نميرة نجم : اسرائيل قتلت ١٧ الف طفلا فلسطينيا ووصفهم بالإرهابيين؟
كتبت : أنس الوجود رضوان
قالت السفيرة د. نميرة نجم محام فلسطين أمام محكمة العدل الدولية ،و خبير القانون الدولي العام و الهجرة ،و مديرة المرصد الإفريقي للهجرة بمنظمة الإتحاد الأفريقي ان وجهة نظرها الإنسانية والأخلاقية وضميرها وبدون الإحتكام الي أي قواعد للقانون، لا أجد أي مبرر لقتل أكثر من 17 ألف طفل فلسطيني ووصفهم بالإرهابيين ، أن آلة الدعاية الاسرائيلية وحلفائها التي تدعم الإبادة الجماعية تخبرنا أن المراهقين لا يمكن أن نطلق عليهم أطفالاً، وحتى لو اتبعنا هذا الهراء، فماذا عن الأطفال حديثي الولادة، والأطفال في عمر 3 و6 أشهر، والأطفال في عمر 3 و5 سنوات ، هل هم أيضاً إرهابيون كما يزعمون؟ كيف يمكن تبرير هذا؟ الأمر يتجاوز فهمي وربما يكون لدى أحدكم إجابة، والتي أود أن أستمع إليها ! ففي إحدى المقابلات التي شاهدتها، قال أحد المتحدثين السابقين باسم الجيش الإسرائيلي، إنهم لا يستهدفون المدنيين وأن حماس فقط تستخدم المدنيين كدروع بشرية، بينما عرض البرنامج على الشاشة صوراً ومقاطع فيديو على العكس من ذلك ،لذا، يُطلب منا أن نكون مصابين بالعمي عما نراه وأن نستمع فقط إلى هذا الخطاب الإحتلال الإسرائيلي لقبول أي مبرر لاستهداف الأطفال بالقتل ؟ جاء ذلك في محاضرة تحت عنوان “حكم محكمة العدل الدولية بشأن فلسطين: بين القانون الدولي والسياسة”ألقتها السفيرة نجم أول أمس بدعوة من جامعة امستردام بهولندا في إطار سلسلة مشاركة الممارسين بكرسي جان مونيه، المسمى أثينا بالجامعة ودعم مركز أمستردام للدراسات الأوروبية .
واضافت نجم في محاضرتها وإذا تحدث أي منا نيابة عن الإنسانية وتحدى مثل هذه الرواية، فإننا نطلق عليه معاداة السامية، حسنًا، أولاً وقبل كل شيء، الشعب اليهودي سامي وكذلك العرب. علاوة على ذلك، إذا نظرنا إلى الوراء في التاريخ، في هذا الجزء من العالم، كان المسلمون واليهود والمسيحيون من جميع الأديان يتعايشون دون مشاكل ، فماذا حدث! أيضًا، إذا فكرنا في معاداة السامية مقابل معاداة الإسلام… ما الفرق؟ نحن نحب الناس ونكرههم بناءً على معتقداتهم!.. لماذا يجب أن أهتم كثيرًا بما هو معتقدك، طالما أنك لن تهاجمني لأنني مختلف.. ألا يمكننا أن نعيش ونترك الآخرين يعيشون… هذا هو نفس التمييز على أساس اللون أو العرق.. إنه يمثل أيديولوجية التفوق العرقي في جوهرها.
لذا فإن الإجابة على سؤالي هي لا، ليس بسببك أو بسببي، بل بسبب المصالح التي تغذي مثل هذه المشاعر ، فالحروب تعني الهيمنة، والإيرادات المالية لصناعة الأسلحة، والفوضى في بعض أجزاء العالم التي تسهل نهب مواردها، والحرب في غزة ليست مختلفة. فقط ابحث على الإنترنت واكتشف الرابط بين مبيعات الأسلحة والقرارات السياسية، ومن هو من في هذا المجتمع ، إنها ليست مؤامرة، بل هي مصالح.
و أشارت السفيرة انه بعد شهرين من بدء الحرب ضد غزة، صور رسم كاريكاتوري افتتاحي شخصين يقفان وسط الأنقاض المشتعلة يسأل أحدهما، “أين القانون الدولي؟”
ويشير الآخر إلى الحطام خلفه، قائلاً، “هناك تحت الأرض”.
هذه الصورة تحكي لنا الكثير عن اللحظة التي نعيشها. فالقوانين التي كان من المفترض أن تربطنا بالقيم الأساسية للإنسانية تنتهك يوميا، وتتراكم مثل الأنقاض التي بقيت من غزة.
وقالت محامية فلسطين اسمحوا لي أن أبدأ بسؤالكم جميعا.. هل تؤمنون بالمساواة بين البشر؟ أتمنى أن تؤمنوا بذلك لأن هذا هو جوهر الصراع الذي سأتناوله اليوم.. المساواة في السياق القانوني تعني أن الجميع متساوون أمام القانون.. في الحقوق والواجبات.. أليس ما نشهده اليوم يجعلنا نشك في هذا المبدأ الأساسي في مواجهة الفظائع التي لا لبس فيها والتي ارتكبت ضد سكان معزولين في غزة ماذا عن القانون نفسه!
وأوضحت خبير القانون الدولي العام إن اللجوء إلى القانون الدولي الذي يرسم نسيج العلاقات بين الدول منذ معاهدة إتفاقية ” وستفاليا ” أمر بالغ الأهمية للحفاظ على ما تبقى من هذا النظام، وإلا فإنه سوف ينهار دون أن يستفيد منه أحد ،وكان هذا هو المحفز وراء رفع ثلاث (3) قضايا تتعلق بفلسطين أمام محكمة العدل الدولية في العامين (2) الماضيين، وهي طلب الرأي الاستشاري لعام 2022 الذي قدمته الجمعية العامة للأمم المتحدة فيما يتعلق بالعواقب القانونية للاحتلال العسكري الإسرائيلي المطول للأراضي الفلسطينية ، والقضية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل عام 2023 فيما يتعلق بتطبيق اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1951 في غزة؛ وقضية نيكاراجوا ضد ألمانيا عام 2024 فيما يتعلق ببيع الأسلحة من قبل الأخيرة لإسرائيل والتي قد تستخدم في الإبادة الجماعية المزعومة في غزة من قبل القوات المسلحة الإسرائيلية ، ومن الأهمية بمكان أن نأخذ لحظة للتفكير في سبب لجوئنا على نطاق واسع إلى القضاء، على الرغم من أننا جميعًا نعلم أنه قد لا يكون لديه الكثير من القوة لتنفيذ قراراته.
وأكدت عضو فريق دفاع فلسطين أمام محكمة العدل ان هذا نابع من اليأس والاستسلام لمجلس الأمن والنظام السياسي العالمي الذي تهيمن عليه دول تريد منح دولة واحدة الحصانة الكاملة، في حين تحرم شعباً بأكمله من حق الوجود على أراضيه في مستقبل قاتم وتحاول خنق حقه في تقرير المصير ، والمحكمة تزودنا بالإيمان والأمل في خضم الواقع الصعب من خلال حيادها ونطقها بالقانون.
وشددت السفيرة علي ان نقطة انطلاقنا ليست غزة، ولكن قبل غزة بفترة طويلة، لسنوات كان اللجوء إلى المحكمة محل نقاشات عديدة وما إذا كان الوقت مناسباً لذلك ، وكلما كان هناك بصيص أمل للسلام، حاول الفلسطينيون اغتنامه وتأجيل اللجوء إلى محكمة العدل الدولية ، ولكن منذ صدور الرأي الاستشاري بشأن الجدار في عام 2004، والذي أكدت فيه محكمة العدل الدولية بوضوح على حق الفلسطينيين في تقرير المصير وأن اتفاقيات جنيف تنطبق على كامل الأراضي الفلسطينية بما في ذلك الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية ، تدهورت الأمور بشكل كبير بالنسبة للفلسطينيين واستولت إسرائيل ومستوطنوها على المزيد من الأراضي، وتشرد المزيد من الفلسطينيين وواجهت غزة حصارًا لمدة 17 عامًا وأصبح حق تقرير المصير بعيد المنال.
واضافت محام فلسطين إن مثل هذا الوضع يستحق اللجوء إلى مبادئ القانون، ومن ثم محكمة العدل الدولية. وكان التدهور الشديد في الأراضي المحتلة من التمييز العنصري إلى المستوطنات، إلى الإذلال اليومي عند نقاط التفتيش والتعذيب والاعتقالات والتحرش الجنسي في السجون الإسرائيلية دون ارتكاب جريمة كافية لطلب من المحكمة إعلان احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية غير قانوني.
و شددت السفيرة علي ان هذه القضية من وجهت نظرها القانونية ثقتنا بالقانون الدولي والأخلاق ،فقد أعلنت محكمة العدل الحق الأصيل للشعب الفلسطيني في تقرير المصير وشجبت الفصل العنصري ضده في القوانين الإسرائيلية ،ومع ذلك، فإن عدم تنفيذ قرارات محكمة العدل الدولية وقرارات الأمم المتحدة الأخرى قد يستحق رأيًا استشاريًا آخر ، وقد أعقب الرأي قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة يتضمن وصفة مفصلة للالتزامات القانونية ليس فقط لإسرائيل بل ولجميع الدول ، وتضمنت هذه القائمة الطويلة لقرارت محكمة العدل مطالبة إسرائيل بإنهاء الاحتلال خلال 12 شهراً، وسحب قواتها، ووقف التوسع الاستيطاني غير القانوني، وإعادة مستوطنيها إلى إسرائيل، ووضع حد للفصل بين الشعبين العربي واليهودي، والذي يراه الجميع بمثابة فصل عنصري، وإعادة كل الأراضي المصادرة بعد عام 1967، والسماح للنازحين بالعودة إلى ديارهم، وتعويض الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين عن الأضرار، وعدم إعاقة ممارسة الفلسطينيين لحق تقرير المصير، والالتزام بالتدابير المؤقتة التي أصدرتها محكمة العدل الدولية في قضية الإبادة الجماعية ، أما فيما يتعلق بالالتزامات ذات الصلة بالكافة بالنسبة لبقية العالم، فقد أصر القرار على تضمين جميع أنواع التدابير التي ينبغي للدول الامتناع عنها حتى لا تساعد في إطالة أمد الاحتلال الإسرائيلي ، بل إنه في الواقع، أوضح بالتفصيل كيف ينبغي أن تبدو حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات ضد إسرائيل من التزامات المعاهدات والتجارة والاستثمارات إلى التزامات الكيانات الخاصة بعدم المساعدة في استمرار الفعل غير المشروع ، وعلاوة على ذلك، فقد ذُكرت للمرة الأولى على الإطلاق العقوبات المفروضة على إسرائيل. وأقتبس هنا: “يدعو جميع الدول… بما يتفق مع التزاماتها بموجب القانون الدولي إلى: (ج) “تنفيذ العقوبات، بما في ذلك حظر السفر وتجميد الأصول، ضد الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين المتورطين في الحفاظ على الوجود الإسرائيلي غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك فيما يتصل بعنف المستوطنين”.
وركزت نجم علي ان هناك بعض النقاط التي يمكنني استخلاصها من هذا ، أولها دراسة إرادة الدول الخمس الدائمة العضوية عندما أنشأت محكمة العدل الدولية ، وخاصة عندما يتعلق الأمر بتفويض الرأي الاستشاري، فقد تكون هناك حاجة إلى النظر في الدراسات التي أجريت بشأن اعتراضات الدول الخمس الدائمة العضوية على اختصاص المحكمة، على الأقل في القضايا التي بحثتها وعملت عليها، كان من المعتاد أن يكون لدينا مذكرات تطعن في اختصاص المحكمة، بينما في الرأي الاستشاري بشأن قضية تغير المناخ، عندما تبنت الجمعية العامة الطلب بالتزكية، لم يطعن أحد في اختصاص المحكمة، ولكن العديد من كبار الدول الملوثين للبيئة وكوكب الارض بما في ذلك بعض الدول طلبت من المحكمة عدم تفسير الالتزامات كما هو منصوص عليه في أدوات القانون الدولي، بينما في الواقع هذا هو جوهر السؤال المطروح أمام المحكمة. لذا يتساءل المرء عما إذا كان القصد منذ البداية هو إبقاء هذا التفويض بالرأي الاستشاري على الرف بدلاً من تفعيله.
وشددت السفيرة إن محكمة العدل الدولية هي إحدى وسائل تسوية النزاعات ودياً، ولا ينبغي لها أن تخضع لكل هذه الضغوط الهائلة بسبب الديناميكيات السياسية ، بل على العكس من ذلك، إذا كانت الدول القوية لا تزال تريد التمسك بأرضية أخلاقية نسبية، فإنها تحتاج إلى دعم المحكمة، والاستمرار في مصالحها ، ولكن للتمسك بأرضية أخلاقية أعلى، نحتاج إلى موازنة المصالح مع الإنسانية.. فلا يمكن تشويه مقياس العدالة بشكل كامل.
وسلطت محام فلسطين الضوء علي القيمة القانونية لكل من الرأي الاستشاري وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة لتنفيذه، فسوف تخرج أصوات عديدة مرة تلو الأخرى قائلة دعونا نذكركم بأن هذه ليست إلزامية.. وليست ملزمة، وغير ملزمة، مثل القضايا الخلافية، إنها مجرد توصيات.
و حتى لو ناقشنا ما إذا كان الحكم ملزماً أم لا، فإن الالتزام ينبع من المعاهدات والقانون الدولي العرفي الذي قبلت الدول الالتزام به ، لذا، ففي هذا السياق، لا تقوم محكمة العدل الدولية ولا الجمعية العامة بوضع القواعد، بل إنهما تذكراننا ببساطة بوجودها وأن من المفترض أن ننفذها ، وفي إطار نظام الأمم المتحدة وميثاقها، يتعين علينا أن ندرس العواقب المترتبة على الاستمرار في إنكار الالتزامات القانونية المفروضة على الدولة أو الدول بموجب المادتين 2 و25 من الميثاق.
وأضافت نجم بالنسبة للقضايا الأخرى، ذكّرت محكمةً العدل الدولية ألمانيا وجميع الدول بالتزاماتها بضرورة بذل العناية الواجبة لضمان عدم استخدام أسلحتها في انتهاك لقوانين الحرب والقانون الإنساني الدولي ،ولم يتبين بعد، مع استمرار التطورات على الأرض، ما إذا كانت المحكمة ستتخذ تدابير مؤقتة في هذه القضية أم لا ؟ أما بالنسبة لقضية الإبادة الجماعية، فإذا فكرنا في عالمنا اليوم، فهذه هي المرة الأولى التي نشاهد فيها إبادة جماعية حية يتم بثها بسبب التقدم التكنولوجي الذي لم يحدث في فظائع مماثلة سابقة ، بالطبع، تستغرق الوسائل التقليدية للقانون لإثبات حدوث الإبادة الجماعية أو عدم حدوثها وقتًا ، ومع ذلك، من المهم أن نلاحظ أن الإبادة الجماعية لا تتعلق بعدد الأشخاص الذين قتلوا في الفعل، بل إنها تتعلق بقصد التدمير المتعمد لمجموعة ما كليًا أو جزئيًا. ولم يهدر أعضاء الحكومة الإسرائيلية الحاليون دقيقة واحدة دون تذكيرنا بنيتهم في تطهير الفلسطينيين عرقيًا والاستيلاء على جميع أراضيهم، في حين يعتبرون قتل النساء والأطفال وبتر أطرافهم والاستمرار في تهجير الملايين من حقهم ، لقد طالبت محكمة العدل الدولية بوقف إطلاق النار ووقف الأعمال العدائية ضد شعب غزة لمنع إبادة جماعية محتملة ، ولكن دون جدوى حتى الآن.
وتساءلت محام فلسطين تخيل للحظة واحدة فقط أن أحد جيرانك، ألمانيا أو بلجيكا، يهاجم القرى والمدن القريبة من حدودك ويضغط عليك لاستقبالهم كما لو أن لديك مساحة فارغة في بريدا أو خرونينجن -منطقة في هولندا- وعندما تشتكي يشيرون إليك كمذنب لأنك لن تتنازل عن جزء من أرضك، وهذا هو الوضع في سيناء وغزة ، وتخيل موقفًا افتراضيًا آخر، تخيل أن بعض الجيران يأتون لزيارتك ثم يطردونك من منزلك ويعلنون أنه ملكهم وجميع السلطات تقبل ذلك ، وبالتالي تصبح مشردًا، وهذا ما يفعله المستوطنون الاسرائيليون في المنطقة بأكملها ليس فقط غزة ولكن الضفة الغربية والقدس.
وتساءلت نجم لماذا غزة إذن ؟ إنها شريط صغير يطل على البحر الأبيض المتوسط ، يُظهر لنا التاريخ الجيوسياسي أهمية هذه المنطقة، لطرق التجارة والشحن والقرب من أوروبا ، وتساعد إسرائيل القوى المهيمنة على الاستمرار في الاستفادة من مشروعها حيث سيكون هناك سباق تسلح لا نهاية له في المنطقة لضمان التوازن، وبالتالي بدلاً من التركيز على التنمية، ستركز الإنفاق على الجيوش وستذهب الفتات للتنمية الاجتماعية والاقتصادية ، و حتى الآن، وبينما أنهينا للتو مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين لقمة المناخ ، لا يسع المرء إلا أن يتساءل لماذا لا تشمل كل الدراسات حول العدالة المناخية وعوامل التلوث الأضرار البيئية الناجمة عن استخدام الأسلحة! إنها مجرد قضية منسية!
و أكدت محام فلسطين إن اكتشاف ثروة الغاز الطبيعي في البحر الأبيض المتوسط أصبح صداعًا لبعض القوى، لماذا! لأننا سيعودوا إلى السبعينيات وأزمة النفط، ولن يتركوا كل هذه الموارد في أيدي ذلك الجزء من العالم مرة أخرى ، ومع ما يقدر بنحو 4 مليارات دولار سنويًا من غازها في المياه الإقليمية الفلسطينية، فلن تعيش فلسطين بعد الآن على المساعدات الأجنبية، ويمكن للفلسطينيين بناء بلدهم ، وهذا سيكون تهديدًا مباشرًا لشبكة المصالح التي هيمنت ولا تزال تهيمن على هذا الجزء من العالم لعقود من الزمان ، لذا، فإن الهدف هو التأكد من التخلص من سكان غزة في الشمال وعدم السماح لهم بالعودة!
وشددت نجم علي أنه مع منع المساعدات عن القطاع، سيموت المزيد ويصبح المجتمع الدولي مسؤولاً عنهم بدلاً من القوة المحتلة الإسرائيلية التي لم تقتلهم وتشردهم فحسب، بل منعت أيضًا دخول الغذاء والدواء لإنقاذهم؟
وإن الخوف الحقيقي الآن هو أنه إذا تم التوصل إلى وقف إطلاق النار، فإن كل وسائل الإعلام القوية سوف تغسل أدمغتنا، والاحتفال به والمحاسبة سوف تنسى. ولهذا السبب نحن بحاجة إلى القانون لتذكيرنا بذلك.
وأشارت السفيرة أن بعضكم قد يتساءل ما الفائدة من القانون إذا كان كل هذا خارج أيدينا وستستمر القوى المهيمنة في رسم الخريطة بناءً على مصالحها ، أود أن أقول إن القانون هو ما يجب أن يكون والقضاء الدولي لا يزال يذكرنا بهذه الحقيقة ، و مع مذكرات الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية ضد المسؤولين الإسرائيليين، نشهد عصرًا جديدًا، لم يعتقد أحد في ألمانيا النازية أن مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية سوف يحاكمون على الإطلاق، نفس الشيء بالنسبة لرواندا ويوغوسلافيا السابقة، على الرغم من كل الظلام ،هناك ومضة من الضوء تمنحنا الأمل في الحياة والإنسانية.
وأفادت نجم لقد بدأ الإجماع ينشأ بين المؤيدين والمنتقدين لسياسات إسرائيل على أن الوضع الحالي غير قابل للاستمرار. ولكن لا توجد في الأفق أي عملية سلام قابلة للاستمرار ، إننا في احتياج إلى عملية جديدة، عملية تستند إلى القانون الدولي وتسترشد بالرأي الاستشاري ــ وهي العملية التي تضع نهجاً قائماً على الحقوق وتتصور مستقبلاً حيث يحصل كل من الإسرائيليين والفلسطينيين على العدالة المستحقة لهم والسلام الذي يحتاجون إليه.
لقد سمعت السفير الهولندي السفير أريك أدير في يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني الماضي والذي أبوه قس انقذ عدد ضخم لليهود من النازية في هولندا و انه في رحلته الاولي الي اسرائيل و فلسطين والتي غيرت وجهت نظره واكتشفه ان ماتدعيه اسرائيل ان الارض الفلسطينية التي احتلتها لم يكن عليها فلسطينين و كانت ارض مجهورة لم يكن صحيحا، وعندما عاد مرة اخري اسرائيل لزيارة مجموعة من الاشجار التي زرعها الاسرائيليون بمايفوق ٣٠٠ شجرة بعدد من انقذهم ابوه من اليهود من النازية في الحرب العالمية الثانية ، و لكنه اكتشف ان هذه الاشجار تم زراهتها بعد اقتلاع اشجار الزيتون التي زرعها الفلسطنيون علي أرضهم في ذات المكان قبل التخلص منهم ، فرفض هذه السلوك والتصرف وقرر ان يزرع في منطقة اخري للفلسطينين اشجار زيتون بنفس عدد الاشجار التي زرعها الاسرائيليون تكريما لوالده .
وعلقت نجم بصراحة، مع صمود الشعب الفلسطيني، فإن استمرار قانون الغاب هو لعبة محصلتها صفر، ولن يكون هناك رابح ؟ قبل أيام قليلة، حضرت احتفال يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني (29 نوفمبر) ولم أستطع حبس دموعي وأنا أستمع إلى رسالة شكر من الناجين النازحين في غزة يشكروننا على وقوفنا رمزياً في تضامنهم، بينما نحن نجلس في غرفة دافئة لطيفة في لاهاي ، يا لها من لحظة مخزية عندما يشعر المرء بالعجز عن مساعدة المحتاجين ، لهذا السبب يجب أن نبذل قصارى جهدنا لدعم سيادة القانون واسمحوا لي أن أنهي بما قاله الشاعر الوطني الفلسطيني محمود درويش
“على هذه الأرض ما يستحقّ الحياةْ: على هذه الأرض سيدةُ
الأرض، أم البدايات أم النهايات.
كانت تسمى فلسطين..
صارتْ تسمى فلسطين.
سيدتي: أستحق، لأنك سيدتي، أستحق الحياة.
وأضافت نجم في نهاية كلمتها : و أنا أقول “verdienen allemal het leven”،
“نحن جميعنا نستحق الحياة”.
وقام د . ديميتريس بوريس “يوناني” استاذ العلوم السياسية بجامعة امستردام ويشغل كرسي جان مونيه بالجامعة بتعريف و تقديم محاضرة السفيرة نميرة نجم قائلا : قبل عام، اجتمعنا في هذا المكان مع فرانشيسكا ألبانيز، عمر البرغوثي، وإيريلا جراسياني، لمناقشة الأوضاع في غزة. كنا نأمل ألا تتفاقم الأمور، لكننا كنا نخشى الأسوأ بسبب التصريحات العلنية لمسؤولين إسرائيليين يدعون صراحة إلى محو الفلسطينيين وغزة.
وأضاف اليوم، نحن أمام كارثة إنسانية تُبث على الهواء مباشرة، تتجاوز الإبادة الجماعية في غزة إلى تصعيد الحرب إلى لبنان. الأرقام المروعة التي تصدر عن غزة ليست مجرد إحصائيات؛ إنها تروي قصصًا عن معاناة لا يمكن تصورها.
وفقًا للأرقام الرسمية، قُتل أكثر من 16 ألف طفل فلسطيني “تزداد يوميا” ، وتقارير “لانسيت” تشير إلى أن العدد الحقيقي للضحايا في غزة قد يصل إلى 186 ألفًا ، وهناك
902 عائلة فلسطينية تم محوها بالكامل من السجلات. جميع أفراد العائلة – الأجداد، الآباء، الأبناء، والأحفاد – قُتلوا ، والأطباء يُجبرون على إجراء عمليات بتر للأطفال بدون تخدير بسبب نقص الموارد.
وأكد رغم هذا الكم الهائل من الأدلة، ما زالت الأوساط الأكاديمية والدولية تتجادل حول ما إذا كان ما يحدث يمكن تصنيفه على أنه إبادة جماعية. الخبراء في القانون الدولي والإبادة الجماعية يؤكدون أننا أمام إبادة واضحة. وكما قال ديزموند توتو: “إذا كنت محايدًا في مواقف الظلم، فقد اخترت جانب الظالم.”
وأضاف ما يحدث في فلسطين ليس فقط انتهاكًا للقانون الدولي، بل تحديًا صارخًا له. إذا كان القانون الدولي يعني شيئًا، فيجب أن يوصف هذا الدمار بما هو عليه: إبادة جماعية ، وللأسف، الجامعات التي يُفترض أن تكون معاقل الفكر الحر تتجنب اتخاذ مواقف مبدئية بشأن فلسطين ، كثير من الأكاديميين يفضلون الحياد بدعوى “الموضوعية” ، يتم قمع الطلاب والأساتذة الذين يعبرون عن تضامنهم مع فلسطين. في هذه الجامعة، تم تفكيك معسكرات تضامن الطلاب بالقوة، وتم التعامل مع الطلاب بوحشية لمجرد احتجاجهم ، ويتم تصنيف الأكاديميين والطلاب المدافعين عن فلسطين كـ”ناشطين” بدلاً من الاعتراف بعملهم القائم على الأدلة والمعرفة الأكاديمية ، و كما قال إدوارد سعيد: “لا شيء أكثر استنكارًا من تلك العادات الذهنية لدى المثقف التي تجعله يتجنب اتخاذ موقف صعب ومبدئي.”
ونوه أنه في العام الماضي، قدمت فرانشيسكا ألبانيز رؤى قوية حول الوضع في غزة، مشيرة إلى أن المجتمع الدولي يتحمل جزءًا كبيرًا من المسؤولية بسبب صمته وتواطئه. ألبانيز، التي عملت كمقررة أممية خاصة في الأراضي الفلسطينية، كانت واضحة في إدانتها للاحتلال الإسرائيلي، مؤكدة أن ما يحدث في غزة ليس فقط نزاعًا عسكريًا، بل هو فصل جديد من مأساة مستمرة.
وأوضح رغم كل هذه المآسي، الأمل موجود. يظهر في الأطفال الفلسطينيين الذين يبتسمون وسط الأنقاض، وفي الطلاب الذين يرفضون الصمت، وفي كل صوت يجرؤ على مقاومة الظلم ، وكما قال ديزموند توتو: “إن حقوق الإنسان تُحمى بالدفاع عنها والانحياز إلى المظلوم، وليس بغض الطرف.”
وكانت السفيرة عرضت أثناء المحاضرة عدة صور توضيحية أحدها مجموعات خرائط متلاصقة تبرز تطور إستيلاء الإسرائيلي علي الأراضي فلسطين منذ ١٩٤٨ حتي وقتنا الحاضر و الذي عرضت علي محكمة العدل الدولية أثناء قضية عدم شرعية الإحتلال الإسرائيلي لاسرائيل .
و قام أولي ستيجر “سويسري” أستاذ القانون بجامعة أمستردام بفتح و إدارة النقاش بين السفيرة و الحضور عقب إلقاء المحاضرة ، و حضر اللقاء ستيفن هيل “أمريكي ” الأمين التنفيذي للمعهد الدولي للعدالة وسيادة القانون (IIJ) بمالطا ، و المستشار القانوني السابق لحلف الأطلنطي .