مقالات الرأى

مشيرة موسى تكتب: “نحو الأمية”

هناك فارق كبير بين كل من شعار”محو الأمية “و شعار “نحو الأمية”.الشعار الأول “مجاني” تقريبا….والشعار الثاني مكلف جدااااا….الأول يسعون اليه….والثاني يسعي إلينا…. ما كل هذه “اللخبطات”….منذ سنوات قليلة سألت ابن حارس العقار ، في حي مصر الجديدة ، عن بلاءه في الدراسة (الصف الأول الاعدادي) لاكتشف انه بالكاد يكتب اسمه…”بلاء فعلا”…طفل يذهب الي المدرسة لسنوات…ولا يعرف القراءة ويعتمد علي الغش لسنوات طويلة…ليصبح الغش مبدأ للأسف… في نفس الوقت كان ابني ، الذي يكبره قليلا ،يستعير خلسة ،كتب التاريخ من مكتبتي ،ليقرأها خلسة ايضا في الحمام ،بعيدا عن كتب المدرسة المملة جدا…. لأكتشف ذلك عند إفراغ سبت الغسيل…الحقيقة كان ادمانه للقراءة يسعدني وكنت اتندر قائلة(انت لو بتدخل الحمام بالكثرة دي ،كان زمان جالك جفاف)…وفي النهاية توصلنا الي اتفاقية عظيمة بسرعة إنهاء الواجبات والتفرغ للقراءة المفيدة….فالقراءة والمعرفة لهم احترامهم… اما ابني الصغير فقد كان محبا لمجلة ميكي وميكي جيب….وكان لدينا بالمنزل مجلدات كثيرة لميكي حبيب الأطفال والكبار…. منذ سنوات طويلة…تعرفت علي سيدة فاضلة دعتني الي زيارتها في مقرها المفضل “فصول محو الأمية ومقرها مركز شباب امبابة”…الحاجة عفاف عز هي الأم الحقيقية للألاف من الحاصلين علي شهادة “محو الامية “في امبابة….بل انها سعت واسست فصول جديدة ، ليحصل الكثير من هؤلاء علي شهادة الإعدادية… شرفت عندها برؤية… “صبي العجلاتي” الذي جاء ليمحو اميته… وسعدت برؤية “الجد” الذي شعر بالخجل عندما سأله حفيده عن كلمة ،فلم يعرف يقرأها….وسعدت برؤية ” ام وابنتها “تشجعان بعضهما علي التعلم….رأيت عندها الكبار والصغار… رأيت عندها من يهرع للفصل ومن أتى علي كرسي متحرك…. مرة اخري… ما كل هذه “اللخبطات” …هناك خلل ما عندنا… قديما قالوا “التعليم في الصغر ، كالنقش علي الحجر”… علينا أن نحبب جميع الأطفال في الدراسة…الجميع يجب أن يتعلم القراءة والكتابة والحساب…ولكن قد يفضل بعض هؤلاء التعليم الفني أو الزراعي بكافة مجالاته…وأرجو ألا يعتقد البعض أن هذه نظرة طبقية عنصرية الي اخر هذه المسميات الوهمية…فأنا اعرف ابناء الكثير من الاصدقاء الذين فضلوا فتح “ورش “إصلاح سيارات وصناعة اثاث.. بل أيضا عربات طعام…كلهم لم يحصلوا علي شهادات جامعية ولكن حصلوا بنجاح علي شهادات “انا انسان ناجح متعلم ، خططت لحياتي .. حققت طموحاتى”.
زر الذهاب إلى الأعلى