مقالات الرأى

مدحت عطا يكتب : الثأر قاتل ومقتول وبينهما “كفن

0:00

الثأر هو أن يقوم أولياء الدم “أقارب القتيل” بقتل القاتل نفسه أو قتل أحد أقاربه انتقاماً لأنفسهم دون أن يتركوا للدولة حق إقامة القصاص الشرعى وهو فعل يرتبط أرتباطاً وثيقاً بصعيد مصر خاصة والريف المصرى عامة فهو ظاهرة أستشرت بكل عنفوانها منذ زمن بعيد بين العائلات المصرية فى الصعيد وخاصة محافظات الجنوب الجوانى ولكن دعونى أقول لكم بأن الثأر ظهر بظهور الخليقة وتنتشر هذة الظاهرة المشينة بين القبائل العربية قبل ظهور الإسلام حيث كانت تقوم الحروب بينهما على أتفه الأسباب فمن يحرص على الثأر لأبسط الإهانات يجر على نفسه أعنفها…!!!
يُعد الثأر شريعة مُقدسة عند العرب فى العصر الجاهلى فهو مثل النار المستعرة فى قلوبهم والعربى لايهدأ له بال إذا لم يأخذ به وما فى قصة تتبُع قيس بن خطيم لقاتلى أبيه وجده والانتقام منهما إلا دليل على إدراك الُارث الثأئرى مهما طال أمده وقيس بن الخطيم بن عدى الأوسى وكنيته أبو يزيد توفى ٢ قبل الهجرة عام ٦٢٠م شاعر عربى من صناديد الجاهلية وأشد رجالها قُتل أبوه وهو صغير قتله رجل من قبيلة الخزرج فلما بلغ أى صار شاباً قتل قاتل أبيه ونشبت لذلك حروب بين قومه الأوس وبين الخزرج وهى من أشهر الحروب العربية والتى كان لليهود اليد العليا فى إيقاد شعلتها لما لهم فى ذلك من مكر ودهاء حتى تاريخه ولكن أستطاع فيها سيد الخلق رسولنا الكريم أن يُطفئ من وطيسها عندما هاجر إلى المدينة بفضل حكمته وبركته العظيمة…!!!
وللثأر قصص كثيرة تندى له الوجوه حيث ذَكرت أن من أتفه الأسباب يحدث هذا الحدث الذى يغضب الله ورسوله ومن أسباب الثأر
الأعراف السائدة وهى أعراف فاسدة وسلبية حيث تنتشر بين القبائل والعائلات هى الظاهرة ويكون للآخرين من العائلات المجاورة فى أشعال هذه الظاهرة وذلك يحث العائلة أصحاب القتيل بأخذ ثأرهم وقد يصل إلى حد المعايرة الشيطانية…!!!
والسبب الثانى وهو أشهرها هو حرص العائلات فى صعيد مصر إلى حمل السلاح وأعرف الكثير عن هذه الظاهرة ويكون فيها أمتلاك الأسلحة المختلفة وخاصة الآلية التباهى بلا حدود بين العائلات بل بين أفراد العائلة الواحدة والهدف كما يذكرون هو الدفاع عن العائلة وأذكُر قول سمعته من شيخ من شيوخ الصعيد وهو قول خطأ بأن قيمة العائلة تُقدر بعدد الأسلحة الآلية التى تمتلكها هذه القبيلة أو العائلة…!!!
وسبب أخر وهو ضعف سلطة القانون ولكن دعونى أوضح أن القوانين هى عنوان رئيسى لوجود الدولة ويجب أن يكون للدولة دور قوى بين أفراد المجتمع ويكون الضرب بيد من حديد على من يتجوزها والسرعة فى تطبيق القانون على كلا من أطراف الصراع فى حالة التجاوز وهذا الأسلوب سيكون رادعاً لكل من تسول له نفسه بالأخذ بالثأر دون اللجوء للقانون والدولة…!!!
والسبب الأخير وهو ضعف الوازع الدينى وتغليب الأعراف الفاسدة والاحتكام إليها دون اللجوء إلى القرآن الكريم والسنة النبوية حيث أن موقف الدين الاسلامى واضح فى هذا الشأن حيث أن القتل هو وبالاً وجناية على المجتمع حيث إن القاتل هو المسئول وحده عن قتله فمن “قَتل يُقتل”
ومن أشهر قصص الثأر فى صعيد مصر ماحدث فى مدينة جرجا(بلدى) قرية بيت علام والذى راح ضحيته أكثر من ثلاثون ضحية مابين قتل وأعدام والتى أطلق عليها أعلامياً “مذبحة بيت علام”حيث بدأ مسلسل الثأر بين عائلتى عبد الحليم والحناشات فى عام ٢٠٠١  عندما قُتل محمد يوسف العدال من عائلة الحناشات فى مشاجرة بين العائلتين وإتهم فى مقتله أبوالفتوح عبد العال من عائلة عبد الحليم وقضت محكمة الجنايات ببراءته لعدم كفاية الأدلة وفشلت مساعى الصلح بينهما
فى إبريل ٢٠٠٢ قام حلمى أحمد ومحمود السمان من عائلة الحناشات بالتربص للمدعو همام عبد الحليم عميد عائلة عبد الحليم ونجله شوكت وأمطروهما بوابل من الرصاص أخذاً بثأر قريبهما مما أدى لمقتل الأب وإصابة الابن وتم القبض عليهما وإحيلا الي محكمة الجنايات بسوهاج محبوسين.
فى أغسطس ٢٠٠٢ وعندما توجه ٢٥ من أقارب المتهمين الي سوهاج مستقلين سيارتين ميكروباص لحضور جلسة محاكمتهما فوجئوا بتربص أبناء عائلة عبد الحليم وسط ذراعات الذرة على طريق قرية بيت علام مركز جرجا وأمطروا السيارتين بوابل من الرصاص الكثيف مما تسبب فى قتل ٢٢ منهم وإصابة ٣ آخرين فيما سمى فى ذلك الوقت “بمذبحة بيت علام” تم القبض على ١٩ متهماً من عائلة عبد الحليم واحالتهم الى محكمة الجنايات التى قضت فى يونيو ٢٠٠٣ بالإعدام شنقاً لعدد ٦ من المتهمين وتم تنفيذ الحكم عليهم والاشغال الشاقة المؤبدة لعدد ٦ آخرين توفى إثنان منهم داخل السجن وبراءة ٣ متهمين فى وقائع القتل والشروع في قتل والأشغال الشاقة المؤبدة لعدد ٤ متهمين فى واقعة حيازة أسلحة وذخيرة بدون ترخيص…!!! وفى تلك الأثناء قُتل أحد أفراد عائلة عبد الحليم بدولة الكويت واتهم فى مقتلة أحد افراد عائلة الحناشات العاملين هناك…!!!
وليكن سردى لهذه القصة عن جرائم الثأر لأنها كانت الأشهر أعلامياً وكثرة عدد القتلى بالثأر والقانون(حكم محكمة)…!!!
والقرآن الكريم قد أشار إلى تحريم الثأر بقوله سبحانه وتعالى “ولاتقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق ومَنْ قُتل مظلوماً قد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يسرف فى القتل إنه كان منصوراً”
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
“لاترجعوا بعدى كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض لايؤخذ الرجل بجناية أبيه ولاجناية أخيه” وهذا تحذير واضح لأمة الاسلام من أشرف خلق الله وقائد الأمة…!!!
وهناك وليد حديث لظاهرة الثأر ينتشر هذه الحقبة من الزمن(الحاضر) بين العائلات وهى بعد حدوث الجريمة وقيام الثأر تتداخل بعض الأسر الطيبة ولجان المصالحات ورجال الدين فى الوصول إلى حل يُرضى الجميع وهو تقديم أسرة القاتل الكفن ومنذ سنوات ظهر طقس تقديم الكفن أو “القودة” حيث يتصل شخص يعرف بـ “قاضى الدم” بعائلتى القاتل والقتيل للصلح بينهما وهى محاولات قد تمتد لشهور بل لسنوات ويكون للجان المصالحات والشرطة ورجال الخير والدين دوراً كبيراً
فى إقناع طرفى النزاع ثم تقام بعدها مراسم تقديم الكفن بهدف إنهاء حالة الثأر بطريقة سلمية وعادلة ويذكُر علماء الدين أن تقديم
الكفن حلال شرعاً ودينياً يقول حسين أبو الحجاج إمام وخطيب بوزارة الأوقاف فى محافظة الأقصر وعضو لجنة المصالحات الثأريةإنه لم يرد أى حديث شريف أو آية قرآنية بشأن تقديم الكفن بين العائلات بغرض الصلح لكن طالما أنه عبر هذه الطريقة تُحقن الدماء فلا مانع من اللجوء إليها لعقد الصلح بين أطراف الخصومات الثأرية انطلاقاً من كونها عادة عُرفية حميدة وتُحض على السلام والامان…!!!
وأخيراً حَقن الله دماء الأمة وحفظ أبناءها من كل سوء ودم وثأر…!!!
والى مقال آخر دمتم فى حفظ الله

زر الذهاب إلى الأعلى