أخبار المحروسة

في صالون هزاع الثقافي: الغرب يشن حربا على مصر منذ فجر التاريخ

كتب _ بوابة مصر الآن

0:00

عقد أمس بقاعة هيئة خريجي الجامعات بـ 11 شارع الألفي بوسط البلد ندوة “الحرب على مصر والطابور الخامس” بصالون هزاع الثقافي وناقش الحاضرون أسباب الحرب والأساليب التي يشنها الغرب والكارهين على مصر مستغلين قرب موعد الانتخابات الرئاسية وكيف يتشكل الطابور الخامس ويعمل لتنفيذ أهداف العدو.

حاضر في الندوة بحسب ترتيب أولوية الكلمة الأستاذ ياسين غلاب مدير تحرير الأهرام المسائي والباحث السياسي والأستاذ والكاتب الكبير والمحلل الجيوسياسي ورئيس قسم الشئون الدولية بالأهرام العربي أسامة الدليل والمفكر الاستراتيجي الكبير الأستاذ محمد جاد هزاع نائب رئيس تحرير الجمهورية.

في البداية تحدث الأستاذ ياسين غلاب عن مفهوم الحرب وكيف إنها قديمة قدم الإنسان ذاته وأنه بنص القرآن الكريم “كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم” وكذلك هي تعبير أصيل عن سنة التدافع “ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض وهدمت صوامع ” (مراجعة) و”خلق الإنسان في كبد”؛ فالحرب لم تنته من العالم يومًا وإن توقفت في مكان اشتعلت في آخر؛ وأن ما يتحدث عنه الغرب عن فترة السلام التي يشهدها العالم في ظل قيادته وفي ظل التنظير لمبدأ القطبية الواحدة وهو الاستثناء الوحيد في التاريخ، كان يعني السلام لديه هو وفي بلدانه هو وأنه أطلق على الحربين الغربيتين الأولى والثانية لفظ الحرب العالمية الأولى والثانية لأنه يعتبر نفسه العالم، ولا عالم غيره حتى إنه في وقت قريب للغاية اعتبر جوزيب بوريل أن العالم غابة وأن أوروبا هي الحديقة الوحيدة في العالم وأنه يجب حمايته من حيوانات الأدغال التي هي باقي بلدان العالم.

وأضاف غلاب: إن أصدق دليل من الواقع والتاريخ على ديمومة الحرب هي الدولة المصرية التي يذكر لنا التاريخ كيف طمع فيها الآخرون وأجبر المصريون القدماء على القيام بحروب دفاعية للحفاظ على الوطن، ثم كانت مصر على مدار 2500 عام مستهدفة من قبل الإمبراطوريات الطامعة في خيراتها للسيطرة على العالم القديم والاحتلال حرب ومنذ عام 1952 عندما أصبحت مصر بيد أبنائها المصريين دخلت عدة حروب كان آخر الحرب على الإرهاب الذي أصبح الآن معروفا للجميع هدفه وأنه كان غايته ليس تصعيد الإسلام السياسي بل تفتيت المنطقة بأكملها وتولية حكومات صغيرة عميلة تكون أضعف من الكيان الصهيوني من ناحية وتكون تابعة ومحتلة من قبل الغرب لاستمرار نهب خيرات المنطقة ومواردها لتمويل هيمنة الغرب في القرن الواحد والعشرين.
لماذا الحرب على مصر؟

وأشار غلاب إلى أن مصر هي المستهدف الأساسي بإشعال الحرب في هذه المنطقة لأسباب عدة منها الموقع الجغرافي الذي يعلم الجميع أنه إذا نهضت مصر فإن موقعها يمثل نعمة كبيرة عليها وعلى جيرانها وإذا ضعفت فيمثل هذا الموقع نقمة كبيرة عليها وعلى جيرانها في المنطقة بأكملها.
وأضاف غلاب أن مصر لها تأثير كبير على الوطن العربي والشرق الأوسط بمسمياته المختلفة وكذلك إفريقيا وآسيا وأوروبا فهي بوابة القارات الثلاث ويمثل إخضاعها هدف كبير لكل القوى الاستعمارية ولا ننسى أنه بتحررها حررت بلاد كثيرة من الاستعمار وأنها بحرب 56 أسقطت إمبراطوريتي بريطانيا وفرنسا وأنها الدولة الوحيدة التي هدد الاتحاد السوفيتي باستخدام النووي لحمايتها من الغرب وأنها كذلك بثورة 30 يونيو تحدت القطب الأوحد في العالم قبل روسيا بسنوات في أوكرانيا.

وأكد غلاب أن الهدف الأساسي من الحرب هو استهداف الجيش المصري الذي حمى البلاد وما تبقى من النظام العربي من الانهيار في 30 يونيو وأنه بسبب وقوف الجيش المصري كالصخرة العصية على التكسير استطاعت باقي الدول العربية التي تعرضت لهجمات الإرهاب وهي في حقيقتها بوارج متقدمة لاحتلال غربي للمنطقة كما هو مؤكد في كتاب “خريطة البنتاجون أو The Pentagon Map” وأنه هو الجيش القوي الوحيد في المنطقة الذي يحمي قناة السويس وكل مضائق وممرات المنطقة البالغة الأهمية في الصراع العالمي وليس هناك أكبر دليل من إقامة الولايات المتحدة لـ 800 قاعدة عسكرية تتبع نفس مسار الإمبراطورية البريطانية وتزيد عليها للتحكم في كل الممرات البحرية في العالم.
وأوضح غلاب أن سياسة مصر واضحة وقديمة قدم التاريخ ولهذا يتم استهدافها على الدوام لأنها تمثل النموذج النقيض لأي نموذج استعماري إمبريالي سواء من الغرب أو من الشرق فسياستها تعتمد على هويتها ودورها القائم على الدفاع عن أمنها القومي مهما بذلت فيه من تضحيات وعلى العكس من ذلك يرى الغرب الاستعماري الحالي أن العلاقات الدولية هي رقعة شطرنج وأنه بقوته وقدراته وإمكانياته الإعلامية والاقتصادية والعسكرية يمكن أن يفرض عليها استراتيجية سياسية ومصر تكاد تكون الدولة الوحيدة التي تتقاطع مع استراتيجيات الهيمنة سواء كانت الألمانية في عهد هتلر وروميل والمسماة بالمجال الحيوي والذي اخترعها فريدرش رتزل والذي كان يرى تقسيم العالم إلى إمبراطوريات كبرى مثل أوروبا والشرق الأوسط تحت حكم ألمانيا أو مع استراتيجية السيطرة على البحار لألفريد ماهان والتي بسببها سعت الولايات المتحدة للسيطرة على المضائق والقنوات العابرة للمحيطات أو مع استراتيجي جون ماكيندر الإنجليزي الذي رأي كوكب الأرض كأرض رئيسية واحدة تجمع القارات الثلاث إفريقيا وأوروبا وآسيا ومصر هي الرابط بين هذه القارات أو حتى الرؤية التي يراها نيكولس سبيكمن وهي سياسة الاحتواء والتي تبنها زبجنيو بريجنسكي في الحرب الباردة لاحتواء الاتحاد السوفيتي واحتواء حلفائه.
وشدد غلاب على أن مصر محاطة بـ 4 مشاريع استعمارية إقليمية من خلال الضباع الأربع وهي الكيان الصهيوني وإثيوبيا وإيران وتركيا وجميع هذه الضباع تحاول السيطرة ونهش بل قضم جثة الوطن العربي ويكفي إن إسرائيل تعلن صراحة أن حلمها يقضي بالسيطرة على المنطقة من النيل إلى الفرات.

شكل الحرب يتغير
وجادل غلاب بأن المشكلة تكمن في أن الشعوب رغم أنها ترى الحروب بأشكالها المختلفة يوميا على القنوات الإعلامية وعلى الفضاءات الإلكترونية سواء عسكرية أو اقتصادية أو حتى اجتماعية ثقافية وهي بالقطع إعلامية في المقام الأول؛ لا يزال بعضا منها يرى أنها بعيدة عنه مع أنها حرب كونية تستهدف الشعوب وجيوشها الوطنية بشكل أساسي للمزيد من امتصاص دمائها لصالح المليار الذهبي؛ الغربي بكل تأكيد.
ولأن مصر استطاعت أن تبادر بترابط جيشها وشعبها وتصد الهجمة الأولى في ثورات الاستخراب العربي؛ كان ينبغي أن تعاقب وتستهدف في مسيرة نهضتها وتتنميتها التي تؤسس للمستقبل وعدم العودة إلى الوراء مهما كلفها من تضحيات؛ فكان نوع الحرب الجديدة وهي حرب هجينة تجمع ما بين الإعلام والاقتصاد وكل عناصر الطابور الخامس في ذلك العلم أو الفن المسمى بالهندسة الاجتماعية.

الهندسة الاجتماعية والحرب على مصر

وقال غلاب إن الهندسة الاجتماعية تبدأ بالحفر العميق في بيئة الوطن المستهدف والتسرب رويدا رويدا من خلال وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمكتوبة وعلى الفضاءات الإلكترونية حيث يتم بث الأخبار المزيفة والمصنوعة والمضللة وآخرها موضوع طائرة زامبيا وغيرها الكثير في تطوير لعملية إطلاق الشائعات اليومية والتي بدأ استخدامها في إشعال الحرب العالمية الأولى واستخدامها عن طريق بعض الكتاب والصحفيين المنتقين بعناية في إشعال الحرب العالمية الثانية.

وأشار غلاب أن حروب القرن الواحد والعشرين تشبه ألعاب الساحر حيث يجري التركيز على زاويا معينة وإخفاء أخرى، وتضخيم سلبيات وإخفاء إيجابيات، أو حتى التركيز على عنصر واحد من الإيجابيات مثل المشروع القومي للطرق وتجاهل آلاف المصانع والموانئ و5 ملايين فدان للزراعة وتجاهل البنية الأساسية في قطاعات التعليم والصحة وألاف الإنجازات الأخرى التي بلغت أكثر من 13 ألف مشروع على سبيل المثال.

وقال غلاب إن هدف الهندسة الإجتماعية هو إفقاد المواطن الثقة في كل شيء، في مؤسساته وفي جيشه وفي هويته؛ بل وفي جيرانه وتخويفه منهم بحيث يظل وحيدًا شريدًا لكي يتم استهدافه والقضاء عليه.

وأشار غلاب إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت هي منصة الهجوم للطابور الخامس بشكل غير مباشر حيث يقيس الذكاء الصناعي ردود فعل المشتركين في هذه المواقع فإذا كانت حادة أو سلبية فإن خوارزميات الذكاء الصناعي تستهدفه بشكل مباشر بمزيد من الأخبار التي تسيء إليه وإلى وطنه وأن هذا ليس قاصرا على مصر لكن مصر تقع في قلب الهجوم وكل من يعارض الإمبريالية الغربية.

كيف يتشكل الطابور الخامس؟

أوضح غلاب أن تشكيل الطابور الخامس ينقسم إلى قسمين: أما عملاء واعون وهذه خيانة وطنية عظمى وهذا دور الأجهزة الأمنية والتي استطاعت القبض على هؤلاء ومحاكمتهم وقد رأينا كيف تدخل وزير الخارجية الأمريكية بلينكن للعفو عن أحمد دومة وريشي سوناك رئيس وزراء بريطانيا للعفو عن علاء عبد الفتاح وجورجينا رئيسة وزراء إيطاليا عن باتريك زكي وآخرون كثر تدربوا في صربيا.
أما النوع الثاني وهو الأخطر فهو ما نسميه العمالة بجهالة وهؤلاء كثر وفي الغالب فإنهم لا يعون ذلك إما لأنهم لا يستقون معلوماتهم من مصادرها الرسمية أو أنهم موتورن ولهم ثأثر عند آخرين أو أنهم مظلمون أو أنهم أنهم فاسدون ولا يريدون إلا أن يعيشوا في بيئة فاسدة لكي يستطيعوا أن يحصدوا أكبر مكاسب كما كان الحال في فترة الانفتاح (سداح مداح وما بعدها).

ولذلك فإن الهندسة الاجتماعية تتيح لهم أن يقوموا بأدوارهم وإخفائها بذرائع الوطنية تارة وبأية ذرائع أخرى تارة أخرى فتراهم يصطادون هذه الأخبار المزيفة أو المضللة أو المصنوعة ويتقاذفونها وينشرونها لإشاعة ثقافة الخوف والفزع والتوتر والإحباط وفقدان الثقة في كل ما يحدث على أرض المحروسة من إنجازات أو مشروعات وأحيانا يكيلون الاتهامات لأي أحد.

وأضاف غلاب أن الهندسة الاجتماعية والتي تجري على مدار سنوات بل عقود توفر لعناصر الطابور الخامس أدوارًا يلعبونها لكي يصبحوا نجوما ومشاهير مثل الفترة التي ركبوا فيها على جواد النقد قبل أحداث 25 يناير وعندما اشتعل الموقف أصبح هؤلاء وطنيون في نظر قطاع عريض من الشعب ثم تبين بعد ذلك عمالتهم وخيانتهم للوطن والقليل منهم الذي كان يعمل على مصلحة ذاتية.
وأشار غلاب إلى أن جزءًا مهما من هذا الطابور الخامس وهو الذي نراه في بعض المؤسسات الإعلامية والصحفية هو هؤلاء الأفراد الذين يمسكون بمناصب قيادية غير مؤهلين لها وفي بعض المؤسسات الأخرى حيث يصبح ضعف الكفاءة والموهبة قرينا بالفساد والإفساد وهذا أشد حلقات الطابور الخامس تأثيرًا.
أساليب الغرب في الحرب على مصر وتشكيل الطابور الخامس
قال غلاب إن الغرب في صعوده على مدار القرون الأربعة الأخيرة قد استفاد من التطور العلمي والعسكري والاقتصادي والثقافي لديه إلى أقصى مدى في استمرار هيمنته على الشعوب واختراقها فبدأ في اختراق النخبة منذ زمن بعيد من خلال تربية الكوادر وتعليمهم في الغرب واستمالة من يجد لديه القبول للعمل لديه كعميل بالإضافة إلى أن من يرفض العمالة بشكل مباشر فإنه يعمل بالمنهج الغربي في الاقتصاد على سبيل المثال فيطبق نظرياته على واقع مختلف له خصوصيته.
وأشار غلاب أن الغرب يدرس بكل اهتمام تفاصيل هذه الشعوب وفي القلب منها مصر فهو يؤرشف كل ما يصل إليه من صحف ووسائل إعلام لدراستها لإيجاد الثغرات التي ينفذ منها لتشكيل الطابور الخامس.
بالإضافة إلى أن الغرب كما قال غلاب يعمل على تقديم النموذج الغربي البراق في كل شيء وكأنه جنة الله في الأرض ويغطي ذلك بأكاذيب كبرى كما أنه لا يكشف كثيرًا عن مشاكله الداخلية وأمراضه الاجتماعية ويبدأ بمهاجمة مصر والدول الأخرى من خلال استهدافه بقنوات ومواقع ناطقة باللغة العربية تعمل على إبراز كل ما هو سلبي في مصر وإبراز كل ما هو إيجابي لديه.
وأكد غلاب أن الغرب يستخدم كل المؤسسات الدولية منذ مؤتمر لاهاي في 1889 والذي أفرغه من مضمونه في عصبة الأمم التي أريد لها أن تكون كل الدول فيها متساوية لكن الولايات المتحدة وبريطانيا رفضتا ذلك مما مهد لليابان أن ترفض وتتحول إلى إمبراطورية استعمارية ومن ثم قيام الحرب العالمية الأولى وكذلك حدث في الأمم المتحدة والتي أفرغت بعد ذلك من محتواها وشكلت دول الغرب منتديات ومنظمات حقوق إنسان ومجتمع مدني وحتى جرائم مكافحة الإنترنت بحيث لا تكون الأمم المتحدة فاعلة إلا بالإرادة الغربية والأمريكية على وجه الخصوص؛ حتى القانون الدولي تحول إلى قانون دولي وفق قواعد الغرب والتي حتى هذه القواعد لم يتم تحديدها بشكل نهائي حتى الآن.
وقال إن الغرب يرى في مصر دولة مشاكسة مناوئة فمصر على سبيل المثال عارضت الولايات المتحدة في 70% من قرارات الأمم المتحدة، ولهذا فهو دوما يحاول إخضاعها والسيطرة عليها منذ مؤتمر باندونج وحتى الآن.
وأشار غلاب إلى إن الغرب يرى يدعم كل السياسات التي تعارضها مصر بدءًا من إسرائيل وحتى مبادرات إنشاء مجلس الأمن والسلم الإفريقيين ومبادرة إسكات البنادق وكذلك في الموقف من سد النهضة ..إلخ؛ فالغرب يقسم العالم إلى معسكر ديمقراطي ليبرالي ومجتمع دولي وهو يمثله ولذلك لم يدعو مصر إلى قمة الديمقراطية التي عقدت في الولايات المتحدة ويضع باقي دول العالم ومنها مصر في قالب الدول الوطنية المناوئه؛ أي أنه يضع الديمقراطية بمفهومه ضد الدولة الوطنية والقومية مع أن الدولة الوطنية أو القومية لازمة لمفهوم الديمقراطية.
وقال غلاب إن من أساليب الغرب أيضا لدعم الطابور الخامس في البلاد التي يريد السيطرة عليها تعميق النزاعات بمختلف أشكالها والتدخل في شئون الدول تحت مسميات عديدة منها حقوق الإنسان والمجتمع المدني والدفاع عن الديمقراطية حتى الدفاع عن القيم حيث يعتبر الشذور مثلا قيمة من قيم الحرية الخاصة والفردية.
وختم غلاب حديثه بالقول إنه حتى الإرهاب والذي اعترف الغرب بإنشائه ومسئوليته عن داعش والقاعدة يتدخل في الدول ومنها مصر بحجة محاربته فهو يزرع الإرهاب ثم يزعم محاربته لإحداث إضطراب لكي يمهد لنفسه التدخل فيما بعد وكل هذه الأمور تمثل روافع لكي يعمل طابور الخيانة من داخل الدول.

زر الذهاب إلى الأعلى