مقالات الرأى

محمد محمود عيسى يكتب : حكومة منتهية الصلاحية

لا أدري إن كان هناك نص دستوري ينص على ضرورة تقديم الحكومة لاستقالتها بعد أداء السيد الرئيس يمين القسم لبدء فترة حكم جديدة وإن لم يكن هذا النص الدستوري موجودا ومفعلا في الدستور المصري بخصوص ترتيبات الحكم واستقالة الحكومة فأعتقد أن مناسبة الوضع العام في البلاد وإخفاقات الحكومة الكثيرة والمتكررة وفي مختلف قطاعات وشؤون الدولة وتقييم المواطن المصري  لأداء الحكومة أقوى من أي نص قانوني أو دستوري يفرض ويحتم على الحكومة الحالية تقديم استقالتها والبدء الفوري في تشكيل حكومة جديدة تناسب المرحلة القادمة وتعمل على إصلاح ما فشلت فيه الحكومة الحالية والتي أصبح وجودها الحالي والقائم منتهي الصلاحية تماما وأصبحت لا تناسب الشعب المصري ولا متطلبات المرحلة الحالية ولا القادمة وأصبحت غير صالحة للاستهلاك الشعبي وذلك لأنه لا يوجد في الأغلب ملف واحد في قطاعات حكومية أكثيرة أنجزتها الحكومة واستطاعت أن تنقل البلاد إلى مرحلة متطورة ومميزة ومنتجة في العمل والإنجازات الحقيقية . مرحلة تغيير شامل تجعل المواطن يشعر بتغيير حقيقي وملموس ينعكس على حياته ومعيشته ومدركاته التعليمية والدينية والثقافية.

 لم تستطع الحكومة غالبا أن تصنع إنجازا عالميا غير مسبوق ينقل المواطن المصري في حياته ومعيشته إلى مصاف الدول الراقية المتحضرة ولم تستطع الحكومة أن تغير من اهتمامات المواطن المصري القديمة والتقليدية وتجعله يهتم بالثقافة والفكر والفن والأدب والسفر والرحلات والتأمل والتفكير والإبداع بل على العكس وجهت الحكومة كل اهتمامات المواطن المصري إلى السكر والزيت ورغيف الخبز والغلاء وفوضى الأسواق والدروس الخصوصية ومتطلبات الحياة والمعيشة.

لم تكن مصر البرازيل في مرحلة التدهور الاقتصادي الكبير وجاءت الحكومة المصرية والمجموعة الاقتصادية ووضعت برامج اقتصادية غير مسبوقة أنقذت البلاد ورفعت معدلات أداء الاقتصاد المصري وجعلته يحقق معدلات عالية في العمل والإنتاج وتحقيق فوائض مالية ضخمة تمكن الدولة من مواجهة ومجابهة اية أزمة اقتصادية بل على العكس وبعد كل هذه السنوات من تولي الحكومة المصرية لدفة المال والاعمال والاقتصاد شاهدنا تراكم وازدياد الديون الخارجية والداخلية وأزمات معيشية خانقة وفوضى الأسواق والأسعار وتحكم التجار في السلع وقيادتهم وسيطرتهم على الأسواق وفي أخر الأمر لجأت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومع ازدياد الأزمة الاقتصادية الأخيرة وضغطها الشديد على الاقتصاد ووصول معدل أدائه إلى الضعف الشديد لم تقدم الحكومة حلول اقتصادية جديدة ومبدعة وخلاقة تقوم على حل الأزمة والخروج من مراحل الأزمة الاقتصادية إلى مراحل العمل والإنتاج وتوفير السيولة المالية من خلال أدوات ومنتجات الدولة الاقتصادية ولكن وقفت الحكومة عاجزة تماما أمام هذه الأزمة الاقتصادية الخانقة والخطيرة ولجأت إلى الحلول التقليدية العاجزة والأخيرة لجأت إلى الخصخصة أو الطروحات الحكومية وكان على رأسها مشروع طرح أراضي  منطقة رأس الحكمة للاستثمار الخارجي ودخول دولة الامارات الشقيقة للاستثمار ووصول التدفقات المالية الامارتية الكبيرة والتي عملت على إنقاذ الاقتصاد المصري ووضعة مرة أخرى على قيد العمل المبدئي والتحرك وفق هذه التدفقات المالية الخارجية وهو حل يدين الحكومة ويضعها في دائرة الاتهام المباشر والصريح أكثر ما يبرئها ويوجب وضعها تحت المسائلة أكثر ما يوجب عليها الافتخار بإنجاز هذه الصفقات لأنه هناك فرق بين أن تطرح مشروعا للاستثمار وأنت في وضع اقتصادي قوي وبين أن تطرح مشروعا للاستثمار وأنت في وضع اقتصادي ضعيف ولا يوجد دليل اتهام للحكومة في عجزها وإخفاقها وتسببها في وصول الأزمة الاقتصادية إلى مراحلها الخانقة أكثر من تصريح رئيس الوزراء في مؤتمر توقيع صفقة رأس الحكمة حينما قال أن أموال الصفقة تمكننا من إعادة تصحيح المسار الاقتصادي بما يعني ويؤكد أن المسار الاقتصادي القديم قبل صفقة رأس الحكمة كان خطأ وهو ما ثبت وتأكد بمعدل وصول الأزمة الاقتصادية إلى هذه المرحلة والذي أرجع الدولة المصرية إلى دائرة الاستدانة من صندوق النقد والبنك الدولي مما مكن هذه المؤسسات الدولية من فرض شروطها القاسية والعنيفة على الاقتصاد المصري وانعكاساتها المؤلمة على المواطن في مصر هل بعد هذا الأداء الاقتصادي المتردي والضعيف يوجد مبرر واحد لبقاء الحكومة واستمراها في أداء عملها خلال فترة الحكم الجديدة ؟ وبعيدا عن الاقتصاد والمجموعة الاقتصادية هل أداء وزارة الثقافة يتناسب مع تاريخ مصر العريقة في الفن والأدب والثقافة ويناسب متطلبات المرحلة القادمة؟ هل قدمت وزارة الثقافة مشروعا حضاريا يعيد مصر إلى مرحلة الريادة والقيادة والتأثير في محيطها العربي؟ هل قدمت وزيرة الثقافة مشروعا ثقافيا يعيد إلى المثقفين المصريين هيبتهم ومكانتهم ويمكنهم من الإبداع

 هل حدث تقدم جوهري وملموس في ملف التعليم أم أننا ندور مع وزير التعليم الحالي في دائرة مفرغة لا يعلم أحد متى تنتهي غير تصريحات وردية ومشروعات خيالية وزيارات وصور والتغيير الحقيقي في ملف التعليم لم يحدث على أرض الواقع وسناتر الدروس تعمل بكل طاقتها جهارا نهارا بدون أدنى رقابة أو رادع من الدولة وأصبح هناك تعليم موازي واقتصادي تعليمي غير شرعي وبموافقة وعلم وزارة التربية والتعليم ونحن نتحدث عن مشروعات تطوير التعليم هل وزير التعليم قادر على قيادة أهم وأخطر ملف في الدولة المصرية وهو ملف تطوير التعليم هل هذا الوزير بقدراته وإمكانياته الحالية قادر على استكمال المرحلة القادمة ؟ هل وزير الأوقاف وبقدر جمود وثقل وأهمية ملف تجديد الخطاب الديني والارتقاء بمستوى وأداء الأئمة والخطباء في المراكز والقرى النجوع قادر على استكمال المرحلة القادمة ومناسب لها؟ هل رأيتم ارتفاع مستوى الوعي الديني وانعكاس ذلك على سلوك المواطن في الشارع والبيت والعمل ومع الناس هل رأيتم ذلك لم يحدث ولن يحدث.

 هل حققت مصر طفرة زراعية كبيرة تناسب طموحات وأحلام الجمهورية الجديدة وحققت ثورة هائلة وغير تقليدية في مجال الإنتاج الزراعي مكنت مصر من تحقيق الاكتفاء الذاتي في المحاصيل الاستراتيجية ونافسنا بها الأسواق العالمية هل حدث ذلك بعيدا عن تقليدية الأداء في العمل وإلقاء البيانات في الافتتاحات والمناسبات الرسمية لم يحدث ذلك قدرات تقليدية ومستهدفات أقل من حلم المنافسات والأداء العالمي لماذا تستمر الحكومة ويستمر وزير الزراعة في عمله أما عن وزير التموين فقلة الكلام عنه وعن وزراته أفضل بكثير من الكلام عنه فوزير التموين ووزارته في كوكب آخر .  هل حقق وزير التجارة والصناعة طفرة صناعية هائلة في مصر نقلت مصر إلى مصاف الدولة الصناعية الكبرى في العالم؟ هل قدم وزير الصناعة والتجارة رؤية مبتكرة ومبدعة لتوطين الصناعات في القرى والنجوع والمراكز وتحويلها إلى مناطق صناعية صغيرة تساهم في دعم اقتصاد الدولة لم يحدث.

تقييم سريع لأداء ومنجزات الحكومة والكثير من الوزارات المنتهية الصلاحية قد تكون الظروف الدولية والإقليمية غير مناسبة لتغيير الحكومة في الوقت الحالي ولكن ظروف الشعب المصري ومتطلباته وأمله الأخير في رؤية تغييرات وزارية حقيقية ورؤيته لأداء حكومي شاب مختلف وواعد ومنطلق ومتفرد ومبدع وعبقري في عمله وإنجازاته أقوى وأهم وأولى وأخطر من كل الظروف الإقليمية والدولية. قد يكون انتظار المواطن المصري لرؤية تغييرات حقيقية في معيشته ومتطلبات حياته أولوية مطلقة لا تنتظر التأخير

قد يكون طموح المواطن ووطنيته وحبه وإخلاصه لبلده وغيرته عليها أكبر بكثير من قدرات الحكومة وبعض الوزراء فما من مواطن يحب بلده إلا ويتمنى أن يراها في أعظم وأبهى صورة وفي كل المجالات

زر الذهاب إلى الأعلى