عبد المعطى أحمد يكتب: الحب بمعناه الواسع هل هناك مكان للحب فى حياتنا؟
إننا ننطلق فى طريق التقدم والبناء, ونريد أن نجند كل طاقاتنا من أجل التنمية, وزيادة الانتاج, ومضاعفة الدخل القومى.
إننا محتاجون إلى كل دقيقة من وقت كل مواطن ومواطنة, فهل معنى ذلك أن نلغى الدقائق التى تنفقها الفتاة أمام مرآتها, أو التى ينفقها الفتى فى ترتيب رحلة أو إقامة مباراة رياضية؟
إننا نريد أن نحمى مجتمعنا من الانحراف والضعف, فهل الحب إنحراف, وهل الوقوع فى هوى الطبيعة الجميلة ضعف؟
ليس هذا صحيحا, بل إن الذين يرددون هذا الكلام, إما أنهم خصوم للمجتمع وطبيعته, أو أنهم أكثر المتكلمين حماسا وأقلهم إنتاجا.
من الممكن أن نقول ببساطة أن المجتمع الذى يعمل وينتج هو المجتمع الذى يعرف كيف يستمتع بحياته.
كل إنسان يبحث عن الحب, فالشاب يبحث عن فتاة أحلامه, والفتاة تبحث عن الفارس المغوار, والطفل يبحث عن الحنان, والعجوز يبحث عمن يحنو عليه عند كبره فتتعدد أنواع الحب, ويلقى بظلاله على القلوب, وقد تكون آثاره إيجابية ترسم البهجة فى النفوس, وقد تكون سلبية ويندم الطرفان على معرفة بعضهما البعض.
والحب ليس فقط حب الرجل للمرأة
إنه حب الآباء للأبناء, وحب الأزواج والزوجات, وحب الطالب لمعلميه, وحب الرؤساء والمرؤوسين لبعضهم البعض.
والحب أيضا هو حب الإنسان لوطنه, وبالتالى حب الناس جميعا, ومشاركتهم أفراحهم وأتراحهم.
كل هذه الألوان من الحب تؤثر فى قرارات كل فرد, وفى مواقفه ومشاعره, وكلها ألوان مرتبطة ببعضها, وتؤثر وتتأثر بكل جانب من جوانبها, فالشاب الذى يعجز عن حب زوجته يعجز عن حب أى شىء آخر فى المجتمع, والرجل الحاقد الكاره للحيا والناس يستحيل عليه أن يعيش سويا بينهم.
وأغلب أنواع انحراف الشباب ترجع فى الواقع إلى نقص فى الحب سواء فى مستهل حياته مع أهله, أو مع مدرسيه وزملائه, أو شعوره بعدم الانتماء للمجتمع.
وكلما انتشر الانحراف بصوره المتعددة يكون السبب الأول هو اختفاء الحب من الحياة, وكل مانتمناه أن تتسع قاعدة الحب الذى ينبت كالزهرة فى تربة خصبة من الشعور بالعدل والاطمئنان نحو التقدم.
إن الوردة إذا غرستها فى تربة فاسدة وأغلقت عليها بعيدا عن الضوء والهواء سرعان ماتذبل, وتضمر, ثم تجف, وكذلك الحال فى كل عواطف الحب فى المجتمع, حب الرجل للمرأة, وحب الآباء للأبناء, وحب المعلم لتلاميذه, وكل حب صادق يحرك الحياة.
المواطن البسيط يتألم عندما لاتصل شكواه إلى مسئول ينهى أزمته, وتزيل السواد القاتم الذى زين حياته, أما من يستطيع أن يصل بصوته إلى المسئول ولايستيعد حقه, فتكون آلامه أشد قسوة لأنه يكون فى مسافة متوسطة مابين اليأس والرجاء, بين التجاهل وعدم الاهتمام أو عجز ربما يكون مقصودا يحول دون استعادة حقه.
يقول الدكتور مصطفى محمود:الرحمة أعمق من الحب, وأصفى وأطهر, فيها الحب وفيها التضحية, وفيها إنكار الذات, وفيها التسامح, وفيها العطف, وفيها العفو وفيها الكرم, وكلنا قادرون على الحب بحكم الجبلة البشرية, وقليل منا هم القادرون على الرحمة.
حياة الإنسان معقدة وبسيطة فى آن واحد, فمتى استطاع الإنسان أن يتغلب على مشاكله وهمومه فسوف ينعم بحياة هنية, ومتى فشل فى تجاوز عقباته فستكون معقدة.
يقول الدكتور طه حسين: إياك والرضا عن نفسك, فإنه يضطرك إلى الخمول, وإياك والعجب فإنه يورطك فى الحمق, وإياك والغرور فإنه يظهر للناس كلهم نقائصك كلها ولايخفيها إلا عليك.
يقول الامبراطور والفيلسوف الرومانى ماركوس أور يليوس: إذا أثبت أحدهم أننى مخطىء واستطاع أن يرينى خطئى فى أى فكرة أو تصرف, فسوف أغير من نفسى بكل سرور, فأنا أبحث عن الحقيقة, والحقيقة لن تضر بأى أحد قط, إنما الضرر الحقيقى فى المعاناة والإصرار على الجهل وخداع الذات.
شاعر المهجر العربى إيليا أبو ماضى قال فى رائعته فلسفة الحياة: هو عبء على الحياة ثقيل00من يظن الحياة عبئا ثقيلا0 والذى نفسه بغير جمال 00لايرى فى الوجود شيئا جميلا
لن تستطيع أن تمنع طيور الهم أن تحلق فوق رأسك, ولكنك تستطيع أن تمنعها من أن تعشش فى رأسك.
المال له فى نفوس الناس منزلة عالية فهو عصب الحياة لاتستقيم إلا به, ولهذا اعتاد المرء على أن يتكالب عليه ويجعله كل شىء, وقد يدفع ذلك البعض إلى اقتراف الموبقات فى سبيل الحصول عليه, ويغيب عن هؤلاء أن المال أحيانا يكون غير مأمون العواقب, ولهذا قد يجلب على من يقتنيه المشاكل والقلاقل.