مقالات الرأى

محمد أمين المصري يكتب : كامالا هاريس..وجه من قريب

0:00

عامل الوقت صعب بالنسبة لها، ولذا فهي تسرع الخطى لكي تعوض الفارق بينها وبين منافسها الجمهوري الشعبوي دونالد ترامب في سباق انتخابات الرئاسة الأمريكية، فموعدها جاء متأخرا كثيرا بعدما اضطر الرئيس جو بايدن مغادرة السباق والانسحاب من أجل مصلحة الحزب الديمقراطي، فهو مجرد شخص في ماكينة العمل الرئاسي، يعمل ضمن بيئة مؤسسية ليس من حقه اختراقها أو التجاوز عن آلياتها، ولذا رأينا نائبته كامالا هاريس تلحقه مباشرة في السباق، لتكون مرشحا صعبا وعنيفا أمام ترامب.
هاريس تحركت بقوة مستغلة حالة الزخم الذي حظيت به حملتها الانتخابية الوليدة بعد انسحاب بايدن، وبدأت الحملة في ولاية ويسكونسن المتأرجحة بين المتنافسين لتكون هذه باكورة حملاتها الفعلية ضد ترمب لانتخابات ٥ نوفمبر المقبل.
لدى هاريس ميزة نوعية وهي التفاف الديمقراطيين حولها الذين حشدوا كل الدعم لحملتها، وربما تكون “وسكونسن” هي الوجهة الأولى لهاريس لتؤكد لمنافسها أنها ورقة صعبة وليست هينة كما أشار في تصريحاته المتكررة بشأنها ومعروف في الولايات المتحدة أن ولاية “وسكونسن” توصف بـ”الجدار الأزرق” الذي يشمل ولايات متأرجحة أخرى مثل ميشيجان وبنسلفانيا، وهي ولايات لا بد من الفوز بها للتغلب على الجمهوريين في الانتخابات المقبلة.
ومن الواضح أن المرشحة حديثة العهد بالحملة، تبنت جملة من التصريحات ضد ترامب فهو في رأيها مجرم” صدرت ضده أحكام بالإدانة.من الجناة المفترسين الذين يسيئون معاملة النساء، والمحتالين الذين سرقوا المستهلكين، والغشاشين الذين انتهكوا القواعد لتحقيق مكاسبهم الخاصة”..وهنا قالت المرشحة الديمقراطية” لذا.. فاسمعوني عندما أقول إنني أعرف نوع دونالد ترامب”. الحال لم يتوقف عن كون ترامب مجرما ومحتالا وغشاشا، بل تعهد هاريس بالانتصار عليه، لماذا: هو يريد إعادة بلادنا إلى الوراء، إلى ما قبل حصول مواطنينا الأمريكيين على الحريات والحقوق الكاملة”، وتضيف “نحن نؤمن بمستقبل أكثر إشراقا يفسح المجال لجميع الأمريكيين”. لم تكن كامالا هاريس وحدها في الحملة، إذ ساندها بايدن في كلمة عبر الهاتف، ليوجه الشعب الأمريكي إلى ضرورة اختيار الديمقراطية على اعتبار أن ترامب غير ديمقراطي وشعبوي “لا نزال بحاجة إلى إنقاذ هذه الديمقراطية..ترامب لا يزال يشكل خطرا على المجتمع.. إنه خطر على الأمة”.
المثير للدهشة في مسألة انسحاب بايدن، هو دعم كبار قادة الديمقراطيين لكامالا هاريس والاحتضان السياسي ، الأمر الذي يعد تحولا ملحوظا من حزب كان شكك في السابق في نقاط قوتها مرشحة ونائبة للرئيس، وعلى سبيل المثال دعا بعض قادة الديمقراطيين العام الماضي، إلى البحث عن بديل هاريس في منصب نائب الرئيس، على اعتبار أنها ليست الخيار الأفضل للمرشح للمنصب، علما بأن بعض رجالات الحزب كان يعتبرون هاريس يسارية وأنها ستسحب الحزب معها ناحية اليسار السياسي.
أما مشكلة ترامب كبيرة جدا في ظل انسحاب بايدن، ويقول ترامب “أسف لانسحاب المرشح المنافس لأني عرفته جيدا وكل نقاط ضعفه، وهنا سأبدأ من جديد”..ويبدو أن ترامب يخشى الدخول في مناظرة قريبا مع منافسته الجديدة، فهي ليست بعمر بايدن وأخطائها ليست معلومة للجميع بغض النظر عن بعض زلات لسانه، ولكن ترامب لن يتخلى عن أوصافه الجارحة لمنافسيه فهو يعتمد في كثير من الأحيان على الإهانات والشتائم، وكان نصيب هاريس من شتائمه الجديدة “غبية كالصخرة. وعلى صعيد السياسة الخارجية، ربما تدخل هاريس في جدال مع الديمقراطيين الصهاينة بشأن موقفها من حرب غزة، ويكفيها فخرا عدم حضورها كلمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتانياهو أمام الكونجرس يوم الأربعاء الماضي، في ملمح سياسي مهم يؤكد رفضها سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين في قطاع غزة، فهي دائمة المطالبة بوقف إطلاق النار في غزة، مقابل أن بايدن أعلن مرارا وتكرارا أنه أمريكي صهيوني ما لم يكن صهيونيا لتحول ليكون صهيونيا، وهو الذي دعم نيتانياهو بنحو ١٦ مليار دولار ما بين أسلحة وعتاد ومعونات أخرى تعين إسرائيل على مواصلة حربها الغاشمة.
ويكفي تصريح هاريس في مارس الماضي، عندما دعت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار لإنهاء ما أسمته “المعاناة الهائلة” للفلسطينيين، وانتقدت إسرائيل بسبب عدم وصول المساعدات الكافية إلى غزة.
مواقف هاريس الداعمة لوقف إطلاق النار في غزة سيضعها في مكانة متميزة عن ترامب الذي يؤكد دعمه المطلق لإسرائيل.

زر الذهاب إلى الأعلى