مقالات الرأى

محمد أمين المصري يكتب : الأيادي الإيرانية ضد الصهاينة

لم يكن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان موفقا تماما عندما قال إن “الكيان الصهيوني انهار في ٧ أكتوبر والآن يعيش على التنفس الصناعي الأمريكي وأن ما يشهده العالم هو حرب أمريكية شاملة ضد غزة”. فالواقع يقول أن إسرائيل لم تلجأ إلى الولايات المتحدة لانقاذها من ويلات وخسائر ونكبة السابع من أكتوبر الماضي، ولكن الأصح هو أن واشنطن هي التي اندفعت للدفاع عن إسرائيل – ربيبتها في المنطقة – وأمدتها بالأسلحة والعتاد والجند والبوارج البحرية العملاقة.
التصرف الأمريكي اعطى معنى لعملية السابع من أكتوبر، ومنحها المزيد من الزخم، فلولا الخوف الأمريكي على انهيار إسرائيل لما كانت الحرب الإسرائيلية الغاشمة على غزة مثل ما نرى الآن، فالذي منح إسرائيل الجرأة على شن هذه الحرب الوحشية ضد المدنيين والأطفال والنساء والعزل هو قرار أمريكي واضح لشن الحرب، جويا وبريا وبحريا، على قطاع أرضي لا يزيد على ٣٥٠ كيلو مترا. كما أن الدعم الأمريكي وما سانده من اندفاع أوروبي “وقح” نحو المسارعة وإعلان حق إسرائيل في قتل الفلسطينيين وتشريدهم وتجويعهم، جعل من نحو ٢٠ ألفا هم كل عناصر حماس في قطاع غزة أبطال عالميين، فكيف لبضعة قادة وهؤلاء الأعضاء يوقعوا كل هذا العدد من الأسرى الإسرائيليين في ساعات قليلة، بعيدا عن أعين المخابرات والموساد والشاباك والشين بيت، وكل هذه الأجهزة المتقدمة للغاية، والتي تتباهى إسرائيل أنها من أكبر مصدري أجهزة التجسس والتنصت في العالم.

نعود إلى إيران وما أعلنته من رفض ما تردد عن عدم دعم حركة حماس في معركتها الحالية ضد إسرائيل، وما تردد عن المرشد الأعلى على خامنئي أنه لن يتدخل في الحرب لأن حماس لم تخبر إيران بموعد الهجوم على إسرائيل..واقع الحال، حسنا فعلت حماس بعدم إبلاغ طهران بموعد الحرب، فالأسلم أن يكون الأمر سرا حتى يتردد في القطاع أن قادة حماس السياسيين في الدوحة وأنقرة لم يعلموا بقرار والحرب وربما فوجئوا بما تم من خلال وكالات الأنباء مثل أي فرد عادي.

وبغض النظر عن هذه الأنباء، خرج علينا نائب وزير الدفاع الإيراني العميد مهدي فرحي وأعلن أن بلاده
ترى أن القوى المتغطرسة، لا تعرف سوى شريعة الغاب، مؤكدا “ أنه يجب أن يكون لدينا القدرة على حماية استقلالنا وقدراتنا العسكرية من غطرسة واستكبار هذه القوى”. والذي لم يصرح به فرحي أن بلاده لم تعد قادرة على حماية استقلالها وتترك للقوى الأخرى الدفاع عنها، وعلى رأسها حزب الله. كما أن العميد فرحي عبر عن حزنه العميق لما يجري في غزة من قتل وتشريد وتجويع، وقال “في هذه الأيام قلوب جميع المسلمين حزينة بسبب الجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني ضد أهل غزة”.. وهو ما يدفعنا لدعوة العميد فرحي بصفته نائب وزير الدفاع الإيراني ولما له من سلطة حقيقية في اتخاذ قرارات فعلية وإقناع القيادة الإيرانية الدينية والعسكرية والسياسية بتوجيه ضربات صاروخية نحو إسرائيل، هذا الكيان الصهيوني عميل أمريكا بالمنطقة.
في هذه الحالة، لن نكون في حاجة ماسة لتوحيد العالم إلى الضغط على إسرائيل لوقف حربها ضد غزة، لأن الجبهة التي ستفتحها إيران ضد الكيان الصهيوني سيشغل الجيش الإسرائيلي عن مواصلة قصف غزة وغزوها برا واحتلال مستشفياتها وقتل سكانها.
وبمناسبة التصريحات الإيرانية التي جاءت على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، وقال فيها أن بلاده ترفض الاتهامات الاسرائيلية بالضلوع في عملية احتجاز الحوثيين في اليمن لسفينة شحن مرتبطة برجل أعمال إسرائيلي..فلماذا لا تعترف إيران أن وراء الواقعة، وهي بالمناسبة واقعة مشرفة وليست مخلة بالشرف ولا أعمال السيادة، ولكننا فوجئنا بالمتحدث باسم الخارجية الإيرانية يرفض الاتهامات الإسرائيلية ويعتبرها “ فارغة وتنجم عن الظروف المعقدة التي يواجهها الكيان الصهيوني”.
والأغرب أن كنعاني قال “قوات المقاومة في المنطقة تمثّل دولها وشعوبها وتقرر بناء على مصالح دولها وشعوبها”، معتبرا أن “إطلاق مثل هذه المزاعم يأتي في سياق إلقاء اللوم على الآخرين وينجم عن الظروف المعقدة التي يواجهها الصهاينة..و أن تل أبيب غير قادرة على قبول فشلها الاستراتيجي والذريع والمتعدد الجوانب من قبل المقاومة في فلسطين”. وجه الغرابة أن إيران تعلن ليلا ونهارا أن أمريكا هى التي تدعم إسرائيل، فلماذا لا تعترف إيران بأنها تدعم قوى المقاومة بالمنطقة، وهذا أمر لا يعيب صاحبه بل يزيده شرفا ونبلا في أعين الآخرين.
وعودة إلى تصريحات وزير الخارجية الإيراني أمير عبد اللهيان وتصريحه بأن “الكيان الصهيوني انهار في ٧ أكتوبر والآن يعيش على التنفس الصناعي الأمريكي وأن ما يشهده العالم هو حرب أمريكية شاملة ضد غزة”، ألا يدفعه ما قاله أن يدعو بلاده إلى استغلال حالة الضعف والوهن التي حلت بالجيش الإسرائيلي وتشن إيران أية هجمات ضد تل أبيب، ولو فعلت إيران هذا لأمر جدير بأن نرفع لها القبعة.

زر الذهاب إلى الأعلى