محمد محمود عيسى يكتب : هل نجحت ثورة 30 يونيو في إزاحة الإخوان من المشهد كاملا؟
تعد ثورة 30 يونيو من أعظم الثورات في تاريخ مصر الحديث ذلك أنها نجحت في أن تخلص مصر من حكم تنظيم إرهابي ظلامي جامد صلب مغيب توقف تفكير أتباعه عند حدود السمع المطلق والطاعة العمياء التي تلغي العقل وتعطل التفكير وتقضي على مواطن الفكر والإبداع وتحول أتباعه إلى قطيع يسير في ركاب واحد وبقدر ما كانت خطيئة مؤسس التنظيم في تأسيس ورعاية منهج القتل والعنف إلا أن خطيئته الكبرى هي اغتيال وتعطيل ملكات الفكر والعقل والتدبر والتأمل والقبول والرفض والحوار والنقاش عند أتباعه تحت دعوى السمع والطاعة وهي دعوة باطلة ظاهرها الرحمة وباطنها القسوة والعنف حتى أدب الاختلاف لم يكن موجودا في منهجهم وحدود الكراهية لا نهاية لها ومظلومية الاضطهاد دائمة ومستمرة وانتظار الرئيس الغائب أو الحكم الموعود حلم قائم وهدم مفهوم وفلسفة الوطن والانتماء عقيدة وشريعة والغاية تبرر الوسيلة رداء موجود يرتدونه وقت الحاجة هكذا كنا سنسير في ركابهم وهكذا كنا سنعيش في مدينتهم الناقصة
ولكن هل نجحت ثورة 30 يونيو في إخراج جماعة الإخوان الإرهابية من المشهد كاملا ؟ وهل استطاعت الجمهورية الجديدة أن تقدم مشروعها السياسي والديني والثقافي والفني والمجتمعي لكي يكون بديلا قويا لهذه الجماعة الإرهابية والتي تغلغلت في كل أنحاء المجتمع المصري لظروف وأسباب وصفقات يطول شرحها دعونا نتحدث بكثير من الصراحة وكثير من الوضوح نجحت ثورة 30 يونيو في إزاحة الإخوان من الحكم تماما ولكنها لم تنجح في إخراجهم وأزاحتهم من الحياة العامة في مصر وتواجدهم في كافة وزارات وهيئات ومؤسسات الدولة ما زال قائما بل وفاعلا أيضا وفي أكثر وزارات الدولة تأثيرا على المجتمع المصري ولن ننسى معركتهم القوية والشرسة مع الدكتور طارق شوقي وزير التعليم السابق وانتصارهم عليه وإخراجه من الوزارة وهدم مشروعه العالمي في تطوير التعليم في مصر والذي تتفق أو تختلف عليه ولكن فكرة إخراج الطالب المصري من سجن الحفظ والتلقين وتعليمه التفكير والتحليل والبحث والاستنتاج هذه مشكلات كبيرة تتنافى تماما مع سياستهم ولن تخرج لهم بيئة حاضنة لأفكارهم وذلك لأن الطالب إذا فهم فكر وإذا فكر تكلم وإذا تكلم ناقش وحاور وقبل ورفض وتأمل وابدع وهنا كيف سيكون السمع وكيف ستكون الطاعة
هل نجحت الجمهورية الجديدة في أن تقدم مشروعا حضاريا ثقافيا دينيا يكون هو البديل القائم لاحتضان المجتمع والخروج به من دائرة الأفكار الظلامية ويقضي تماما على هذه الأفكار وغيرها ويحصن المجتمع ويرفع من مناعته في مواجهة هذه الأفكار حاضرا ومستقبلا للأسف الشديد لم تنجح الجمهورية الجديدة في أن تقدم وترعى حتى مشروع تجديد الخطاب الديني وأصبحنا ننتظر تكرار هذه المصطلحات في المناسبات والحفلات وبالتبعية لم تقدم الجمهورية الجديدة مشروعات ثقافية ولا دينية ولا فنية ترسخ وتنفذ سياسات وأهداف الجمهورية الجديدة وتكون مناوئة لأفكار وسياسات جماعات الإرهاب والتطرف وهنا انتهى مقالي وسأترككم مع هذا المقال للكاتب والباحث ( ماهر فرغلي). المقال كان منشورا بتاريخ 3 يونية 2019. تحت عنوان (جماعة“الاخوان لايت“)
جماعة (الإخوان لايت)
هل هناك قوة ناعمة للإخوان تخترق المجتمع؟
حتى في ظل غياب التنظيم هل هناك فضاء نجحت الإخوان في صناعته، يبقيها في حضور دائم؟
أتابع التعليقات حول محمد صلاح وصورته مع أبو تريكة. أتابع المسلسلات الرمضانية وبعض البرامج وبعضها من إنتاج إخواني أو كتابها إخوان، أو خليط بين هذا وذاك. أراقب الدعاة على الشاشات وبعضهم إخوان مستقلون أو مخفيون. أدرك أن اندماجاً كبيراً بين رؤوس أموال وتلك القوة الناعمة تسببت في تمرير برامج ومسلسلات وشخصيات في المجال العام تتحرك بهدوء وبلطف أحياناً، وأصبحت قدراً مقدوراً.
هل هي صدمة لو ذكرنا تلك الأسماء في المجال الرياضي، والإذاعي، والتلفزيوني، والبحثي، والفني. ألخ ألخ؟!
علنياً قد لا أستطيع، هي صدمة بالفعل ستعرضك للعقاب القانوني، لأنه من رابع المستحيلات أن تثبت أن ..د أو .. أو.. ود.. أو ..اب.. أو..اح.. ألخ ألخ إخواني. لأنه لا يكتب على صدره إخوانيته. وهنا ستكون المعضلة، وسنذهب للنائب العام ويحقق معنا ساعات طوال كما جرى لي خلال الأيام الفائتة في تحقيق مطول بعد شكوى مقدمة من شيخ الأزهر بحجة أنني أوقف مسيرة الدعوة الإسلامية!
إنه الطريق الثالث للإخوان. إنها الفلسفة الجديدة التي كنت أول من تحدث عنها عام 2016 (الجماعة الآن نظام بلا تنظيم).. إنها الشبكات الإسلامية المعتدلة التي تحدثت عنها “مؤسسة راند” الأمريكية منذ سنوات. إنه التزاوج والتلقيح بين تنظيمات إسلامية والليبرالية الغربية كما يقول صديقي كامل رحومة.. إنه تعديل لمشروع الإخوان بتكتيك جديد أستعير اسمه من صديقي مصطفى زهران، (تكتيك اللبرلة)، مشروع تحت عنوان الحضارة الإسلامية والقيم الدينية الوسطية. إسلام اجتماعي يمكن أن تقول. فالتنظيم الكلاسيكي الصارم سيظل باقياً لكنه سيضعف أمام التنظيم الجديد وهو (التيار العام)، أو (الإخوان الكيوت)، ولاحظ الأذرع التي تمت صناعتها في مصر مثل حزب الوسط او حالة عبدالمنعم أبو الفتوح وحالة مجموعة الإسلام الحضاري بجامعة القاهرة، بقيادة سيف عبدالفتاح، وحالة “عمرو خالد” بتلاميذه في “صناع الحياة” و”مجددون”، ومجموعة “رسالة” برعاية “شريف عبد العظيم”.. وحالة جاسم سلطان بقطر وأكاديمية التغيير، وطارق السويدان. ألخ ألخ.
إن التيار الإسلامي بكل تصنيفاته سنجده يندرج في محاور وحقول، الأول التنظيمات التي يطلق عليها جهادية، والثاني التي يطلق عليها سلفية، والثالث تنظيم الإخوان التقليدي الكلاسيكي، الذي سيخرج منه ما بعد التقليدي وهم الإخوان الذين يمثلهم القرضاوي، والريسوني كجسر، ومنهم مجموعة “عبد المنعم أبو الفتوح”، ومجموعة “الإسلام الحضاري”، ومجموعة الإخوان المندمجون مع الليبرالية الغربية لانتاج ما يمكن تسميته “شبكات إسلامية معتدلة”، ومنهم “عمرو خالد” وامتداداته، ثم مجموعة ما بعد “عمرو خالد”، والذي ربما أحد أمثلتهم معز مسعود، وحسام هيكل، ومصطفى حسني، وشريف شحاتة، وعمرو مهران، ومصطفى عاطف، والمذيع أحمد يونس.
ستجد في مجموعة الإخوان لايت، عناصر كثيرة من الرياضيين والسينمائيين، وفنانون وفنانات، وفرق موسيقية (نحتفظ بأسمائها).. وبعض من لاعبي الكرة، وشخصيات عامة ورجال أعمال. وللعلم كلهم يتحركون ليل نهار بل ويقيمون الحفلات والمؤتمرات في فنادق فايف ستارز، وبعض المواقع الإلكترونية تفرد لهم الأخبار ليل نهار دون إدراك ووعي.
سيقولون إنهم ليسوا إخواناً، لكنهم متشابهون في الجذور، والتاريخ، والأهداف، وفي خططهم للاستهداف، وفي السرية، وفي شبكة العلاقات الاجتماعية.
الإخوان اللايت كلهم متشابهون حتى في الأنصار والجماهير والعاطفة فأغلبهم يتابعون ويستمعون إلى “حمزة نمرة” و”هاني عادل” نجم فرقة “وسط البلد” و”كايروكي” وكل فرق “الأندر جراوند” و”زاب ثروت” و”محمد محسن” و”عزيز الشافعي” و”عايدة الأيوبي” و”نداء شرارة” و”محمد عطية” وربما “محمود العسيلي”، وتوزيعات “حسن الشافعي” ويتابعون ويدعمون “أبو تريكة”، ويؤكدون أن “محمد صلاح” إسلامي، ويشجعون نجوم الأهلي الربعاوية – ولو كان زملكاويًّا، ويدافعون عن الألتراس، ويدعمون سينما ودراما “عمرو سلامة” و”محمد دياب” و”خالد دياب” وأختهم “شيرين” و”هادي الباجوري”، ويتمتعون بكوميديا “أكرم حسني” أو “أبو حفيظة” و”الثلاثي أحمد فهمي وشيكو وهشام ماجد”، ويسمعون راديو “أحمد يونس” و”زاب ثروت”، ويفضلون أفلام “أحمد مالك” و”أحمد الفيشاوي” و”عمرو واكد” و”محمد عادل” و”عمر السعيد” و”علي صبحي” و”أحمد مجدي” و”ياسمين رئيس” و”أمينة خليل” و”هبة مجدي” و”ياسمين صبري”، ويقرأون لـ”بلال فضل” و”عمر طاهر” و”محمد صادق” ومجموعة مبدعي “دار دون” ومجموعة “شعراء وكتاب الصحبجية”، ويحفظون أشعار “محمد إبراهيم” و”عمرو حسن” وربما “هشام الجخ”، ويتابعون فيديوهات “حسام هيكل” و”محمد جعباص” و”شريف علي”، ويتفاعلون مع فاعليات “ساقية الصاوي”، وربما يرتادون نماذج المحاكاة المختلفة ومنها نموذج “جامعة الدول العربية بجامعة القاهرة، ونموذج “منظمة العالم الإسلامي” بجامعة الأزهر “مويك” وصالونات الإسلامويين مثل “معرفة” و”بالعقل نبدأ”، و”شيخ العامود” و”يقظة فكر”، وغيرها، ويتعاونون مع مبادرات دولية مثل مشاريع ومبادرات “أحمد الشقيري” و”معز مشعل”، وبرنامج “المشروع” ومنظمات عالمية مثل “تيدكس” و”أيزيك” وغيرها.
وكثير منهم كانوا يطالبون بالحرية لـ”مصطفى النجار”، ويكذّبون كل أحكام القضاء على الإرهابيين، ويهللون لوصول “محمد صلاح سلطان” أرض أمريكا، ويتداولون مقاطع من “توتوك عمرو الليثي”، ويتابعون قنوات “الجزيرة” و”العربي” وغيرهما، ويترقبون “مسلسل أرطغرل” التركي”، ويتثقفون بعصير كتب “بلال فضل”، ويتندرون بإفيهات “جو تيوب” و”باسم يوسف”.
بكل تأكيد أن محور العمل الرئيسي للإخوان الجديدة هو أوربا، التي يقود التنظيم فيها الآن (سمير فلاح) وهو مرشد الجماعة وقائد التنظيم الميداني بكل أوربا، وسنفرد له حديثاً مستقلاً.
الإخوان لايت هي الأخطر، هي التي تخترق بسهولة، وباتت تشكل تحديًا طويل الأمد، لأن الجماعة الآن لم تعد بشكلها القديم، فهي نظام بلا تنظيم!