مقالات الرأى

عبد المعطى أحمد يكتب: بعد 72 سنة

الثورات تقوم من أجل تغيير الواقع وتحقيق طموحات الشعوب فى العدل والحرية والمساواة والرخاء, وثورة23 يوليو 1952 كانت واحدة من هذه الثورات التى حددت ستة مبادىء حفظناها عن ظهر قلب, منذ كنا تلاميذا فى المدرسة الابتدائية, وعشنا وتعايشنا مع مراحل الثورة بكل جوارحنا, وخضنا معه معاركها فى الداخل والخارج بحماس منقطع النظير, ابتداء من طرد الملك فاروق فى 26 يوليو 1952, وإصدار قانون الإصلاح الزراعى فى سبتمبر 1952, وتحقيق الجلاء , وتأميم قناة السويس فى 26 يوليو 1956, وبناء السد العالى عام 1960, والتصدى للعدوان الثلاثى عام 1956, وإعلان الوحدة مع سوريا فى 22 فبراير عام 1958, والاشتراك فى حرب اليمن وغيرها, ولكن – ومنذ هزيمة يونيو 1967- اكتشفنا أن حركة الضباط الأحرار لم تنجز أهم أهدافها وأهم ماكان يجب عليها القيام به, وهو إقامة حياة ديمقراطية سليمة, فالحزب الواحد يحتكر السلطة, والنظام السياسى يقوم على حكم الفرد, والسلطة التنفيذية تهيمن على كل السلطات, والأحزاب التى أعيدت عام 1976 مجمدة ومحاصرة قانونيا وأمنيا, والاستفتاءات والانتخابات لاتعكس الرأى الحقيقى للشعب, ما دعاه إلى العزوف عن المشاركة فيها, وتداول السلطة لم يحدث ولامرة, ناهيك عن انتهاك الحريات العامةوحقوق الانسان.
وبعد 72 سنة من عمر الثورة التى نصفها دائما بالمجيدة يستطيع المرء أن يكتشف ببساط ودون عناء:
إن مبدأ بناء نظام ديمقراطى مازال حلما يراود المصريين.
2-إن تحقيق العدالة الاجتماعية مازال شعارا مرفوعا على ألسنة المسئوين وفى أروقة الاجتماعات والمؤتمرات,, ذلك أن قلة من المصريين يتحكمون فى الثروة والسلطة, بينما يعانى باقى الشعب الفقر حتى أنه يقف فى الطابور لكى يحصل على رغيف الخبز الحاف, فضلا عن أن نحو 70مليونا من ال105ملايين يحصلون على المواد التموينية بالبطاقة كل شهر.!
3-إن خريجى الجامعات يعانون من الأمية التعليمية والثقافية, فى حين كانت جامعاتنا الحكومية قبل الثورة تخرج علماء ومفكرين فى مختلف التخصصات شهد العالم بعبقريتهم.
4-الاقتصاد الوطنى الذى بناه طلعت حرب والرأسمالية الوطنية الحقيقية وليس الطفيلية تحول إلى قطاع عام, وأصبح سداحا مداحا لكل من أرادوا له وظيفة يشغلها من المقربين للسلطة وذوى الحظوة, ثم تم تخصيصه وبيعه بعد أن انهارت أوضاعه, وزادت ديونه, وتضخمت خسائره, ودفع الشعب خصوصا من محدودى الدخل أو الفقراء الثمن غاليا.
سلبيات أخرى وسقطات مازلنا نعانى منها ومن تداعياتها يصعب فى هذا المجال المحدود حصرها, كلها تؤكد أننا بعد هذه السنوات من عمر الثورة فى حاجة ماسة إلى صياغة برنامج وطنى ديمقراطى اجتماعى يستنهض همة المصريين, لاستكمال أهدافهم الوطنية والديمقراطية والاجتماعية.
هناك شوارع عديدة بالمحافظات والمدن تحمل أسماء لشخصيات يكتنفها الغموض ويعتريها الإبهام, ما يحرك بواعث الحيرة فى نفوس رجل الشارع البسيط يحضرنى منها شارع “مراد” بالجيزة, فأى مراد هذا؟! ترى هل هو مراد أفندى القاطن فى الدور الفلانى من العقار العلانى, أو مراد باشا الذى كان يسكن فى عقار آخر الشارع منذ سنوات طويلة أو أنه شخصية عامة عاشت فى فترة ما وكان لها دور بارز فى مجال ما .. الخ, وشارع “نوال” بالجيزة أيضا ترى هل هى نوال أبو الفتوح الممثلة الشهيرة الراحلة, أم أنها شخصية نسائية ذائعة الصيت؟!, وكذلك شوارع الألفى وخيرت ومظلوم و..ألخ!, وأتساءل ماذا يضير لجان التسمية بالمحافظات من كتابة أسماء الشوارع ثنائية على الأقل, مما يسهم فى نشر شطر الحقيقة, على أن يقوم كل من يهمه الأمر من المواطنين باستيفاء الشطر الثانى من خلال استخدام محرك البحث الأشهر(جوجل), للوقوف على ماهية الشخصية, ونبذة موجزة عن سيرتها الذاتية وسر إطلاق اسمها على الشارع موضوع الاهتمام؟! إن رفع الستار عن حقيقة شخصية الإسم المطلق على الشارع يتصدر قائمة معالمه الرئيسية, فهل من صدى؟
علمتنى الحياة أن العاقل إذا أخطأ تأسف, والأحمق إذا أخطأ تفلسف, وأن لاأحرص على اكتشاف الآخرين, فالأفضل أن أكتفى بالخير الذى يظهرونه فى وجهى, وأترك الخفايا لرب العباد, فلو اطلع الناس على مافى قلوب بعضهم لما تصافحوا إلا بالسيوف!

زر الذهاب إلى الأعلى