مقالات الرأى

محمد محمود عيسى يكتب: القمة العربية الكاشفة

انعقدت القمة العربية الإسلامية في الرياض بحضور الدول العربية والإسلامية وانتهت وكأنها لم تنعقد ولم تغير في الموقف العربي والإسلامي شيئا انعقدت القمة الغير عادية في ظروف عربية غير عادية وكان المتأمل والمنتظر منها مواقف وقرارات غير عادية قرارات ومواقف تعيد ما تبقى من أمل لدى المواطن العربي في مؤسساته العربية  والإسلامية الجامعة وفي قادته أيضا و لكن انفضت القمة على قرارات ومواقف عربية وإسلامية تقليدية وروتينية باهتة وضعيفة ومكبلة بحسابات وتوازنات ومخاوف متعددة قرارات لم تغير في واقع الأمر شيء بل على العكس كشفت قرارات القمة عن مدى ضعف ووهن الموقف العربي والإسلامي تجاه القضايا التي تشغله وتشكل محور اهتمامه وأهم هذه القضايا بالطبع هي القضية المحورية للعرب والمسلمين وهي القضية الفلسطينية والحرب على غزة وبغض النظر عن كلمة مصر في القمة والتي كانت مكملة ومؤكدة لموقف مصر الواضح والحاسم من بداية الأزمة وحتى انعقاد القمة وهو ضرورة وقف العدوان الغاشم على غزة والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية وحل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين وحدود 67 وأن مصر تقف بكل حسم وقوة ضد تهجير سكان غزة وضد تصفية القضية الفلسطينية هذه كانت مواقف مصر الواضحة والحاسمة في القمة العربية والإسلامية وما دون كلمة وموقف مصر في القمة جاءت جميع الكلمات والمواقف ضعيفة وتقليدية وكاشفة عن مدى ضعف الموقف العربي وافتقاره لأية أدوات أو إمكانيات من الممكن أن يوظفها أو يستغلها في دعم موقفه من القضية الفلسطينية والاعتداء على غزة مع أن المثير للأسى والحزن أن الدول العربية والإسلامية المجتمعة في الرياض مكان انعقاد القمة تملك الكثير من الموارد والامكانيات التي من المفترض أن توظفها في تأكيد وتقوية مواقفها وفي عرض قضاياها بل على العكس الواقع والمنطق يقول أن إمكانيات وقدرات الدول المجتمعة في قمة الرياض تستطيع أن تفرض مواقفها بقوة استغلال وتوظيف هذه الإمكانيات في خدمة قضاياها وفرض قرارها والدفاع عن إرادتها السياسية ولكن جرت العادة أن العرب دائما يسيرون ضد المنطق وضد العقل وضد الواقع ولذلك حينما كانت القمة تنعقد في الرياض وكانت كلمات الزعماء العرب تصدح في جنبات قاعة الاجتماع كانت هناك في غزة تستمر العمليات العسكرية الغاشمة ضد الأطفال والنساء والرجال بل وقبل أن يصدر البيان الختامي للقمة صرحت إسرائيل بأنها ستبسط سيادتها على الضفة الغربية في اعتداء معنوي وأدبي سافر على القمة العربية الإسلامية ومواقفها وكلماتها وبيانها الختامي الذي خرج حتى بدون أن يتضمن مواقف حاسمة وقاطعة ومخيفة تجعل الطرف المعتدي يعيد حساباته من العدوان مرة أخرى أو حتى يفكر في وقف العدوان تحسبا لما تتضمنه مواقف الدول المجتمعة في القمة أو ما تضمنه بيانها الختامي حتى التلويح من أمين عام الجامعة العربية باتخاذ مواقف متشددة من إسرائيل في الأمم المتحدة جاء تلويحا ضعيفا وبدون الاتفاق على أليات تنفيذ هذه المواقف وكيف ومتى ستتم وعلى ذلك انفضت القمة العربية الإسلامية وكانت حصيلتها النهائية كلمات منطوقة في جلسة وكلمات مكتوبة في بيان ختامي لم تغير من الموقف العربي والإسلامي شيء بل على العكس تماما كشفت مدى الضعف العربي والإسلامي الكبير تجاه كل القضايا التي تشغله أو حتى القضايا الحاسمة في مواجهة الأطراف الأخرى انفضت القمة العربية الإسلامية وكشفت مدى ترهل وضعف المؤسسات العربية والإسلامية الجامعة بكل رجالها ومواقفها وبكل تاريخها وكشفت إلى أي مدى أصبحت عبء على الشعوب العربية وأصبحت عبء على القضايا التي تواجهها وأصبحت غير صالحة للاستعمال في المواقف السياسية والرسمية الحالية انفضت القمة وأعلنت وفاة الجامعة العربية إكلينيكيا بمواقفها الضعيفة المتخاذلة والتي لم تستطع أن تتخذ موقفا واحدا قويا وحاسما ومؤثرا تجاه الحرب الظالمة على غزة ومن المفترض أن يبحث العرب عن كيان آخر أو مؤسسة أخرى أكثر نفعا وأكثر جدوى من الجامعة العربية أو حتى يعملوا على إعادة هيكلتها وتطويرها بما يتناسب مع تهديدات العصر الحالي انفضت القمة العربية الإسلامية ولم يتبق منها سوى موقف مصر فقط الواضح والحاسم تجاه رفض التهجير ورفض تصفية القضية الفلسطينية وحل الدولتين انفضت القمة العربية الإسلامية وكشفت للعالم العربي والإسلامي أن القضية الفلسطينية هي قدر مصر ومصر فقط وأن من يعني بهذه القضية ويسعى لحلها وعدم تصفيتها والوقوف في وجه جميع محاولات بيع القضية وتهجير أهلها والقضاء على أخر ما تبقى منها هو مصر ومصر فقط نعم مصر فقط ولا حتى أصحاب القضية يعنيهم ويشغلهم ما سوف يحدث في الأيام والشهور القادمة فها هو محمود عباس أبو مازن الرئيس الفلسطيني ألقى كلمته المعتادة وتناول وجبة العشاء وركب طيارته وعاد من حيث أتى ونسي قضيته تائهة عاجزة مكسورة مجروحة في ردهات وغرف القصر الذي انعقدت فيه القمة العربية الإسلامية الغير عادية

زر الذهاب إلى الأعلى