مقالات الرأى

محمد أمين المصري يكتب : إسرائيل تلفظ أنفاسها الأخيرة..رسالة من تل أبيب

0:00

ليس أصعب على الإسرائيليين من الاعتراف بفشلهم في إدارة حربهم الغاشمة على قطاع غزة، ربما لم يعترف العسكريون أو أحد من الحكومة صراحة بالفشل، ولكنهم يتركون المهمة للسياسيين وحسبما يقول آري شبيت أحد كبار الكٌتاب الصهاينة، فإن إسرائيل تواجه أصعب شعب عرفه التاريخ، في إشارة إلى الفلسطينيين، ولا حل معهم سوى الإعتراف بحقوقهم وإنهاء الاحتلال.

“يبدو أننا اجتزنا نقطة اللا عودة، ويمكن أنه لم يعد بإمكان “اسرائيل” إنهاء الاحتلال ووقفا للاستيطان وتحقيق السلام، ويبدو أنه لم يعد بالإمكان إعادة إصلاح الصهيونية وإنقاذ الديمقراطية وتقسيم الناس في هذه الدولة”..هكذا يرى شبيت إسرائيل في الوقت الراهن، فالعنوان الأكبر للدولة العبرية كما يعبر عنه هو “الفشل والعودة إلى الوراء، ومن ثم فلا طعم للعيش في هذه البلاد”.

شبيت لا يهمه أن تكون المشكلة هي فشل الجيش في تحقيق أي نصر على حماس في غزة، ولكن الذي يؤرقه أكثر هو أن الشعب الفلسطيني صامد وصلب ولا يتأثر بهذه الحرب رغم تكلفتها المرتفعة في الضحايا والبنية التحتية التي تدمرت بالكامل، ناهيك عن مسعى أغلبية الإسرائيليين إلى مغادرة إسرائيل والبحث عن جنسية وهوية أخرى غير اليهودية والصهيونية والإسرائيلية.

يتهم شبيت أعضاء الحكومة بالعمي السياسي، فهم لا يرون “دولة إسرائيل وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة”، فإسرائيل في رأيه تغرق، ولا عودة من غرقها وإنقاذها سوى إنهاء الاحتلال ووقف الاستيطان وإعادة إصلاح الصهيونية وإنقاذ الديمقراطية والاعتراف بالدولة الفلسطينية.

يقول شبيت “أضع أصبعي في عين نيتانياهو وليبرمان والنازيين الجدد، لأوقظهم من هذيانهم الصهيوني..إن ترامب وكوشنير وبايدن وباراك أوباما وهيلاري كلينتون ليسوا هم الذين سينهون الاحتلال..وليست الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي هما اللذان سيوقفان الاستيطان”. ولكن القوة الوحيدة في العالم القادرة (في رأيه) على إنقاذ إسرائيل من نفسها، هم “الإسرائيليون” أنفسهم،وذلك بابتداع لغة سياسية جديدة، تعترف بالواقع، وبأن الفلسطينيين متجذرون في هذه الأرض.

ويلح شبيت على الحكومة الإسرائيلية بضرورة البحث عن مخرج من أجل البقاء على قيد الحياة هنا وعدم الموت، وهو هنا يعترف بأن “الإسرائيليين” منذ أن جاءوا إلى فلسطين، يدركون أنهم حصيلة كذبة ابتدعتها الحركة الصهيونية التي استخدمت خلالها كل المكر في الشخصية اليهودية عبر التاريخ. ومن خلال استغلال ما سمي المحرقة على يد هتلر “الهولوكوست” وتضخيمها، استطاعت الحركة أن تقنع العالم بأن فلسطين هي “أرض الميعاد”، وأن الهيكل المزعوم موجود تحت المسجد الأقصى، وهكذا تحول الذئب إلى حمل يرضع من أموال دافعي الضرائب الأميركيين والأوروبيين، حتى بات وحشا نوويا.

المثير للدهشة أن الكاتب الإسرائيلي يستنجد بعلماء الآثار الغربيين واليهود، ومن أشهرهم “إسرائيل فلنتشتاين” من جامعة تل أبيب، الذي أكدوا “أن الهيكل أيضا كذبة وقصة خرافية ليس لها وجود، وأثبتت جميع الحفريات أنه اندثر تماما منذ آلاف السنين، وورد ذلك صراحة في عدد كبير من المراجع اليهودية، وكثير من علماء الآثار الغربيين أكدوا ذلك..وكان آخرهم عام 1968م، عالمة الآثار البريطانية الدكتورة “كاتلين كابينوس”، وكانت تشغل وقتها مديرة للحفائر في المدرسة البريطانية للآثار بالقدس، حيث قامت بأعمال حفريات بالقدس، وتم طردها من فلسطين بسبب فضحها للأساطير “الإسرائيلية”، حول وجود آثار لهيكل سليمان أسفل المسجد الأقصى.

وقد قررت “كاتلين كابينوس” وقتها ، عدم وجود أي آثار لهيكل سليمان، واكتشفت أن ما يسميه الإسرائيليون “مبنى إسطبلات سليمان”، ليس له علاقة بسليمان ولا إسطبلات أصلا، بل هو نموذج معماري لقصر شائع البناء في عدة مناطق بفلسطين، وهذا رغم أن عالمة الآثار جاءت من قبل جمعية صندوق استكشاف فلسطين، لغرض توضيح ما جاء في الروايات التوراتية، لأنها أظهرت نشاطا كبيرا في بريطانيا في منتصف القرن 19 حول تاريخ “الشرق الأدنى”.

“أن لعنة الكذب تلاحق “الإسرائيليين”، ويؤكد شبيت أن الإسرائيليين يدركون أن لا مستقبل لهم في فلسطين، فهي ليست أرضا بلا شعب كما كذبواـ وهنا ينضم له كاتب صهيوني يساري آخر هو جدعون ليفي ويعترف، ليس بوجود الشعب الفلسطيني، بل وتفوقه على “الإسرائيليين”، ويقول “يبدو أن الفلسطينيين طينتهم تختلف عن باقي البشر، فقد احتللنا أرضهم وأطلقنا على ىشبابهم الغانيات وبنات الهوى والمخدرات، وقلنا ستمر بضع سنوات، وسينسون وطنهم وأرضهم، وإذا بجيلهم الشاب يفجر انتفاضة الـ87”..ويواصل “وأدخلناهم السجون ، وقلنا نربيهم في السجون.. وبعد سنوات، وبعد أن ظننا أنهم استوعبوا الدرس، إذا بهم يعودون إلينا بانتفاضة مسلحة عام 2000، أكلت الأخضر واليابس..وقلنا نهدم بيوتهم ونحاصرهم سنين طويلة، وإذا بهم يستخرجون من المستحيل صواريخ يضربوننا بها، رغم الحصار والدمار، فأخذنا نخطط لهم بالجدار العازل والأسلاك الشائكة.. وإذا بهم يأتوننا من تحت الأرض والأنفاق، حتى أثخنوا فينا قتلا.

نعود إلى الكاتب آي شبيت الذي يرى إن إسرائيل تلفظ أنفاسها الأخيرة، وإن الإسرائيليين يواجهون أصعب شعب عرفه التاريخ، ولا حل معهم سوى الاعتراف بحقوقهم وإنهاء الاحتلال.

زر الذهاب إلى الأعلى