مقالات الرأى

عبد المعطى أحمد يكتب: أول ناظرة مدرسة فى مصر

0:00

نبوية موسى تعد رائدة تعليم الفتيات فى مصر, وقد شغفت  بهذه القضية طوال حياتها, واهتمت بالتعليم منذ طفولتها, وأوقفت عليه كل جهودها ليصبح تعليم الفتيات قضية حياتها, وهى أول ناظرة مدرسة مصرية فى ظل احتكار الإنجليزيات لهذه المناصب فى ذلك الوقت.

وأنشأت نبوية موسى المدارس الخاصة فى الاسكندرية والقاهرة, ونجحت فى نشر تعليم الفتيات, وزاد إقبالهن على المدارس, وعندما افتتحت الجامعة الأهلية المصرية عام 1908 انتدبت مع ملك حفنى ناصف ولبيبة هاشم لإلقاء محاضرات لتثقيف سيدات الطبقة الراقية. كما كانت تقوم بتدريس  اللغة العربية للمعلمات الإنجليزيات.

ولدت نبوية موسى فى 17 ديسمبر عام 1886 فى قرية كفر الحكما بالزقازيق, وكان والدها ضابطا بالجيش المصرى , وأسرتها ميسورة الحال, ورغم ذلك رفضت الزواج, وكانت صارمة فى مظهرها وتعاملاتها مع المجتمع.

التحقت نبوية بالمدرسة السنية الابتدائية رغم معارضة أسرتها, وأظهرت التلميذة ذكاء ونباهة وقدرة كبيرة على الجدل والرد الذى لم يكن يعجزها مهما كان من يناقشها, وهى سمة ميزتها طوال حياتها.

حصلت نبوية موسى على الشهادة الابتدائية عام 1903 ليتم تعيينها معلمة بمدرسة عباس الأميرية, وكانت أول فتاة تتقدم لامتحان البكالوريا وتحصل عليها بعد أن عقدت لها الوزارة لجنة خاصة,  وكان لنجاحها دوى كبير, واضطرت وزارة المعارف فى ذلك الوقت إلى مساواتها فى الراتب مع المدرسين الذكور بعد أن كانت تحصل على نصف راتب فقط.!

لم تتحدث نبوية موسى عن العمل كحق أصيل للمرأة واختيار حر وسبيل للإنجاز وتحقيق الذات ونفع المجتمع بطاقات لاينبغى أن تهدر, بل كوسيلة للكسب تلجأ إليه المرأة  فى حالات غياب العائل, أى عند الضرورة فقط, وإذا كانت درجة تقدم المجتمع ووضع المرأة  أنذاك لم يسمحا لها بمعالجة القضية من هذه الزاوية, فقد جسدتها هى فى حياتها التى فرغتها للتعليم والعمل , وتعد الفترة من 1937حتى 1943 من أزهى فترات نبوية موسى وأكثرها نشاطا وحيوية وفاعلية, ففيها تعدت الخمسين من عمرها, وقامت إلى جانب إدارة مدارسها فى القاهرة والاسكندرية بالمشاركة فى الأنشطة التربوية العامة والمؤتمرات التعليمية, وألفت رواية تاريخية باسم”توب حتب” أو الفضيلة المضطهدة التى كانت تحتوى الكثير من المناقشات العلمية والأخلاقية وبطلة هذه الرواية هى”توب حتب” رئيسة إحدى دور النظام التابعة لدير آمون حيث تدور أحداث الرواية, لكن نبوية موسى كانت ترمز لمصر فى حالتها الحاضرة, ونشرت أيضا فى هذه الفترة ديوانها الشعرى لأنها كانت شديدة الولع بالأدب والقراءة, وجاءت معظم قصائدها متعلقة بمناسبات.

انضمت نبوية موسى لمظاهرة النساء فى 1919 بجانب صفية زغلول وهدى شعراوى , وافتتحت مدرسة, وأسمتها مدرسة “بنات الأشراف” بالاسكندرية ,ثم بالقاهرة وقد أوقفت المبنى وقفا خيريا لوزارة المعارف عام 1946, وأصدرت فى الاسكندرية مجلة بإسم”ترقية الفتاة” فى يونيو 1923, ثم أنشأت مطبعة ومجلة نسائية باسم” الفتاة” فى أكتوبر 1937, وتوقفت عن الصدور عام 1943, وكانت من قبل ومن بعد تنشر مقالاتها فى الصحف مثل: “المؤيد”, وجريدة”مصر الفتاة”, ومثلت مصر مع هدى شعراوى وسيزا نبراوى فى المؤتمر النسائى الدولى بروما 1920, وأثار ذلك خصومها فتم نقلها إلى القاهرة بوظيفة كبيرة, وأطلق أسمها على إحدى المدارس الثانوية التجريبية للبنات فى مدينة الاسكندرية , وشاركت فى تأسيس الاتحاد النسائى المصرى , وحصلت على الشهادة العليا من مدرسة الحقوق والعديد من الجمعيات النسوية.

وقدمت نبوية موسى ثلاثة كتب هى:”ثمرة الحياة فى تعليم الفتاة”, و”المرأة والعلم”, ومذكراتها الشخصية إلى ديوان شعر “تاريخى بقلمى”, بالإضافة إلى الكثير من المقالات التى تناولت قضايا تعليمية واجتماعية وأدبية, نشرتها صحف عصرها , وقصائد فى رثاء زعماء الأمة العربية وشخصياتها البارزة , وتحتل ثورة سعد زغلول عام 1919 بأحداثها وزعمائها مساحة غير قليلة من ديوانها, ووصفت شعرها فى مقدمة ديوانها قائلة :” وتكاد قصائدى تكون مجمل  تاريخ لأول أدوارتعليم البنات فى مصر, وقد ضممتها جزءا عظيما مما كان فى الحركة الوطنية لهذا أقول:”إن ديوان أشعارى –إن جازلى أن أسميه كذلك- ليس كدواوين الشعراء كله خيال , بل هو تاريخ إجمالى  للحركة الوطنية والنهضة النسائية فى مصر”.

وفى 3 أبريل 1951 توفيت نبوية موسى,  تاركة سجلا حافلا بالذكريات, واستحقت عن جدارة لقب رائدة تعليم الفتيات المصريات.

  • أهم إنجاز فى الحياة هو قدرتك على تغيير حياة الناس وتيسيرها وتطويرها نحو الأفضل, وخلق فرص ومنافع لهم. نعم خير الناس أنفعهم للناس, وإذا كان همك نفسك فأنت صغير, وإذا كان همك غيرك فأنت أكبر من مجموع الناس.
زر الذهاب إلى الأعلى