مقالات الرأى

عبدالمعطى أحمد يكتب: معجزة العاشر من رمضان

0:00

“هنا القاهرة: جاءنا البيان التالى من القوات المسلحة. بسم الله الرحمن الرحيم. قام العدو فى الساعة الواحدة والنصف بعد ظهر اليوم, بمهاجمة قواتنا فى منطقتى الزعفرانة والسخنة بخليج السويس بواسطة عدة تشكيلات من قواته الجوية, عندما كان بعض من زوارقه البحرية بدا يقترب من الساحل الغربى للخليج, وتقوم قواتنا حاليا بالتصدى للقوات المغيرة. هنا القاهرة”.

لايمكن أبدا أن ننسى ذلك البيان الشهير الذى ألقاه المذيع حلمى البلك بإذاعة البرنامج العام فى الثانية و15 دقيقة ظهر يوم العاشر من رمضان, وكنت وقتها أقوم بعملى فى جريدة الجمهورية قبل أن انتقل للعمل فى جريدة الأهرام, وسرعان ماتعالى الصياح, والتهليل والتكبيرمن داخل الجريدة وخارجها, وفى الشوارع والبيوت المجاورة, وبدأ الناس يلتفون حول أجهزة الراديو لمعرفة التفاصيل, ومتابعة التطورات حتى بدأت البيانات التالية تؤكد عبور القوات المسلحة قناة السويس فى أروع ملحمة عسكرية شهدها التاريخ الحديث.
أعتقد أنه فى البداية كان البعض يتشكك فى البيانات, حيث كان لايزال صوت المذيع أحمد سعيد ماثلا فى الأذهان, وهو يذيع بيانات هزيمة يونيو1967, إلا أن دقة البيانات وتدفقها أكد أن الحالة مختلفة هذه المرة, وأن الجيش المصرى قد صنع المعجزة, وحقق طموحات وآمال الشعوب العربيةكلها من المحيط إلى الخليج فى كسر شوكة إسرائيل وتلقينها درسا لن تنساه.

حرب أكتوبر هى أعظم الحروب الحديثة على الإطلاق, وأسهمت فى تغيير الكثير من المفاهيم العسكرية على مستوى العالم, وهى الانتصار العربى الوحيد على مدى عدة قرون, حيث ظل العالم العربى مطمعا للاستعمار القديم والحديث, فكان الاحتلال الإنجليزى والفرنسى والإيطالى للدول العربية, ثم جاء بعد ذلك العدو الاسرائيلى ليظهر إلى الوجود بعد حرب 1948, ثم كانت هزيمة 1967 حتى جاء الزعيم الراحل أنور السادات بطل الحرب والسلام, واتخذ قرار الحرب التى قصمت ظهر إسرائيل.

الجنود كانوا صائمين على جبهة القتال, وشعار الله أكبر كان يزلزل أرض سيناء المقدسة, ليتحول انتصار أكتوبر- رمضان إلى أعظم الانتصارات على الإطلاق.
يقول الله فى كتابه الكريم: “إن الله لايغيرمابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم” صدق الله العظيم, ولأن التغيير هوسنة الحياة, فمن الواجب أن نغير أنفسنا وسلوكنا وأفعالنا وأخلاقنا للأفضل, فالكبير ليس بالسن, بل بالعقل والفكر والخبرة, والكبير يصبح كبيرا بحكمته وتصرفاته وانفعالاته والحفاظ على لسانه من الذلل, والتغيير ليس بالكلام وإنما بالأفعال, فالرئيس والمدير والمدرب والإدارى وحتى اللاعب جميعهم قدوة, يجب أن تكون حسنة, كى تفرز جيلا جديدا يتربى على أسس ومبادىء وقيم وسلوك حميد, لازم نتغير للأحسن, ونحن قادرون على ذلك, بدليل إن أى مصرى يسافر للخارج تجده ملتزما مؤدبا يقف بالطابور, يحافظ على النظافة, ويمسك لسانه, ويبدع فى عمله, ونفس المصرى عندما يعود لبلاده يغير من سلوكه, وعند أول أزمة تحدث له يقول لك:أنت مش عارف انت بتكلم مين؟! إننا مطالبون جميعا أن نتغير, ونكف عن تسفيه آراء الآخرين, وتهميش جهودهم, وإحباط عزائمهم, أو تشويه أعمالهم. علينا أن نعترف بفضل الآخرين, ونشكر الناجحين, خاصة وأن رسولنا الكريم قال:” لاتنسوا الفضل بينكم”. إن الدنيا مهما طالت لن تدوم, والدائم هو الله, ثم محبة الناس. إن فعل الخيرات يبعد المنكرات.
إذا تناقشت مع أحد فقال:أكثر الناس يفعلون هذا, فقل:إن كلمة أكثر الناس فى القرآن الكريم جاء بعدها “لايعلمون. لايشكرون. لايؤمنون, ولو بحثت عن كلمة”أكثرهم” لوجدت بعدها: فاسقون . يجهلون. معرضون. لايعقلون. لايسمعون. فكن أنت من القليل الذين قال الله تعالى فيهم ( وقليل من عبادى الشكور),(وما آمن معه إلا قليل),(ثلة من الأولين وقليل من الآخرين), فالكثرة ليست معيارا للحق.
مالفرق بين الهبوط والنزول؟ الهبوط يتبعه إقامة (اهبطوا مصرا فإن لكم ماسألتم) أى اذهبوا لمصر للإقامة فيها, أما النزول فهو النزول المؤقت لايعقبه استقرار.
من الآيات التى تعطيك أملا فى غد أفضل قوله تعالى: لاتدرى لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا.
يقول عنترة بن شداد أحد أشهر شعراء العرب فى الجاهلية: لاتسقنى ماء الحياة بذلة 00 بل اسقنى بالعز كأس الحنظل 00ماء الحياة بذلة كجهنم 00وجهنم بالعز أطيب منزل.
لاتصحح للأحمق لأنه سيكرهك, لكن صحح للحكيم لأنه سيقدرك.

زر الذهاب إلى الأعلى