مقالات الرأى

محمد أمين المصري يكتب : أزمة اليهود الأتراك

0:00

تجرع الأتراك مرارة خبر مزعج تحدث عن مشاركة أكثر من ١٠ آلاف من اليهود الأتراك في الحرب الإسرائيلية القذرة ضد الشعب الفلسطيني الأعزل في قطاع غزة، وسرعان ما انقلب الحال وتحول الأتراك إلى كتلة غضب ضد هؤلاء المرتزقة الذين تخلوا عن الإنسانية مقابل إرضاء الدولة العبرية التي يتجنسون بجنسيتها بجانب جنسيتهم التركية.
الخبر بدأ بتقرير لفضائية “الجزيرة” الإخبارية أفاد بأن يهودا أتراك شاركوا في حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، ومنهم من أصيب والبعض لقى مصرعه في الحرب..تحدث التقارير عن نحو أكثر من ١٠ آلاف تركي ما بين فتاة وشاب شاركوا في الحرب باعتبارهم من ذوي الجنسية المزدوجة، ولكن هذا الأمر لم يشفع لهم فضيحتهم في تركيا التى ثارت عليهم جميعا وحولتهم إلى التحقيقات، ولا يزال البرلمان التركي يبحث في مصيرهم.
بطل القصة هو حزب (هدى بار) الكردي المحافظ، وقد تقدم بمشروع قانون بعنوان “اقتراح قانون بشأن تعديلات قانون الجنسية” إلى البرلمان التركي، ويتناول وضع المشاركين في العمليات الإسرائيلية على غزة، وهو يقصد هنا اليهود الأتراك الذين شاركوا في الحرب وقاموا بعمليات قتل وتعذيب للفلسطينيين.
ويطالب مشروع القانون بمنح لمحاكم التركية حق ملاحقة الجرائم التي يرتكبها أجانب ضد أجانب في بلد أجنبي، شريطة أن يتم العثور على مرتكب الجريمة في تركيا.
وبالإضافة إلى ذلك، يتضمن اقتراح “هدى بار” أحكاما تتعلق بمصادرة الأصول، وسحب الجنسية، والحكم بالسجن مدى الحياة على المواطنين المزدوجين الذين شاركوا في الحرب على غزة.
الحديث لم يهدأ في تركيا عن القرار المحتمل للبرلمان التركي الذي يواصل مناقشة مشروع قانون سحب الجنسية ممن يشاركون في عمليات إبادة جماعية في دولة أخرى ضد شعب آخر، فتداخلت السوشيال ميديا ومنصات التواصل، وذلك بسبب وجود مشاركة آلاف الأتراك في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
رقم الأتراك المشاركين في حرب الإبادة الإسرائيلية ضمن صفوف جيش الاحتلال كبير كما أسلفنا، بمن فيهم الجنرال المسئول عن إدارة وتشغيل نظام القبة الحديدية. ربما لا يهم رقم الجنود المشاركين ولكن المهم أن نعلم أن أكثر من ٦٥ جنديا قد لقى حتفه في الحرب، وأصيب أكثر من ١١٠ آخرين، فهؤلاء القتلى والمصابين لم يثيروا حزن الشعب التركي، بل شارك كل الأتراك في إدانتهم لمشاركتهم في الحرب الصهيونية على الشعب الفلسطيني والقيام بعمليات بإبادة جماعية من قتل للنساء والأطفال..وهنا طالب زكريا يابيجي أوغلو رئيس حزب “هدى بار” بسحب الجنسية من الجنود المرتزقة. مطلب أوغلو مبعثه قانون تركي قائم ينص على محاكمة من ينضم إلى جيوش الدول الأجنبية ويرتكبون جرائم إبادة جماعية، ومعاقبتهم بالسجن المؤبد، ومصادرة ممتلكاتهم إذا لم يعودوا إلى تركيا بعد استدعائهم للتحقيق.
وعلى غير العادة في تركيا، تفاعل الأتراك مع خطوة البرلمان، ولسان حال الأتراك يقول “لا نريد الصهاينة الإسرائيليين في بلادنا، وتجريدهم من الجنسية التركية بات أمرا ضروريا..يجب أن يكون مدح الصهيونية والدفاع عنها جريمة..مع المطالبة بالقبض على من يذهب للخدمة العسكرية في إسرائيل”.
وتنقل منصات التواصل الاجتماعي عن المدونين مطالبات بمحاكمة هؤلاء المرتزقة “نريد التعرف على الصهاينة مزدوجي الجنسية الذين ذهبوا للقتال في الجيش الإرهابي الصهيوني في إسرائيل، ومحاكمتهم في أسرع وقت ممكن.. قتلة الأطفال يسيرون بيننا”.
الأتراك تفاعلوا بقوة ضد بني وطنهم المرتزقة وطالبوا بمحاكمتهم ومصادرة أموالهم، ولكن كم دولة فعلت كما فعل الأتراك، أبلغ الظن لم تفعل دولة أخرى ذلك، بدليل أن دولا كثيرا أعلنت مقتل شبابها في الحرب الدائرة في غزة، ولكن هذه الدول لم تطلب محاكمة مواطنيها المرتزقة مثلما فعل الأتراك.

زر الذهاب إلى الأعلى