مشيرة موسى تكتب : عملتى إيه للناس النهارده؟؟
دردشة للستات .. بس.
عمركم عملتم خير وندمتم ؟؟؟ ابويا الله يرحمه كان كل يوم يسألني… عملتي ايه للناس النهاردة ؟؟؟ ده كان نهجه…وأعتقد أن الموضوع ده بييجي كده في الجينات…يعني ابويا ورثها عن جدي …وانا اخذتها عن ابويا… اتعلمنا ان العطاء نعمة كبيرة…
وجودي في مؤسسة الأهرام لفترة كبيرة ساعدني جدا وسهل لي أمور كثيرة الحمد لله…في ناس كانت بتيجي قصداني بالإسم …وفي ناس كانت بتدخل الأهرام تستنجد وزملائي في الريسبشن كانوا بيتطوعوا بترشيحي لحل المشاكل بأنواعها…من اول الاحتياجات المادية البسيطة الي المشاكل الكبيرة التي تحتاج تدخل كبار المسؤولين …
فعلا الناس كانت بتبقي فاقدة الأمل…أو زي ما بيقولوا…متعلقين بقشاية…
امال ايه حكاية الخدمة اللي في غير مكانها دي؟؟؟
احد هذه الخدمات كانت لشاب جأني مستنجدا بعد ان استنفذ مرات الرسوب في الثانوية العامة…الشاب طلب عمل “تغيير مسار”…ورفض طلبه ببساطة لاصابته بشلل الأطفال…كانت هذه هي المرة الاولي التي اسمع عن تغيير المسار (التحويل الي ثانوي تجاري)… الحقيقة غضبت بشدة…فهذا شاب لا يريد الاستسلام رغم ظروفه الصحية…والتعليم التجاري لا يحتاج لسيقان سليمة ولكن لعقل وقدرة علي استخدام الكومبيوتر… والذي اخترعه بالصدفة شاب مصاب بشلل الاطفال…كتبت المشكلة علي صفحات الأهرام…مستنجدة بوزير التربية والتعليم وقتها…وبعد ايام قليلة من النشر تم قبول تحويل أوراق هذا الشاب الي التعليم التجاري…مع إلغاء النص المجحف أيضا…الف بركة …نصر صحفي جديد أضيف الي تاريخي المهني…
ظل الشاب علي اتصال تليفوني وزيارات خاطفة للاهرام علي مدي سنوات بعدها…ماما انا نجحت…برافو يا ابني…ماما انا خلصت برافو يا حبيبي…ماما ابويا مات…البقاء لله يا ابني خللي بالك من امك واختك…ماما اختي بتتجهز…الف مبروك… ماما أمي ماتت وممعاييش ولا مليم …طيب يا ابني اتصرف دلوقتي وعدي عليه لما تقدر….الواد ما كدبش خبر وعدي تاني يوم…المهم خذ اللي ربنا قدرني عليه…ماما عايزين نستر البنت…مالناش غيرك….انا اتعلمت من استاذي عبد الوهاب مطاوع،الله يرحمه ويغفر له …ان الحالات دي لازم لها زيارات ميدانية …كنا في رمضان والدنيا حر… طلبت منه يعدي عليه في اليوم التالي …لاذهب معه الي بيتهم لمناقشة ما تحتاجه البنت…وطلبت من زميل عزيز التواجد في الزيارة…ولكن لظروف العمل تعذر ذلك…في اليوم التالي توجهت مع هذا الشاب الي منطقة من أفقر العشوائيات …قابلت فتاة زعم انها خالته….شعرت داخليا بالرعب… الحجرة التي دخلتها لا يوجد بها الا كنبة بلدي …عندما جلست عليها كادت ركبتاي ان تخبط في الحائط المقابل…الأخت لم تكن موجودة…قدمت واجب العزاء مرة اخري وقررت النزول فورا….سمعت حلفانات الدنيا …لازم تفطري معانا…اعتذرت ان اولادي في انتظاري …اعتقد اني فتحت الباب ونزلت جري…
بعد يومين…كنت علي مكتبي منهمكة في الكتابة …جاء اتصال من الريسبشن…هناك شاب وشابة في انتظارك حسب الموعد…أكدت انه لا يوجد مواعيد….همس الزميل قائلا…”بيقولوا انك هتسلميهم العمل في الاهرام”… احساسي قال ان في مصيبة جاية…طلبت منه “عينك عليهم اوعي يمشوا…نازلة خلال ١٠ دقايق …ونزلت استطلع الآمر…اهلا يا شباب خير…قالوا بمنتهي البراءة….جينا نستلم العمل في الأهرام حسب الميعاد….ايوه مين اللي حدد الميعاد ده….جارنا فلان الفلاني هو اخذ كل الورق اللي طلبتيه مع الفيش والتشبيه…والله الدنيا اسودت للحظة…
استجمعت كل قوايا…وبدأت اشرح…اولا مفيش تعيينات في الاهرام…ولو في مش هو ولا انا الي هناخد ورق التعيين…ثانيا انا كل علاقتي بيه اني ساعدته في الدراسة واني عزيته في وفاة امه من يومين…هنا نظر الشابان الي بعضهما وقاطعاني…امه عايشة…نعم؟؟؟ طيب وابوه؟؟؟اكدا في نفس واحد…ابوه عايش كمان…وهنا سألتهم فجأة “هو اخذ منكم فلوس”…ايوه ٥ آلاف من كل واحد… “لا كده كتيييير”…اكملت “انا ممكن حالا اسلمكم للشرطة”… هكتفي اخذ اساميكم وتليفوناتكم وهكلمكم اقول انا هعمل ايه…كده بجد كان كتيييييير…
طلعت من الريسبشن لاستنجد بابني الغالي هشام الزيني المحرر بقسم الحوادث وقتها…وذهبنا لنشرب القهوة مع مأمور القسم المجاور للأهرام…وهناك أصبحت مادة للسخرية انا الصحفية الساذجة…لم يكن معي ما يؤيد حكايتي غير رقم موبايل فلان الفولاني… بعد ساعات تم التوصل للولد وابوه….جاء الأب معتذرا خائفا…لم أستطع الذهاب الي القسم…طلبت فقط اخذ تعهد بسداد كل المبالغ المحصلة بأسمي…وطلبت أيضا الا المحه في اي وقت مارا امام الأهرام …حقيقي قلبي بيوجعني من الغدر بكل صوره.