مقالات الرأى

عبد المعطى أحمد يكتب: السادات رجل غيرالتاريخ

فى مقابلة تليفزيونية سأله مذيع أجنبى: ماذا تفضل أن يكتب عنك؟فقال له:”عاش من أجل السلام ومات من أجل المبادىء”.

إنه بطل الحرب والسلام وبطل الانتصارات الرئيس الشهيد, إنه محمد أنور السادات الذى ولد قبل 105 أعوام وخاض إحدى ملاحم البطولة التى سطرها الجيش المصرى فى معركة 6أكتوبر عام 1973, وفتح منتصرا أبواب السلام, ليعلن سقوط صراع دموى استمر 30 عاما وتغيير التاريخ للأبد.

وكان من الطبيعى أن يصفه الرئيس الأمريكى الراحل رونالد ريجان فى ثمانينيات القرن الماضى بأنه” رجل شجاع له رؤيته وحكمته التى جمعت بين الأمم والشعوب, فى عالم ملىء بالكراهية, ولديه أمل فى عالم محاصر بعداءات الماضى , ولديه أيضا الرؤى لتحسين عالم يعذبه الخبث والتفاهة”, وحتى فى الألفية وتحديدا فى عام 2018 وقع الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب قانونا منح بموجبه السادات الميدالية الذهبية فى الكونجرس الأمريكى بعد وفاته, تقديرا لإنجازاته البطولية ومساهماته فى السلام بالشرق الأوسط, ويشير القانون إلى أن “السادات معترف به فى الولايات المتحدة وفى جميع أنحاء العالم كزعيم محترم وبطل سلام قدمت رؤيته خارطة طريق للحل السلمى للصراع, فقد تواصل بشجاعة مع اسرائيل وكرس حياته من أجل السلام, وتعزيز الأمن القومى لمصر واستقرار الشرق الأوسط”

وكان السادات يؤمن بضرورة التحول فى سياسة العلاقات العربية الإسرائيلية من مرحلة الجمود إلى مرحلة الاعتدال, بحيث ينتهى هذا الطريق المسدود إلى تحقيق السلام العادل فى منطقة الشرق الأوسط, وكما اتخذ القرار الشجاع بخوض حرب أكتوبر قرر بجرأة أكبروقف نزيف الدم, معلنا فى مجلس الشعب عام 1977استعداده لزيارة اسرائيل ولقاء زعماء الكنيست, وبهذا الإعلان كان يريد تحريك عجلة السلام بعد أن حركت انتصارات أكتوبر المياه الراكدة بفتح باب المفاوضات بين مصر وإسرائيل.

وتم تأكيد اتاقية كامب ديفيد بمعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979 التى وقعها مع الرئيس الأمريكى جيمى كارتر ورئيس الوزراء الإسرائيلى أنذاك مناحم بيجن بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد للسلام عام 1978.

وفى كتابه الشهير “البحث عن الذات”كتب السادات:”وحياتى مثل حياة أى منا ليست فى الواقع إلا رحلة  بحث عن الذات, فكل خطوة خطوتها عبر السنين إنما كانت ومازالت من أجل مصر والحق والحرية والسلام”.

وفى أشهر مقولاته داخل الكنيست الإسرائيلى بعد تحقيق الانتصار فى حرب أكتوبروبداية مرحلة السلام والتى تغير بعدها التاريخ للأبد قال:” ياكل ضحايا الحروب أملأوا الأرض والفضاء بتراتيل السلام,و أملأوا الصدور والقلوب بآمال السلام”, فكان رجلا عرف كيف يتخطى عتبة الأقوال إلى الأفعال, حيث وضع مصلحة بلده وشعبه فوق أى اعتبار آخر , وعبربها بر الأمان والسلام بشهادة معارضيه قبل مؤيديه.

بطولة الرئيس الراحل محمد أنور السادات فى الحرب والسلم أراد الله أن يختمها له بالشهادة, وفى ذكرى اليوم ذاته الذى تحقق فيه نصر أكتوبر المجيد ليصبح السادس من أكتوبر كل عام احتفالا بالنصر وإحياء لذكرى أحد أبطاله.

  • نصر أكتوبر المجيد ليس مجرد نتيجة أو نهاية لحرب, بل هو رسالة عزيمة وإصرار ممتدة امتداد الوجود لتحقيق الأحلام والطموحات, مهما كانت الصعوبات والمعوقات,وفى نصر أكتوبر ملحمة تاريخية أثبتت قوة الجندى المصرى وقدرته على تحقيق المستحيل,وصلابة الشعب فى تعبيره عن حبه لوطنه وثقته بنفسه وبجيشه ليصبح الكل واحدا, وعندما ننقل لصغارنا هذا التاريخ المجيد علينا أن نؤكد على الرسائل والدروس المستفادة التى يحملها هذا الحدث العظيم الذى تحول إلى رمزوقدوة نتعلم منها كيف نحمى الأوطان, وكيف نتحد فى اتجاه هدف واحد, وكيف نبذل أغلى مانملك وهو أرواحنا من أجل الحفاظ على كل ذرة من تراب الوطن, وعلينا أن نذكر أنفسنا وننقل لصغارنا أنه فى هذا النصر العظيم تحققت إرادة الله تبارك وتعالى فى منح يد العون والمساعدة لجنودنا البواسل لأنهم اجتمعوا على حب الوطن ونصرة الحق, واعتصموا بالله فنصرهم.
  • يلح على ذهنى سؤال حول الحرب الروسية الأوكرانية وهو: ماهى النقطة التى يمكن إذا بلغها الطرفان يشعر كل منهما بالحاجة إلى التوقف عن التصعيد واختيار السلام والحياة بدلا من الاستمرار فى حرب تقود إلى الفناء؟
زر الذهاب إلى الأعلى