مقالات الرأى

لواء مروان مصطفى يكتب : حرب طوفان الاقصي .. حقيقة أم مؤامرة ..

كان اسبوعا كئيباً وصعباً اصابتني فيه الانفلونزا اللعينه واجبرتني على ملازمه الفراش ومتابعه كل الاحداث (لحرب طوفان الاقصى) وشكلت عاملا اضافيا لزيادة ضغطي وحرارتي .

ولا أنكر أنه كان هناك  شكوكا وعلامات استفهام كثيرة تدور في رأسي ورأس كل المصريين.. واثارت قلقنا جميعاً حول تلك الحرب وخفاياها. وهل كانت سيناريو خفي متفق عليه… ، ام كانت حرباً حقيقيه تمكنت فيها قوات حماس بنجاح مطلق من هزيمه الجيش الاسرائيلي وكشف عوراته… واظهرت للعالم وللشعب الاسرائيلي زيف ادعاءاته واوهام قوته ، وفضحت علي الملأ نظريه الأمن الاسرائيلي والضعف والترهل الشديد لأجهزة استخباراته ، ومدى هشاشه جبهته الداخليه التي انهارت تماما في اول لحظات المواجهه . 

وعلى العكس تماما ظهر جليا مدى التقدم والتطور التكتيكي والتسليحي والتدريبي لعناصر حركه حماس التي تمكنت باقتدار من خلال حوالي 1300 عنصر من الحركه من كسر حاجز الخوف واجتياز وتخطي الموانع والاسوار الالكترونيه الحصينة .. حتي وصلت بسهوله غريبه الى العمق الاسرائيلي دون مقاومه تذكر وفي وقت وجيز للغايه … وقال مسؤولي حماس انهم تدربوا علي هذه الخطه في سريه مطلقه من بدايات العام الماضي بعدما قاموا ببناء هياكل نموذجيه لاحد المستوطنات والاسوارللتدريب على اختراقها ودون أن يدري بهم أحداً ، وفي غيبه كامله لاجهزه الاحتلال.

وكان الناجح الوحيد لدوله الاحتلال هو الاعلام الاسرائيلي الذي نجح وبجداره في كسب معركته الاعلاميه التي غطى بها فضيحته العسكرية .. عندما قام وبسرعه كبيره بحشد وتوجيه الراي العام العالمي والدولي لصالحه.. وفبرك القصص والروايات الكاذبه عن الفظائع والجرائم غير الانسانيه التي ارتكبها مقاتلي حماس وعن ذبحهم للاطفال وقطع رؤوسهم وحرقهم واغتصاب النساء الاسرائيليات العزل والتعدي على كبار المسنين والشيوخ … وشبهوا حماس بانها داعش الجديد واتهموهم بارتكاب فظائع وجرائم تفوق ما ارتكبته النازيه مع اجدادهم .. وهو ما اثار تعاطفا قوياً ، وانحيازاً رسميا وشعبيا داعماً لاسرائيل ومسانداً لها في كل الدول الاجنبيه وصرف الأنظار عن الأخطاء الفادحه للمسئولين الاسرائيليين في كافه المجالات.

ولقد تسببت ذلك النهج الكاذب في احراج الرئيس الامريكي بعد خطابه العاطفي الذي ألقاه ودموع الحزن والاسى في عينيه  لفظاعه الصور التي شاهدها بنفسه لعمليات الذبح والحرق وتقطيع رؤوس الاطفال . (ومن  محاسن الصدف) ان طلبت وسائل الإعلام الأمريكية تلك الصور لنشرها وعرضها… وهو ما أجبر مسئولي الاعلام بالبيت الأبيض علي الاسراع باصدار بيان بنفي مشاهده الرئيس بايدن لأي صور لتلك الفظائع مقررين أنها كانت معلومات ذكرها رئيس الوزراء الاسرائيلي خلال محادثاتهم  التليفونيه.. وهو ما اضطر مجلس الوزراء الاسرائيلي بعد ذلك أن يعترف بإنه ليس هناك اي وثائق او صور تؤكد تلك المزاعم ولكنها كانت ترديدات على ألسنه بعض المصابين والفارين من المعارك .

وقد سارت دول اوروباعلي نفس النهج الهزلي ووضح التزام القاده والمسئولين الأوروبيين بتعليمات البيت الابيض والتعامل بنفس الأسلوب وحتي الألفاظ .. ومن المضحك أن الاتحاد الأوروبي أعلن في بداية الاحداث عن ايقاف وتجميد كافه المساعدات الانسانيه والاعاشيه  التي يقدمها لسكان غزه ولمواطينيها وهو ما أثار اندهاش العالم واستغرابه لهذا القرارالجائر في حق السكان الأبرياء ، وعلي وجه السرعه تغير القرار ، واصدروا بيانا لتصحيح الوضع موضحين أنه لن يتم تجميد هذه المساعدات  ولكن سيتم مراجعتها فقط .

حتي الرئيس الفرنسي الذي ارتدى فجاه ثوب الشجاعه ورأيناه جميعا غاضباً ومهددا للفصيل الفلسطيني بأشد العقوبات… في محاوله  منه لاستغلال الفرصه للتغطيه على فشله الذريع ، والخروج المهين لقواته العسكرية ، ودبلوماسي سفارته في الاسابيع الماضيه من 3 دول افريقيه كانت مستعمرات فرنسيه .

وانتهز رئيس الوزراء الانجليزي الفرصه وسارع بحجز مقعدا في الصفوف الأمامية لهذا المشهد المهيب وقام بارسال طائرات تجسسيه ومقاتلات لمرافقه الأسطول الأمريكي حتي لا ينفرد الامريكين بالمشهد.

وفي اطار ازدواجية المعايير وتغيرها وفقاً لأمزجتهم السياسية والاقتصاديةو، وظروفهم الداخلية والانتخابيه .. خالفت اغلب الدول الأوروبية ثوابتها .. وتخلت عن التمسك بمبادئ الحريات والعدالة الإنسانية ، ومبادئ حقوق الإنسان وصون كرامته ( والتي طالما تشدقوا وصدعوا رؤوسنا بها )  وصمتوا عن انتقاد آلاف القنابل الثقيله والصواريخ التي تلقيها اسرائيل ليل نهار علي منازل المدنيين .. ولم يجرؤ احداً أن يطالب (صراحه) اسرائيل بفك حصارها الذي تفرضه علي كل القطاع منذ سنوات طويله أو يندد بإيقاف عمليات التهجير القسري لهم .
 
وسادت مشاعركثيره  من القلق والتوتر لدي المصريين جميعاً .. بمجرد أن اشتموا رائحه المؤامرة  التي يتم اعدادها في الكواليس ، والتي أطلق عليها (التهجير القسري ) بدلاً من صفقه القرن التي رفضتها  مصر(مرات عديده) بصوره قاطعه ، ولمواجهة هذا الرفض المصري والالتفاف عليه قامت اسرائيل بتعديل تكتيكي لفرض المؤامرة باسلوب الامر الواقع من خلال تكثيف عمليات التدمير والهدم ، لتهجير السكان الراغبين في النجاه من الموت .. واجبارهم علي ترك منازلهم في المناطق الشمالية والتوجه للمناطق الجنوبية (المحاذية للحدود المصرية ) باعتبارها اكثر امانا ًلهم ، وعلي أن يستمر تباعاً بعد ذلك تهجير باقي سكان القطاع بقوه النيران لنفس المنطقة … وهي صحراء جرداء سيعيشون فيها في ظروف بالغه السوء من الجوع والعطش والصقيع وانعدام كافه الخدمات الإنسانية وهو ما سيعرض الدولة المصرية لضغوطات هائلة أمام النداءات الإنسانية والدولية لإنقاذ حياه الآلاف من أشقائهم الفلسطينيين والسماح لهم بدخول الحدود المصريه ولوبصفه مؤقته لحين انتهاء الحرب .

وينتهي الامر بانشاء وطن بديل لمواطني غزه بسيناء، ويتم بعد ذلك استكمال المؤامرة بتهجير فلسطيني الضفه الغربيه الي الاردن .. وهو الحل الافضل لتحقيق الحلم الاسرائيلي بانشاء اسرائيل من النهر للبحر ، وتصفيه القضية الفلسطينية نهائيا.

وبحمد الله وفضله فقد أزال الاحتفال المهيب لقواتنا المسلحه ، وكلمه  الرئيس الهامه للمصريين في ختامه الكثير والكثير من القلق والتوتر .. لما تضمنته فقرات الاحتفال من عروض جويه مبهره استعرضت فيها أحدث انواع الطائرات والمقاتلات التى أظهرت بوضوح مدي قوه وفعالية ومهاره أبناء القوات الجوية المصرية.. (وبذكاء بالغ وحنكه سياسية وعسكرية) تم  عرض تسجيلات لأفلام لعمليات اقتحام خط بارليف ، ورفع العلم المصري في سيناء ، واعلان الرئيس السادات الانتصار المصري وهزيمه العدو الاسرائيلي ونجاح الجيش المصري في القضاء علي اسطوره الجيش الذي لا يقهر.. بالفعل وبكل تأكيد كانت مجموعه كامله من الرسائل القويه لكل الأطراف التي يعنيها الامر.

لواء / مروان مصطفى المدير الأسبق للمكتب العربي للإعلام الامني بمجلس وزراء الداخليه العرب.

زر الذهاب إلى الأعلى