مقالات الرأى

مدحت عطا يكتب : أختار الجار قبل الدار…!!!

0:00

مثل من أهم الأمثال التى تؤثر على حياة الفرد سواء كان فى أسرة أو شارع أو منطقة فهو مَعنِى تماماً بالمعاملات على مدار اليوم فمن يملك جاراً حسن المعشر والخلق فهو سعيد بلا شك أما من يملك جاراً سيئاً فهو فى عيشة ضنكه دى حقيقة فجميعاً يعيش الحالتين بكل تأكيد وتعالوا معاً نعرف أصل هذا المثل ومعنى كلمة جار فلنبدأ بالمعنى فالجار هو من يقرب مسكنه منك والمعنى الأصطلاحى للجوار هو الملاصقة فى السكن حد الجوار جاء عن على بن أبى طالب “من سمع النداء فهو جار وقيل من صلى معك صلاة الصبح فى المسجد فهو جار” عن عائشة رضى الله عنها “حد الجوار أربعون داراً من كل جانب” وهذا يعنى أن الجار هو أقرب شخص لك من حيث الموقع أو مشاركتك فى الصلاة وخاصة صلاة الصبح
ولهذا المثل العظيم قصة حيث تعرض رجل يسكن بالقرب من بيت أبى دف البغدادى لأزمة مالية شديدة وأشتدت حاجته بعد أن أستدان ولم يستطع سداد دينه لذلك قرر أن يبيع بيته الذى أمتلكه وسكنه لمدة ٢٠ عاماً وعرض بيته للبيع بسعر
لايتناسب مع القيمة الحقيقية للمنزل فكان سعر البيت المعروض للبيع ألف دينار فى حين أن القيمة الحقيقة للبيت كانت لاتتجاوز الخمسمائة دينار وبسبب المبالغة فى سعر البيت المعروض من قبل صاحبه لم يُقبل أحدًا على شراء البيت فنصحه بعض الناس والأصدقاء بتخفيض سعر البيت حتى يُقبل الناس على شرائه ولكنه رفض ذلك رفضاً تاماً وبقى بيته معروضاً بنفس السعر وعندما علم بذلك جاره أبو دف البغدادى نصحه أيضاً بتخفيض سعر منزله حتى يتمكن من بيعه فقال له الرجل أنا أبيع المنزل بخمسمائة دينار والجيران بخمسمائة دينار أخرى وعندما أشتريت هذه الدار لم أفكر إلا فى الجيرة الطيبة وبقيت فى هذه الدار ولم أفكر فى بيعها على الرغم من زواج أبنائى وذلك حفاظاً على العشرة والمحبة التى جمعت بينى وبين جيرانى الطيبين ولكن ضائقتى المالية وديونى أجبرانى على غير ذلك تفاجأ أبا الدف البغدادى مما سمعه من جاره ومن تمسكه بالعلاقة الطيبة التى تجمعه بجيرانه وقرر مساعدة جاره فى تسديد ديونه حتى لايضطر إلى بيع داره وترك جيرانه ومن هنا جاء المثل الشعبى المعروف الذى يقول الجار قبل الدار…!!!
ويتضح لنا أن الجار الطيب والمحترم له ثمن قيم عندما تجاوره فى المسكن والمعشر فلذا غلت دار من جاور أبا دف البغدادى صاحب السمعة الطيبة…!!!
فعن عائشة رضى الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه” حديث شريف يختزل فيه العلاقات والروابط بين الجار وجاره ويوحى بالحقوق والواجبات فيما بين الجيران ولكن فى هذا الزمن نجد الكثير من الجيران مقصدهم الأساسى هو أذية الجار على كل المستويات الإنسانية مما يجعله يلوذ بالفرار من سكنه ويبيعه بأبخس الأثمان (ينفد بجلده) وتجد بعض الجيران فى حالهم ليس لهم علاقة بجيرانهم سواء فى الفرح أو الحزن وثورة يناير لخير شاهد على ذلك عندما أتحدوا سكان الدار فى صورة لجان شعبية للمحافظة على ممتلكاتهم من الفوضى التى حدثت فى بداية الثورة والشاهد كما ذكر بعض الناس أنهم لأول مرة شاهدوا جيرانهم وهذا يدل على الحال الذى وصلت إليه هذه العلاقات بين من يقطنون منزلاً واحداً أو كما يقال بيتقفل عليهم باب واحد وهناك شبيه لهذا المثل وهو أختار الرفيق قبل الطريق والمثل واضح فى حُسن أختيارك لمن يرافقك فى طريقك سواء طريق سفر أو عمل أو طريق الزواج أيضاً وهو الأهم على الإطلاق…!!!
فلذا للجار حقوق يجب الإلتزام به وهى من السنة والشريعة الإسلامية وأهمها كف الأذى عنه تماماً بكل الطرق والوسائل ورد السلام وأجابة دعوته فى الأفراح والأحزان وزيادة الإحسان بكل ماهو طيب من هدايا وخلافه تجعل الود دائم وخالص لوجه الله تعالى ووصايا رسولنا الكريم فلذا الجار السئ فقد يُحرم دخول الجنة بسبب أذيته وسوء أخلاقه كما فى قول النبى صلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ” وهكذا يجب البعد تماماً عن أذية الجار لأن الجار هو أول شخص تلجأ إليه فى السراء والضراء فلذا أختار الجار قبل الدار..!!
وإلى مقالة أخرى دمتم بخير وعافية…!!!

زر الذهاب إلى الأعلى