افتتح الدكتور أحمد منصور، مدير مركز دراسات الخطوط بمكتبة الإسكندرية، ورشة تدريبية بعنوان “التوثيق الرقمي للنقوش: الحرف العربي من النقش إلى الرقمنة”، والتي تنظمها أناسي للإعلام بالتعاون مع مركز دراسات الخطوط بقطاع البحث الأكاديمي بمكتبة الإسكندرية، وذلك في إطار مذكرة التفاهم الموقعة بين مكتبة الإسكندرية وأناسي للإعلام بشأن تعزيز الاهتمام بالنقوش العربية في مختلف العصور.
وتستمر الورشة من اليوم الثلاثاء 16مايو إلى 18 مايو الجاري، بمقر مكتبة الإسكندرية وذلك بحضور صالح السعدي نائب سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى مصر، ومريم المزروعي، وزير مفوض بوزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية.
وفي بداية الورشة تم عرض فيلم تسجيلي عن بوابة النقوش العربية وهي أكبر مشروع عربي ثقافي مشترك لعام ٢٠٢٣.
في كلمته قال صالح السعدي، نائب السفير بسفارة الدولة لدى مصر،إن ورشة عمل التوثيق الرقمي للنقوش “الحَرف العربي من النقش إلى الرقمنة”، تأتي في إطار التعاون بين مركز دراسات الخطوط بمكتبة الإسكندرية وأناسي للإعلام، حيث أظهرت السنوات الأخيرة مدي حاجتنا إلى الاهتمام بالثقافة وتعزيز الهوية العربية في ظل التحديات التي يوجهها عالمنا العربي اليوم.
تعكس مشاركة الإمارات في هذا الحدث اهتمام الدولة بتعزيز المنتج الثقافي العربي في ظل اهتمام رئيس الدولة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، كما تعكس أيضًا طبيعة العلاقات والتعاون بين دولة الإمارات وجمهورية مصر العربية، والتي تتسم بأنها علاقات ذات خصوصية، في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والثقافية، والفنية.
تابع: “تزداد تلك العلاقات رسوخًا في ظل العلاقات الأخوية والتنسيق المستمر بين صاحب سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات وشقيقه فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي” .
أضاف أن القيادة الرشيدة لدولة الإمارات العربية المتحدة، تدرك الأهمية الخاصة للنهوض بالأوضاع الثقافية، ومن أجل تحقيق هذا الهدف الكبير، أطلقت الدولة العديد من المبادرات التي ستحمل المزيد من النهضة الثقافية في ربوع البلاد، ويأتي هذا الحرص على تطوير الثقافة في ظل عملية تنموية شاملة تشهدها الدولة، وتهدف إلى وضع دولة الإمارات، في المكانة اللائقة بها على خريطة العالم المعاصر.
وأكد أن الاهتمام الإماراتي بالثقافة والتراث لم يتوقف فقط في الداخل، ولكن ساهمت الإمارات في نشر الثقافة والفن والحفاظ على التراث في محيطها الإقليمي والدولي؛ فقد اهتمت سفيرة الثقافة العربية بإنشاء الموقع الإلكتروني «بوابة النقوش العربية» واحد من أهم مشاريع السفارة الثقافية لدولة الإمارات لدى منظمة «الألكسو»، والذي أُنشئ بمبادرة من أناسي للإعلام وبرعاية كريمة من معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح.
اختتم أنه لا شك أن دولة الإمارات رسخت مكانتها وسمعتها المرموقة خلال السنوات الأخيرة في صون التراث الثقافي وحماية المواقع المهددة بالدمار وترميمها وفق أفضل الممارسات العالمية المعتمدة بالتعاون مع شركائها من الدول الصديقة والشقيقة والمنظمات الدولية.
وألقى الدكتور أحمد أمين سليم، خلال المحاضره الأولى بورشة العمل بعنوان “الجزيرة العربية مركزًا للتبادل التجاري والحضاري في الشرق القديم” الضوء على طرق التجارة البرية والبحرية التي تربط بين الجزيرة العربية الداخلية ومناطق الشرق القديم، حيث امتدت الطرق التجارية غربًا في مناطق شرق أفريقيا وشمالاً حتى العراق وسوريا، ومنها إلى مصر وعالم البحر المتوسط، وشرقًا حتى شبه القارة الهندية، ومع التجارة انتقلت المؤثرات الحضارية في مجالاتها المختلفة المادية والفكرية.
وجاءت المحاضرة الثانية للدكتورة هبة عزيز، مديرة المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي (ARC-WH) وهي أستاذة كرسي اليونسكو لإدارة التراث العالمي والسياحة المستدامة في المنطقة العربية بالجامعة الألمانية للتكنولوجيا في عُمان، بعنوان مواقع التراث العالمي والتغير المناخي، تناولت فيها دور المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي للتخفيف من أخطار التغير المناخي على مواقع التراث العالمي. كما تركز المحاضرة على دور المركز في توثيق التراث من ضمن مشاركته في مشروع اليونسكو “الغوص في التراث” المعني بالتوثيق الرقمي للمواقع والترويج لها.
ستتطرق المحاضرة إلى أثر التغير المناخي على مواقع التراث العالمي في منطقة الدول العربية، ودور الحكومات وأصحاب المصلحة والمجتمعات المحلية في تسخير المعرفة بما في ذلك النظم التقليدية، والجهود المبذولة للحماية والصون، وما يمكن عمله مستقبلا لحفظ مواقع التراث العالمي، خاصة مواقع الفن الصخري.
ثم تناولت الدكتورة عميدة شعلان،أستاذة الآثار والكتابات واللغات العربية القديمة باليمن، خلال محاضرة بعنوان “كتابات ممالك جنوب الجزيرة العربية”، تاريخ الكتابات العربية القديمة في جنوب الجزيرة العربية، والتعريف بكل من خط المسند وخط الزبور، وتدريب المشاركين على كيفية قراءة كلا الخطين من خلال استقراء مجموعة مختارة من نقوش المسند والزبور من الأرشيف الرقمي لدراسة النقوش العربية قبل الإسلام.
ويتناول الدكتور زياد مهدي السلامين، أستاذ الآثار الكلاسيكية والنبطيةكلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، أبوظبي، الإمارات العربية المتحدة، في محاضرته تاريخ الأنباط، ودورهم في استنباط الخط النبطي، وفك رموزه، وما كشفت عنه النقوش النبطية من معلومات حضارية، وتوزيع تلك النقوش، وأهم أدوات البحث في مجال النقوش النبطية، مع تدريب حول قراءة وتحليل مجموعة من النقوش النبطية.
والقت الورشة الضوء على مواقع النقوش القديمة في المنطقة العربية، والتي تعتبر مرجعًا هامًا لتتبع تاريخ الكتابة العربية، وعلى “بوابة النقوش العربية”، أكبر مشروع عربي ثقافي مشترك لعام 2023، والذي اطلقته أناسي للإعلام تحت رعاية الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح والتعايش ، وتم اختياره في مؤتمر الوزراء العرب الذي نظم في إكسبو 2020 ، ليتحول من مشروع إماراتي إلى مشروع عربي دولي مشترك لسنة كاملة لتوحيد الجهود العربية في الصناعات الثقافية، نظرا لأهمية في توثيق أحد مكونات التراث الثقافي بالبلدان العربية وإتاحتها لكل الدارسين والباحثين والمهتمين بهذا الصنف من التراث المكتوب، وتم الاتفاق على إثراء البوابة من قبل جميع الدول العربية ممثلة في وزارات الثقافة والسياحة التابعة لها. لدعم وإثراء موقع “بوابة النقوش العربية” وذلك بجمع أهم مكتشفات النقوش الكتابية في الوطن العربي بهدف إثراء وتوسيع مشروع موقع “بوابة النقوش العربية”.
وقد أصبح الموقع مكتبة ومتحفاً إلكترونياً موثِقّ ومتخصص يضم أكثر من 300 نقشاً، كما يقدم الموقع تجربة تفاعلية افتراضية للزوار حيث يحظى المتصفح بفرصة التجول في معرض افتراضي ثلاثي الأبعاد يتيح للزائرمشاهدة مجموعة من النقوش المنتقاة من ألبوم نقوش الموقع، وذلك بأسلوب تفاعلي باستخدام تقنيات الواقع الافتراضي المعزز.
وقد أستقطبت أناسي نخبة من العلماء والباحثين في الإمارات والوطن العربي لجمع ونشرأهم اكتشافاتهم من النقوش الصخرية العربية التي نفذها سكان المنطقة من المحيط إلى الخليج العربي.
كما تسلط الورشة الضوء على دراسة جماليات ووظائف الحرف العربي من خلال اللوحات الفنية، والطباعية، فضلاً عن التعريف بتقنيات التصوير الفوتوغرافي للنقوش، والتعرف على التجارب والخبرات السابقة والحالية في مجال رقمنة النقوش، وأخيرًا التعرف على تأثير التغيرات المناخية على مواقع التراث العالمية في المنطقة العربية.
تستهدف الورشة أعضاء هيئة التدريس بالجامعات والمعاهد العلمية، المتخصصين في تاريخ الكتابة والنقوش العربية القديمة، وأمناء المتاحف، ومفتشي الآثار، المشتغلين بتاريخ الجزيرة العربية، والشرق الأدني القديم.