مقالات الرأى

محمد محمود عيسى يكتب: استغلال الفقراء في إعلانات رمضان

يأتي شهر رمضان في كل عام وتنشط معه الحملات الإعلانية للتبرع للجمعيات الخيرية التي تعني بشؤون الفقراء والمرضى ونحن هنا لا ننكر الدور الخيري الذي تقوم به هذه الجمعيات في دعم ومساندة المجتمع ولكن ما نرفضه هو تلك الوسائل الإعلانية التي تلجأ إليها هذه الجمعيات والمستشفيات الخيرية في سبيل جمع التبرعات من الناس وفيما يشبه المارثون الذي يبدأ من أول يوم في شهر رمضان المبارك تتفنن هذه الجمعيات والمستشفيات في عرض عدد كبير من الإعلانات التي تطالب الناس بالتبرع لهم وتصل هذه الإعلانات في طريقة عرضها وبالمشاهد التي تعرضها إلى مرحلة انتزاع التبرعات من قلوب الناس قبل جيوبهم إلا أن الشيء المرفوض في هذه الإعلانات والذي نتمنى أن تتصدى له وزارة التضامن والأجهزة المنوط بها رقابة الإعلام في الدولة هو مشاهد الفقراء والمرضى في هذه الإعلانات بل تصل القسوة ببعضهم من انتهاك حقوق الطفولة والإنسانية في مشاهد عرض الأطفال المرضى وهم يتحدثون عن مرضهم ومعاناتهم القاسية أمام الكاميرات والشاشات وهنا نرفع صوتنا بالسؤال والاعتراض والرفض كيف تسمح وزارات الدولة المختصة برعاية الأطفال والمرضى سواء كانت وزارة التضامن أم وزارة الصحة أو غيرها من الوزارات المسؤولة بعرض مشاهد الأطفال المرضى وهم في المستشفيات يتلقون مراحل العلاج وتظهر عليهم علامات الإعياء والتعب والمرض . ألم يكفهم ما سلبه المرض من طفولتهم وبراءتهم حتى نعرض مرضهم ومعاناتهم على الشاشات ونستجدي بألآمهم جيوب الناس وكيف سمحت وزارة الصحة ومراكز وجمعيات حماية الطفولة بانتهاك خصوصية هؤلاء الأطفال المرضى وسمحت بعرض حالاتهم المرضية أمام الملايين من المشاهدين في سبيل جمع تبرعات وأموال وهي من المفترض بها أنها تستر مرضهم وتحافظ على خصوصيتهم وكيف تسمح وزارة التضامن والأجهزة المسؤولة بهذه الانتهاكات الخطيرة للفقراء والمرضى وعلى شاشات الفضائيات المختلفة وأمام الملايين من المشاهدين داخل وخارج مصر حتى حالات الحروق لم تسلم من التوظيف والاستغلال وخرجت بهم مكينات التكسب والابتزاز وصنعت لهم إعلانات تستجدي بحروقهم ومناظرهم المؤلمة أموال الناس كيف تسمح وزارات الدولة بذلك وكيف لم تصل هذه المشاهد والإعلانات إلى الوزارات والأجهزة المسؤولة في الدولة حتى تتدخل وتمنع هذه الفوضى العارمة التي تضرب سوق إعلانات المتاجرة بالفقراء والمرضى في شهر رمضان وفي غير رمضان . كيف لمصر التي تقدم نفسها للعالم وللمحيطين بها على أنها تبني نهضة تنموية عظيمة يشهد لها كل من حولها ويثني على ما تبنيه وتقدمه من مدن ومشروعات مليارية كبيرة كيف لبعض هذه الجمعيات والمستشفيات الخيرية والتي لا تدرك خطورة ما تقدمه من مشاهد البؤس والفقر والمرض في إعلاناتها في رمضان أن تشوه صورة مصر بهذه المشاهد البائسة الفقيرة المريضة وكيف تتوافق صورة مصر التنموية العظيمة مع مشاهد الفقر والمرض وكيف تتوافق مشاهد قوافل الإغاثة التي تخرج من مصر إلى جيرانها ومن حولها تضامنا معهم في حوادثهم وكوراثهم مع مشاهد مستشفيات علاج الحروق وعلاج الأطفال وهي تستجدي الناس وتستعطهم أن يتبرعوا لهم . حملات إعلانية قديمة ومكررة أصبحت لا تتوافق مع أهداف وطموحات ومشاريع الجمهورية الجديدة التي تهدف إلى الانتقال بالمواطن المصري إلى مراحل الارتقاء بمستويات المعيشة المختلفة وخلق واقع عصري حديث تتوفر فيه كل مقومات وأسباب الحياة الكريمة ولا نعتقد أن وسائل الإعلانات تقتصر فقط على مشاهد الفقراء والمرضى بل هناك وسائل وأدوات تكنولوجية حديثة تحقق الغرض وتصل إلى الهدف بدون عرض مشاهد الفقر والمرض وانتهاك خصوصية المرضى والأطفال أننا نتمنى أن تصدر وزارة التضامن ووزارة الصحة وجمعيات حماية الطفولة تعليمات مشددة بعدم عرض مشاهد الفقراء والمرضى والأطفال في الحملات الإعلانية للجمعيات والمستشفيات الخيرية في رمضان وفي غير رمضان حماية لهم وحفاظا على خصوصيتهم واحتراما لمرضهم ومعاناتهم وحفاظا على صورة مصر في الداخل والخارج

زر الذهاب إلى الأعلى