مقالات الرأى

مدحت عطا يكتب : “أمنا الغولة” تراث مصرى مازال يُحكى…!!!

0:00

من منا لم يمر عبر سمعه وبصره وخاصة فى المساء قبل النوم قصة “أمنا الغولة” والتى كانت تقصها علينا الأم أو الجدة لأسباب مختلفة ومنها على سبيل المثال وليس الحصر حتى تتمكن الأم من تجميع أولادها حول مخدعهم من أجل النوم وتغريهم بحدوته أمنا الغولة ومررت بتجربة حدوتة أمنا الغولة بواسطة أمى عليها رحمة الله حيث كانت تصف لنا هذا الكائن الخرافى فى كل مرة بصورة مختلفة وأظن انها أبدعت فى سرد هذه القصة لى وأخواتى كأديبة عالية الحس والإبداع والوصف فى تناول القصص عن أمنا الغولة قد تفوق الكاتبة العالمية أجاثا كريستى والتى كانت مبدعة فى تأليف القصص البوليسية فكان الوصف يفوق خيالنا فى هذه السن الصغيرة ولكى تضاعف الشوق الى حكايتها كانت الحكايات متنوعة والوصف مختلف عن كل مرة وكان السيناريو والحوار الخاص بحكايتها عن أمنا الغولة لحظى أى ليس له إعداد وحسب رؤية وملاحظة وجوهنا المنتبه إلى عيونها وفمها وهى تسرد القصة الخيالية وأصبح النوم على رجلها والنظر الى وجهها حلم من أحلام الخيال فى تعود هذه الأيام إلى حياتنا مرة أخرى…!!!
أمنا الغولة هى ساحرة فى الحكايات وكائن خرافى فى “المعجم” وشيطان عند البعض فالغول فى لسان العرب هو حيوان خرافى له عين واحدة فى وسط وجهه أو يملك من الأسنان مايتعدى طول السنة الواحدة قرابة المتر أما اللسان فيستطيع أن يمتد لمسافة كيلو متر لإحضار أى عدو أو مشاغب لمكان تواجد أمنا الغولة أو الغول وتم وصفها بأشياء كثيرة وغريبة والهدف متنوع لكل من الواصف والموصوف لهم ويقال إن حكايه أمنا الغولة لها ارتباط بالتاريخ الفرعونى حيث ذكر لنا الأثريين قصة أمنا الغولة فى أكثر من حكاية ولكن أشهرها ما سوف أسرده لكم. أمنا الغولة شخصية الجميع يعرفها خاصة الاطفال فى الحكايات التى كانت تُروى لنا قديماً والتى تتحدث عن سيدة بشعه الوجه تخرج من معابد الاقصر وتقضى على أى كائن حى أمامها وفى السطور التالية يسرد الباحث الأثرى فرانسيس محارب قصة أمنا الغولة بالأقصر وإرتباطها بأحد آلهة الفراعنة القدماء يقول فرانسيس أن معبد الكرنك بمدينة الاقصر مرتبط بقصص وحكايات وأساطير كثيرة واهمها قصة “أمنا الغولة” والتى كان يطلقها أهل الأقصر على الالهة “سخمت” وهى آلهة الحرب والدمار والفزع وفى نفس الوقت هى آلهة الطب وهى عين الإله رع وعشيقة الإله بتاح وتظهر بصورة امرأة آدمية ورأس لبؤة “أنثى الاسد” وهى من تسبب المرض ومن تعالجه وأوضح فرانسيس أن سبب إرتباطها بإسم “أمنا الغولة” يرجع لعام ١٩٠٧ حيث كان فى أحدى الليالى بعض الأطفال يلعبون بجوار حائط أثناء الحفر بمعبد الكرنك فسقط الجدار عليهم وتزامن موت الأطفال مع العثور على تماثيل للإلهة “سخمت” مما تسبب فى تغذية قصة “أمنا الغولة” ملتهمة الأطفال وقتها وساد الإعتقاد بأنها تخرج فى الليل من معبد الكرنك تلتهم الأطفال ووجه الآلهة “سخمت” الذى يمثل رأس اللبؤة المخيف ساعد على إنتشار هذه القصص فإمتنع عمال الحفر عن العمل فى المعبد خوفاً من “سخمت” وتابع فرانسيس حديثه قائلاً ان الباحث الأثرى جورج ليجران الفرنسى أزال هذا الإعتقاد من داخل قلوب العمال والأهالى حيث أدعى انه ألقى تعويذة باللغة الهيروغليفية حتى ينهى أسطورة “سخمت” وهنا صدقه أغلب عمال الحفريات وقتها واذاعوا فى البلاد بانه تم انهاء اسطورة “أمناالغولة”
لكن تعالوا معاً نرى الأثر النفسى الناتج عن حكاية أمنا الغولة على شخصية الأطفال سواء فى الصغر أو الكبر حيث يتأثر الطفل تأثراً بليغاً فى شخصيته وقد تصيبه بفوبيا الخوف والاضطراب التى تجعله فى عقد نفسية قد يتناقلها أطفاله من بعده حتى ولو على سبيل التقليد فى تصرفات الأب أو الأم
ولكن هناك دراسة علمية تقول لابد من حكاية القصص المخيفة للأطفال وذلك على سبيل التذكر حيث يكون العقل أكثر استعداداً لتذكر كل الأشياء المخيفة والمرعبة حيث أن الخوف عاطفة إيجابية وممتعة وخاصة عندما يحكيها أعز الناس لقلبك وبحسب دراسات فى علم الأعصاب فإن قراءة القصص الخيالية يساعد الأطفال على تنمية شعورهم بالتعاطف تجاه الآخرين فالخيال يخدع أدمغتهم ويمنحهم شعوراً بأنهم جزء من القصة ومن ثم يصير لديهم تعاطف لدى أبطال القصة ولدى الآخرين.
فالقصص المخيفة تحصن الطفل من بشاعة العالم وتمنحهم قدرة على الصمود والمواجهة فهى بمثابة تدريب مسبق على مواجهة الشرور بأنواعها وقوة أيضاً فى الوقوف بوجه الأمور المخيفة بشجاعة ويجب أن اذكرك عزيزى القارئ أن هناك العديد من الأدباء المشهورين فى العالم أصحاب تخصص أدب الخوف أو الرعب والذين يطلون لنا من وقت لأخر بقصص تثير الرعب والخوف والتى بعضها يتم تحويله إلى أفلام سينمائية تحقق أعلى الإيرادات فى عدة أيام من عرضها…!!!
ولكن حكاية أمنا الغولة هى موروث مصرى لايختلف عليه إثنين فى سرعة تأثيره على الأطفال المصريين حيث يتم نقل هذه القصة من جيل إلى جيل ومن أم إلى ام وسوف تظل هذه القصة هى الأيقونة الخالدة لحكايات الأم المصرية حتى يقضى الله أمرا كان مفعولاً وهو على كل شئ قدير…!!!
وإلى مقالة أخرى دمتم بخير وعافية…!!!

زر الذهاب إلى الأعلى