مقالات الرأى

محمد محمود عيسى يكتب: الذكاء الاصطناعي ونظام التعليم في مصر

حركة من النشاط والحيوية والزيارات المتبادلة بين وزير التربية والتعليم ووزير الاتصالات ووزير التعليم العالي وزيارات من وزير التربية والتعليم لمدارس التعليم الفني وخروج ملف التعليم الفني ومهارات الحوسبة والبرمجة والذكاء الاصطناعي إلى واجهة وطاولة مجلس الوزراء والوزارات المعنية بعد تصريحات السيد الرئيس في افتتاح مركز البيانات والحوسبة السحابية الحكومية بضرورة التوجه إلى تعليم البرمجة والذكاء الاصطناعي والبعد عن الدراسة بالكليات النظرية والأدبية كالتجارة والحقوق والآداب مما يعني تغيير توجه التعليم في مصر إلى هذه التخصصات المستقبلية الجديدة وهي حقيقة تخصصات واعدة تناسب سوق العمل في المستقبل وتضيف للدولة المصرية عند اكتمالها وخروجها إلى سوق العمل الداخلي والخارجي بعدا وثقلا علميا واقتصاديا على مستوى المجتمع المصري وعلى صعيد القوة الناعمة للدولة المصرية بل إن هذه التخصصات حال ترسيخها في هيكلة وأساسيات التعليم من الممكن أن تعيد صياغة وتشكيل شكل المجتمع المصري بالكامل ولكن السؤال الذي يطرح نفسه دائما هل نظام التعليم المصري الحالي بكل ما فيه من ضعف وفشل وعشوائية وفوضى من الممكن أن تؤدي مخرجاته إلى تطبيق هذه الرؤية المستقبلية الطموحة ؟ هل كان وزير التربية والتعليم في انتظار توجيهات السيد الرئيس بخصوص تخصصات المستقبل وسوق العمل حتى يعدل من خططه وبرامجه واستراتيجيات وزارته تماشيا مع التوجيهات الرئاسية وإذا كان وزير التربية والتعليم لا يضع هذه التخصصات المستقبلية الواعدة نصب عينيه ويجعلها من أساسيات وسياسات عمله وخططه في الوزارة فهو يعاني من التأخر الشديد في رصد المستقبل ووضع الرؤى والخطط والسياسات التي تتوائم مع العالم الحديث ولغة المستقبل وإذا كان الوزير قد أخذه الحماس والنشاط بعد سماع خطاب الرئيس ورؤيته لتخصصات المستقبل فوزير التربية والتعليم في هذه الحالة يعمل بالقطعة ووفق توجيهات المرحلة وهي مرحلة خطيرة في سياسات وزارة بأهمية وزارة التربية والتعليم يجب أن تضع خططها واستراتيجياتها بناء على رؤية الدولة المصرية ووفق إمكانيات وقدرات الطالب المصري وقبل كل ذلك توجهات ورؤية العالم الحديث والمتقدم والتخصصات العلمية المسيطرة على العالم الحديث ومن المهم أيضا في هذا المجال أن يكون الوزير المختص متخصصا أو قريبا من مجالات العلوم والرياضيات والهندسة والبرمجة والحوسبة والذكاء الاصطناعي بشكل مباشر أو غير مباشر أو حتى من خلال المعايشة والمحاكاة مع برامج التعليم التي تقدمها الجامعات العالمية في أوربا وأمريكا أو حتى يمتلك تلك الرؤية العالمية الحديثة والخبرات الأكاديمية التي تنتج من خلال التدريس والعمل في الجامعات العالمية الأمريكية والأوربية أو حتى يمتلك درجات علمية عالمية متخصصة وهنا ستختلط تلك الرؤية العلمية مع تجارب التدريس والخبرات والمكانة العالمية المتميزة لتضع في نهاية الأمر قناعة شخصية وتجربة علمية وعالمية رائدة تنطبق على كل سياسات وخطط وزارة التربية والتعليم بل قد يكون الوزير في هذه الحالة سابقا ومتقدما على التوجهات العالمية في رؤيته وتوقعه للتخصصات العالمية وبرامج عمل المستقبل .

 كما أن هذه الرؤية العلمية العالمية المتخصصة في دراسة هذه البرامج لا يمكن أن تتم بمعزل عن تطوير المجتمع وإعادة هيكلته في ثقافته وفكره وأدبه وفنه وإعلامه ودينه وهنا لابد أن نضع معايير مختلفة وجديدة وعصرية في كل ما من شأنه أن يؤثر ويغير من ثقافة ووعي المواطن المصري ويضعه على طريق العلوم الحديثة ومتطلبات المستقبل إذ لا يمكن أن تتم هذه الرؤى الحديثة للتعليم في مجال واحد فقط ونترك بقية المجالات كما هي على حالها من القدم والضعف والوهن فكما أن المستقبل له علومه ومجالاته وتطلعاته التي تتماشى معه كذلك المستقبل له ثقافته وفكره وفنه وخطابه الديني الإسلامي والمسيحي الذي يتوائم ويتوافق معه ويلبي رغباته وطموحاته ويتماشى مع لغة المستقبل وفكره المتطور والعالمي الحديث وهنا ستكون المؤسسات المعنية ملزمة بالتطوير والتحديث وفهم وإدراك لغة المستقبل وبالضرورة إشباع وتلبية حاجات ومتطلبات الشباب الفكرية والدينية والثقافية بدلا من أن تتسع المسافات وتكبر بين هذه المؤسسات وبين الشباب وتصل لغة وفكر وأواصر التفاهم معهم إلى القدم وانتهاء صلاحية الخطاب بأنواعه المختلفة وهنا سيجد هؤلاء الشباب وبعد أن حصلوا على العلوم العصرية العالمية الحديثة ولم يجدوا معها ما يواكبها ويتماشى معها من الثقافات والفنون والآداب والفكر والخطاب الديني المناسب أنفسهم أمام ثقافات وفكر وخطاب لا يناسب عصرهم ولا يتوائم مع ثقافتهم ولغتهم الجديدة وهنا من الممكن أن تضعف مناعتهم الفكرية ويلجأ هؤلاء الشباب إلى آفاق ورافد أخرى خارجية أو داخلية مجهولة تروي ظمأهم من هذه الأفكار والمعارف وهنا لابد أن ندرك تماما أنه إذا كنا نريد أن نرى نهضة حقيقية في المجتمع والدولة المصرية فيجب أن يكون هناك مشروع حضاري متكامل يشمل جميع جوانب المجتمع المصري ويتم تطبيقه وتنفيذه على أسس علمية وعصرية حديثة

زر الذهاب إلى الأعلى