محمود سامح همام يكتب : انقلاب النجير وتهديد النفوذ الفرنسي في إفريقيا
مظاهرات عارمة تملأ النيجر وبالأخص العاصمة نيامي حيث تشهد أعمال عنف تؤيد الانقلاب العسكري الذي قامت به قوات الحرس الجمهوري للنيجر علي الرئيس المنتخب محمد بازوم وإحتجازه في قصر الرئاسة وحالة فوضي عسكرية وسياسية تعم البلاد.
في البداية سوف نطرح سؤالاً حول أسباب الانقلاب العسكري علي الرئيس المنتخب محمد بازوم الذي يصفه معارضوه بأنه ” حليف قوي للإستعمار “؟
هناك أسباب عرقية وسياسية وعسكرية لهذا الانقلاب العسكري؛ منها السبب العرقي الذي بدأ منذ فوزه في الدور الثاني من الانتخابات وصعوده على أكتاف عرقية الهوسا التي تمثل ما يزيد عن نصف سكان النيجر وأتهموه بالتزوير فيها والشكوك في حاضنته الإجتماعية الضعيفة، بالإضافة إلى ضعف تصويت سكان العاصمة له وهذا ما أشعل أجواء المظاهرات سريعا منذ إعلان الانقلاب.
وأيضا لأسباب سياسية عسكرية عدة ظهرت في بداية حكم الرئيس المنتخب بتخلصه وإقالته المواليين للرئيس السابق إيسوفو في عدد من المناصب الحيوية وأيضا إضعاف وإنهاء هيمنة إيسوفو علي المؤسسات الحزبية وترتب علي هذه التحركات شدة الرغبة في التخلص من الرئيس بازوم بأي شكل ممكن.
وقد قام بهذا الانقلاب قائد الحرس الجمهوري بناءاً على ما قام به الرئيس من إجراءات تُظهر نيته في التخلص من قائد الحرس الجمهوري وهو الذي يُعرف بالمخضرم لخدمته طول فترة الرئيس السابق وأيضا حركة الإقالات والتعيينات في الجيش التي قام بها وهذا الذي ادي إلى كراهية الجيش للرئيس وتأييد الجيش الوطني للانقلاب.
ومما لاشك أن السبب الجوهري من هذا الانقلاب والتأييد الشعبي له هو التدخل والوجود الفرنسي بحجة القضاء علي الإرهاب في منطقة غرب افريقيا وأن إدارة الرئيس بازوم الذي ذكرناه من قبل بإنه ” حليف قوي للإستعمار ” يؤيد الوجود الفرنسي ولا يبالي في استنزاف فرنسا لبلاده حيث تعتمد علي إدارة 70 % من قطاع الطاقة في الخزانة الفرنسية علي اليورانيوم في النيجر .
النيجر البلد الغارقة في الفقر “الفقر غير العادل” وأكثر من نص سكانها تحت خط الفقر وأيضا مؤشر التنمية البشرية تحتل به المرتبة الأخيرة وفي ظل كل هذا التعسف طفح الكيل ونفذ صبر الشعب النيجري علي الوجود الإستعماري وحدث الانقلاب يوم الأربعاء الموافق ٢٦ يوليو.
وعلى الجانب الأخر، أكدت وزارة الخارجية الفرنسية أنها بدأت عمليات إجلاء رعاياها من النيجر بالتنسيق مع القوات في النيجر، وفي المقابل صرحت وزيرة الخارجية الفرنسية في بيان مشترك مع وزارة الدفاع أن القوات الفرنسية لم تستخدم أي سلاح قاتل في نيامي في ظل أحداث الشغب والمظاهرات أمام السفارة الفرنسية في النيجر، وأضاف البيان أيضا تأكيدهم على أن الأولوية لأمن المواطنين الفرنسيين والمنشأت.
وختاماً تؤكد الاحداث في الوقت الراهن على إنكماش النفوذ الفرنسي في النيجر، حيث نتنبأ برحيل فرنسا عن النيجر قريبا لعدة أسباب رئيسية؛ وهو الانقلاب العسكري بتأييد الشعب والجيش الوطني والفوضي التي سوف تكلف فرنسا خسائر فادحة إذا فكرت في البقاء واستخدام القوة للحفاظ علي مصالحها الاقتصادية الكبرى، كما يدل البيان المشترك بين حكومتي بوركينا فاسو ومالي
على أن أي تدخل عسكري أجنبي في النيجر سيكون بمثابة إعلان الحرب على البلدين مما يجعل الانقلاب الاخير أكبر التحديات التي تواجهه فرنسا في الفترة الأخيرة بصفة أن النيجر أخر حليف لفرنسا في غرب القارة السمراء.