مقالات الرأى

محمد محمود عيسى يكتب : ومن يحاسب الحكومة على الرؤوس

0:00

” إني أرى رؤوسا قد أينعت وحان قطافها “

مقولة تحدث بها الحجاج بن يوسف الثقفي ذات يوم من الأيام معبرا خلالها عن غضبه وتحذيره الشديد لمن يحاول أن يخرج على طاعته أو ينشق عليه من أهل العراق ولا أدري كيف ارتبطت عندي هذه المقولة بتلك الرؤوس التي تطرحها الحكومة المصرية للاستثمار وبدأتها براس الحكمة وتجهز الآن لراس بناس وتتوالى باقي الرؤوس المصرية من خلال طرحها للاستثمار وكأن الحكومة تعيد صياغة مقولة الحجاج بن يوسف الثقفي قائلة ” إني أرى رؤوسا قد أينعت وحان طرحها للاستثمار “

 ومع طرح الرأس الأولى التي رأت الحكومة أنها قد أينعت وحان قطافها وطرحها للاستثمار من رؤوس مصر وهي رأس الحكمة ولترتيب الأوضاع والأوراق مع بقية الرؤوس الأخرى من قياس ردود الأفعال وانعكاسات الأخبار على الناس وجاءت جميع النتائج مرضية للحكومة من ناحية ردود الأفعال على الصفقة أو التعليقات على إعلان الحكومة سواء كانت من الرأي العام الجمعي أو حتى من الرأي العام المتخصص والتي دارت كلها  حول عدم الاهتمام واللامبالاة أو حتى تعليقات هائمة لا قيمة ولا معنى لها  وهنا يحسب للحكومة أنها استطاعت وبمهارة وجدارة فائقة أن تنزع دسم الاهتمام من الرأي العام والمواطنين وكأنها وضعت المواطنين على الرفوف وكتبت أعلاهم منزوع الدسم

 ومضت الحكومة في قطف الرأس الأولى وهي رأس الحكمة وطرحتها للاستثمار ووقف رئيس الوزراء في المؤتمر الصحفي الكبير والفاخر وهو يتحدث عن ذلك الانتصار الكبير الذي حققته الحكومة المصرية في ذلك الوقت والذي سوف يحول حياة المصريين إلى حياة الرفاهية والترف والثراء واستبشر الجميع خيرا كبيرا وخاصة بعد حالة التكتم والغموض والخفاء والإثارة والتشويق التي صاحبت قطف رأس الحكمة وانتهت حالة الغموض والاثارة والترقب بالكشف عن الصفقة كما أعلن رئيس الوزراء أيضا عن تصوره لتفاصيل الصفقة التي وقف يعلنها للراي العام في مصر انطلاقا مما تعتقده الحكومة أنه حالة من الوضوح والشفافية والمكاشفة مع الشعب المصري وأيضا تأكيدا لما تروجه وتصدقه الحكومة من مبدأ المشاركة في اتخاذ القرار في التعامل مع رؤوس مصر وانتهى المؤتمر الصحفي وانتظرنا حالة التغيير التي سوف تطرأ على الاقتصاد المصري وتنقله من حالة الجمود والموت الإكلينيكي في ذلك الوقت إلى حالة من الحياة والنشاط والحيوية ولكن رأينا بعد ذلك أن أموال صفقة الرأس الأولى قد تم صرف جزء كبير منها على إخراج البضائع المكدسة في الموانئ وجزء آخر قد توجيهه لنشاطات اجتماعية وعمالية ودعم ذوي الاحتياجات الخاصة وعلى الهواء مباشرة وجاءت الطامة الكبرى بقرار التعويم والذي أفقد الصفقة الجزء الأكبر من وجودها وتأثيرها على الاقتصاد المصري وأصبحت المحصلة النهائية من قطف رأس الحكمة كأنها لم تتم

ومع إعادة حالة التلميح والتصريح في الوقت الحالي لطرح رأس أخرى من الرؤوس المصرية التي ترى الحكومة أنها قد أينعت وحان قطافها وطرحها للاستثمار ومع اختصار رئيس الوزراء للجهد والوقت في بقية الرؤوس الأخرى والتي صرح بأنها قد تقارب الست رؤوس يجب التأكيد والتنبيه على وجوب محاسبة الحكومة ومراقبتها مراقبة حقيقية قبل وبعد إتمام صفقات بيع الرؤوس المصرية وإعلان الحكومة لجميع التفاصيل والحقائق والأرقام بشفافية ووضوح نتيجة بيع هذه الرؤوس وإعلان الحكومة أيضا خططها الحقيقية والواقعية التي سوف تستغل فيها العوائد والفوائض المالية التي سوف تربحها نتيجة إتمام هذه الصفقات والسؤال الأهم لماذا لا يتم طرح تفاصيل هذه المناطق والرؤوس على الحوار الوطني أو الحوار المجتمعي المتخصص والذي يضم مجموعة من خبراء المال والاقتصاد والاستثمار وتوظيف وإدارة أصول وأموال الدولة من المصريين الذين يعملون في كبرى البنوك والمؤسسات المالية المصرية والعالمية واختيار أفضل البدائل والحلول للتعامل مع ممتلكات الشعب والدولة المصرية وإدارتها واستغلالها الاستغلال العلمي والمالي والاقتصادي الصحيح والذي يعود بالنفع والفائدة على الاقتصاد والمواطن المصري

إدارة صفقة وعوائد طرح الرأس الأولى وهي رأس الحكمة للاستثمار وطريقة تعامل الحكومة مع أموالها وعوائدها لا تبشر بخير ولا تدعو للتفاؤل خاصة إذا كانت الحكومة سوف تدير صفقات الرؤوس الأخرى بنفس طريقة وأليات وأساليب التعامل مع الراس الأولى وهي رأس الحكمة

” إني أرى رؤوسا قد أينعت وحان قطافها ” أخشى من بعد أن تنتهي الحكومة من بيع رؤوس الأراضي المصرية أن تلتفت لرؤوس الشعب وتطرحها للاستثمار ولكن عندها قد ترى الحكومة أن رؤوس الشعب قد أينعت ولكن لا قيمة ولا ثمن لها

زر الذهاب إلى الأعلى