مقالات الرأى

محمد أمين المصري يكتب : كذبة ما بين العامين

كلما اقترب العام الجديد من القدوم، تكثر التعليقات على السوشيال ميديا، فالبعض يعلن تفاؤله الشديد بما هو قادم، والآخر لا يبدي ارتياحا للضيف المقبل، وبين التفاؤل والتشاؤم، تنتابنا مشاعر مختلطة من الحنين للماضي والخوف مما هو آت. ولكن الأهم أن نغلق السنة الحالية بكل ما فيها من تجارب، أحداث وذكريات، ونرحب بعام جديد يحمل في جعبته العديد من الفرص والتحديات الجديدة. وفي هذا السياق، يمكننا القول إنه لا يوجد كِذبة أكبر من إغلاق السنين وانتظار بداية سنة جديدة.
ربما من التعليقات “بوست” علي “الفيس بوك” يجسد صورة للفنانين الراحلين سمير غانم وجورج سيدهم من مسرحية ”المتزوجون“، يخاطب فيها جورج سمير غانم قائلا: “مش عايزين سنة جديدة..عايزين سنة قديمة مستعملة“.
فالحقيقة، عندما نُغلق صفحة العام السابق، نجد أنفسنا نعيش في حالة من التأمل والتقييم، نستعرض ما حققناه وما فشلنا فيه، ونستخلص الدروس التي تعلمناها، إنها فرصة لنعيد تقييم أهدافنا وتوجهاتنا، ونقرر الخطوات التي نتخذها لتحقيق تطلعاتنا في السنة الجديدة.
ومع ذلك، يجب أن نكون واقعيين في توقعاتنا، فالعام الجديد ليس عصا سحرية بحد ذاتها، بل العام نفسه فرصة جديدة لنستفيد منها ونعمل بجد لتحقيق أهدافنا، فرصة لنبدأ من جديد ونستخدم خبراتنا السابقة للنمو والتطور.
قدوم العام الميلادي الجديد يجب أن يكون فرصة للتأمل والتفاؤل والأمل، فعلى الرغم من أننا لا نعلم حقيقة أو واقع التحديات التي قد تواجهنا، إلا أنه في قلوبنا تسكن الأماني والطموحات، ربما نكون مترقبين للتغيير والتحسين في حياتنا الشخصية والمهنية، وقد نكون متحمسين لاستكشاف آفاق جديدة وتحقيق أحلامنا.
لذلك، لا يوجد كذبة أكبر من إغلاق السنين أو أيام السنين، فالعام الذي سيهل بعد أيام قليلة هو فرصة للتجديد والنمو والتحول، وعلينا استغلالها بحكمة، وأن نحتضن التغيير ونعمل على تحقيق أهدافنا بإصرار واجتهاد.
في تقديري لا يوجد عام تأتي أجمل من عام.. نعم، هذه العبارة تحمل في طياتها رسالة قوية وتذكيرا بالقوة الداخلية التي نحملها كأفراد يمكنهم أن يجعلوا حياتهم أجمل وأكثر إشراقا.
نحن في حياتنا المتحكمون في ما نصبح عليه، سواء كان ذلك جمالا أو قبحا، لأننا من يقرر كيف نستقبل الأيام وكيف نتعامل مع المشاعر والتحديات التي تواجهنا.
ربما كانت رياح الواقع تعصف بنا في بعض الأحيان، ولكن لا تفقدنا إرادتنا وقدرتنا على التأقلم والتغيير، فالحب على سبيل المثال يمكن أن يجعلنا أجمل، فهو يمنحنا السعادة والإلهام والقوة. الوداع يمكن أن يكون صعبا، ولكن من خلال تجاربنا وما تعلمناه منها، ننمو ونتطور كأشخاص، الوداع هو الوداع، اللقاء هو اللقاء، الاشتياق هو الاشتياق، وكلهم (الوداع واللقاء والاشتياق) يعززون روابطنا الإنسانية ويجعلونا نقدر أكثر قيمة العلاقات والتواصل.
لهذا..فنحن المسئولون عن تشكيل حياتنا وتحقيق سنواتنا الجميلة، ونحن قادرون على تغيير مفهوم الجمال وإشراق الحياة بالتفكير الإيجابي والعمل الجاد، من خلال تطوير أنفسنا وتحقيق النجاحات الصغيرة، ونستطيع معها أن نصنع السعادة والجمال في كل يوم.
ما أستطيع قوله إنه لا يوجد كِذبة أكبر من إغلاق السِنين وانتظار بداية سنة جديدة، فلا يوجد سنة تأتِي أجمل من سَنة، نحن من نُصبح أجمل وأقبح.
نَحن من نغير ايامنا .. فمشاعرنا تُغيرها رياح الواقع والحب والوداع واللقاء والاشتياق ..نحن الذين نختار أن نُبرم صفقة جديدة مع الأيام ..الأعوام لا تنتهي معها الألام ولا تضمن السعادة، ولكن نحن نضمن أن نصنع السعادة ونقاوم الألام.
الأيام تنتظر أن نؤمن بقدرتنا على التغيير، فالزمن لا يقوم بتصفية الناس من حولنا، نحن من نصفيهم وننصفهم، نعزلهم أو نقربهم ونبعدهم.نحن من نتغير ونُغير، فنحن الزمن ونحن الأيام.
يتبقي أيام قليلة على انقضاء العام، لكن بأيدينا أن نختار التاريخ الذي نريده لنبدأ بأي شيء ونحتفل ببداياتنا الخاصة، فلا يستطيع أحد أن يوقف ما نتمنى من بدايات سعيدة.
في النهاية، لا تنتظر سنة جديدة أو ظروفا معينة لتكون أجمل، وبدلا من ذلك، علينا بتغيير نظرتنا وتصرفاتنا اليومية، ونتذكر أن القوة تكمن داخلنا، وأننا من يحمل مفتاح جعل الحياة رائعة. فعلينا أن نستمتع باللحظات الصغيرة، ونستثمر في أنفسنا، وأن نعتني بعلاقاتنا، وأن نتحدى أنفسنا لتحقيق أهدافنا. وعندها نكتشف أنه لا يوجد عام يأتي أجمل من أخر، لأننا تصنع الجمال والسعادة بأنفسنا.
لنصنع حياة أفضل، حياة جميلة مليئة بكل المعاني الطيبة والسعادة.
مع قدوم العام الجديد، علينا أن نعيد النظر في حياتنا ونقوم بالتخطيط لمستقبل أفضل، إنه الوقت المناسب لنقدر فيه ماضينا ونتطلع إلى مستقبل مشرق، فلنستعد لاستقبال عام ٢٠٢٤بكل تفاؤل وثقة، ولنعمل بجدية وإصرار لجعله عاما مليئا بالنجاحات والتحقيقات.
وعام جديد مليء بالسعادة والتحقيقات والنجاحات.

زر الذهاب إلى الأعلى