكب أهدتنا به السماء لنفرح به ، وبأنواره التي تخرج عبر زجاجه الملون فتنعكس على أرض الشارع الذي نسير فيه لتعكس معها فرحتنا ، وبهجة قلوبنا .
لماذا لم نعد كما كنا بالأمس ؟ أهى المسئوليات التى حملناها فوق أكتافنا ، وثقلت بحملها طويلًا ظهورنا ، تمنيت كثيرًا أن أمتلك قلب ذلك الطفل الذى يسير إلى جانبي فى الطريق الآن وهو يحمل فانوسه الجديد ، لأخفض هامتي متجهة نحوه ، فأوجه له هذا السؤال : هل تشعر بالفرحة بقدوم شهر رمضان كما كنت أشعر أنا بها بالأمس ، كم تمنيت أن تكون هناك وسيلة لقياس المشاعر فطفل العصر الحالي بذاكرته المزدحمة بألعاب تكنولوجية عديدة تختطف جزءًا من فرحته مهما حاول استدعائها .
أتوقف وأحدث نفسي قائلة : إنه من المستحيل أن يكون طفل الآن هو نسخة متطابقة منا ، فنحن فى مثل عمره كانت حياتنا أبسط وأخلاقنا أرفع ، وأمنياتنا أيسر ، لعلنا نوجه تلك الأسئلة لأنفسنا مع قرب حلول شهر رمضان من كل عام ، لقد قمت بدور المراسل ونقلت لكم تلك الصورة التي وردت بخيالي فجئتكم بها ، وبما أحسسته الآن .
كانت العائلة هى حصننا الآمن ، كنا نهلل عندما يبدأ شباب الحي فى التحضير للزينات ، وعمل الفوانيس الكبيرة التي كان هيكلها يصنع من الخشب أو الحديد ثم يغلفونها بالورق الملون ويضعوا المصابيح بداخلها ، كنا نتجمع تحت أنوارها في ليالي شهر رمضان .
ألم أخبركم بأن الأسئلة مازالت تتسارع ، والأفكار بعدها تتلاحق ، والمقارنات لاتكف عن طرق الأبواب ، وخلاصة القول أن هناك شهرًا كريمًا يظلنا ويدعونا لنتعبد فيه كي نغسل همومنا في بحار رحمة ربنا التي وسعت كل شيء ، أدعوكم ونفسي للتقرب إلى الله ، عسى أن نتخلص فيه من تلال الأحزان ، ونودع فيه قتامة الإحباط ونوبات الخذلان .