مقالات الرأى

محمد محمود عيسى يكتب : القوة المصرية الحقيقية في أزمة غزة

0:00

بدأت أزمة وأحداث غزة وكأنها سيناريو متفق عليه بين جميع الأطراف من حيث التوقيت وإدارة العمليات العسكرية من قبل الأطراف المشاركين بها ولكن يبدو أن الأحداث خرجت عما هو مخطط لها وإذا تأملت مجريات هذه الأحداث وكيفية إدارتها والتصعيد المتزايد لها بشكل إجرامي وفاجر من قبل إسرائيل تكتشف أن المقصود من أحداث غزة الأخيرة ليس غزة ولا فلسطين ولكن باكدج كامل أوله وأساسه مصر وإذا تأملنا المنطق السياسي المتأمر نجد أنه كان يسير في اتجاه ضرورة إشعال جبهة غزة وبشكل ضاغط على مصر وذلك من أجل إشعال كل الحدود ومحاصرة مصر من كل الاتجاهات وذلك للضغط على مصر ومحاولة اختراق وإضعاف أمنها القومي وتهديد سلامها وأمنها الداخلي وكثيرا ممن يملكون حسا سياسيا عاديا كانوا يتوقعون هذه الخطوة في غزة وذلك لأنها خطة تقليدية قديمة جاهزة في أي وقت وفي كل الأوقات أطرافها يتلقون الأوامر وينفذونها كما هو مخطط لها ويقبضون الثمن مقدما وكذلك السلاح الذي ينفذون به العمليات العسكرية لا تستغرب من ذلك يا صديقي إنهم سماسرة الأرض وتجار القضية وتجار الدين وذلك على طريقة قضية حق يراد بها باطل ودين عندهم يباع ويشترى ومن المؤكد أن الأجهزة السيادية والقيادة المصرية كانت تتوقع مثل هذه الأحداث وتراقبها وتجهز لها السيناريوهات المضادة وتضع الخطط اللازمة للتعامل مع كل مراحل تصعيد وإدارة الأزمة وليست هذه الأزمة فقط بل كل الأزمات والأحداث التي تهدد حدود مصر ولكن المؤكد والملفت للنظر في هذه الأحداث وطريقة إدارة الدولة المصرية وتعاملها الحكيم والرشيد معها أنها أظهرت قوة مصر الحقيقية والتي أدركتها أطراف الأزمة والصانعين لها وهو ما يؤكد أن مصر تمتلك معادلات قوة متعددة قوية وراسخة مكنتها من الصمود في وجه الضغوط الدولية الضخمة والكبيرة والمتواصلة وكذلك المقاومة والرفض لكل المغريات الدولية والمالية والاقتصادية التي مارسها العالم على مصر وذلك من أجل قبول حلول مفروضة على الدولة المصرية تنقص من سيادتها وتعتدي على أراضيها وتقوض من أمنها القومي وتصنع حالة من الهزيمة الداخلية في نفوس  المصريين بل تجاوزت معادلات القوة المصرية الحقيقية في أنها لم تكتف بدور المدافع والرافض فقط بل تجاوزت القوة المصرية حدودها في أزمة غزة في أن القرار المصري تعامل بندية واستعلاء مع القرارات الدولية المناهضة والمتأمرة على مصر وفلسطين بل وتعاملت الدولة المصرية بذكاء وصبر وحنكة عالية في استخدام كل أوراقها المعلنة والخفية ولمن يتابع الأحداث ويحللها يجد أنه لم تكن أدوات القوة المصرية في إدارة الأحداث الأخيرة هي أدوات القوة العسكرية فقط حتى وإن كانت هي أهم الأدوات التي كانت تناور بها مصر ولكن الأطراف الأخرى والمعادية تدرك تماما أن القوة التي تناور بها مصر هي قوة شاملة تستعرضها بحكمة ورشد وحنكة وذكاء في أحداث غزة الأخيرة والتي استعرضتها وقدمتها أمام كل الأطراف الدولية وأهمها الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وهي قوة شاملة يدركها الغرب تماما وتدركها إسرائيل وأمريكا قوة مصر الشاملة والتي مكنتها من الصمود والمقاومة بل وحتى فرض حلولها كانت شاملة وفي كل المجالات الاقتصادية والعسكرية والصناعية والزراعية وبقية المجالات الأخرى وهي معادلات القوة الوحيدة التي يعترف بها العالم ويقدرها ويدركها ويحللها أكثر من الشعوب نفسها وهو ما مكن مصر من أن تقدم نفسها للعالم العربي والدولي في صورة القيادة والزعامة والريادة نمط قديم وحق مكتسب من حقوق مصر التاريخية والتي تصور البعض من المراهقين في الحكم والسياسة أنه من الممكن أن ينتزع هذا الحق من مصر أو أن مصر من الممكن أن تضعف وتحاصرها الأزمات ولا تلتفت إلى زعامة أو قيادة أو ممارسة أي دور تاريخي أظهرت أزمة غزة قيادة مصر ولكنها قيادة حكيمة وزعامة رشيدة متزنة تبتعد عن الخطابات الرنانة التي تخاطب مشاعر وقلوب الجماهير وتتخذ خطوات وقرارات رعناء متسرعة تؤدي إلى خسائر مستقبلية كبيرة يدفع ثمنها الشعب بعد عشرات السنين قدمت مصر نفسها في الأحداث الأخيرة على أنها تمتلك ريادة العمل السياسي والتأثير القوي والفعال في محيطها والذي يحترمه ويقدره العالم ويبني عليه حساباته وردود أفعاله السياسية كما يضاف لمكاسب مصر الحقيقية التي ظهرت وتجلت واضحة في أزمة وأحداث غزة الأخيرة أنها أعادت ترتيب الأحداث والمؤثرات لدى المواطن المصري وأعادت اكتشاف المواطن المصري لقيادته السياسية وإدراكه لدورها القوي والفعال في مجريات الأحداث الإقليمية والعالمية كما جعلت البعض يعيد التفكير في الكثير من رفضه ومعارضتة للكثير من القرارات التي كانت تتخذها القيادة المصرية وأهمها تعليقات بعض العامة على إعادة تسليح الجيش المصري وتنوع صفقات السلاح العسكرية وما كان لهذا الدور المصري القوي أن يظهر ويؤثر إلا بقيادة تمتلك الحكمة والقيادة والتوجيه الرشيد والحكيم في إدارة هذه الأحداث والتعامل معها والتي لم تنزلق إلى حدود الهاوية والتضارب والمغامرات السياسية واستطاعت بما تملك من قوة حقيقية شاملة في أن تفرض رؤيتها وقرارها على مجمل الأحداث قدمت الأحداث الأخيرة في غزة القيادة المصرية إلى شعبها بشكل جديد ومختلف وقوي جعل المواطن المصري يفتخر بقيادته ودولته كما كان كان يفتخر بها دائما وعلى مر الزمان

زر الذهاب إلى الأعلى