مقالات الرأى

ضاحي عثمان يكتب : أزمتنا.؟!

الشيء الغريب في أزمتنا المصرية أن كافة المنتجات التى تؤلم قلوبنا بأسعارها التى صارت جحيما لا يطاق على القلوب والجيوب، أنها من عمل وتخصص الفلاح ومن منتجاته الطبيعية التي ينتجها بشكل عادي، والذي – اي الفلاح – إن وجد تشجيعا من حكومات بلده فإنه سيجد الهمة والعزم ليكثر من صنوف منتجاته ولاهتم بها.. ولصارت بلده بهذا العزم الفلاحي قوية وان اهلها لن يعرفوا الجوع أبدا.
ولكن، حكوماتنا المتعاقبة يبدو أنها تخطط فقط لتجويع شعبها لتعرف كيف تشكمه باللقمة التي تستوردها له من فلاحين بلاد الدنيا.. وليظل الفلاح المصري اكتع بين نظرائه في العالم .. والا ما خجل او استعار رجال يوليو ١٩٥٢ من مقولة مصر بلد زراعي .. فتعصبوا وتجاهلوا الزراعة وانتبهوا للصناعة لتكون مصر بلدا صناعيا .. فتراهم اكثروا من المصانع التى داسوا بها على اخصب الاراضي الزراعية في الوادي والدلتا .. واستمروا على هذا بحكم انهم لابد لهم ان ينسفوا تلك المقولة الاستعمارية مصر بلد زراعي .. ومرت السنين وفشل كل شيء فلا صرنا بلدا زراعيا ولا حافظنا على مقولة مصر بلدا زراعيا .. ورقصنا على السلالم سنوات طويلة حتى انهار بنا ذلك السلم الذي ظللنا نرقص عليه .. حتى سقطنا الان في بئر هذا السلم .. فترانا نصرخ ونستغيث فلا حكومة تسمع ولا أخ ولا شقيق يعطف . ولا صديق يتحرك.. وصرنا مثل هذا الحمار الذي في الصورة .. لا نطول سماء ولا ارض ..ونكاد نكتب نهايتنا بأيدينا بأن ننتحر جماعيا بأيدينا لا بيد عمرو..
والله العظيم مهنة الفلاحة أعظم مهن الارض.. والفلاح أعظم من يرسم السعادة على الوجوه على هذه الأرض.. نعم المهن الاخرى مهمة ولكن :
هل نحتاج للطبيب مثلا ثلاث مرات في اليوم على الاقل ؟
هل نحتاج للمهندس ثلاث مرات في اليوم.؟!
هل نحتاج للقاضي او الضابط او المحامي او المدرس او الوزير او رئيس الجمهورية او الملك او السلطان او رئيس الأمم المتحدة ثلاث مرات يوميا .؟!
لا والف لا .. ولكن كل هؤلاء وغيرهم يحتاجون للفلاح ثلاث مرات على الاقل يوميا.. فنحن جميعا نأكل ونلغ طوال اليوم والليل من منتجات الفلاح من خبز وبيض ولحم وصنوف الاطعمة . بل ونسمن ونضطر لعمل الدايت او الرجيم .. من كثرة من ننهش فيه من منتجات الفلاح .. ولو كانت حكوماتنا عاقلة او عندها شيء من الفهم او نصف او ربع فهم لاكرمت الفلاح آخر كرم .. بدلا من تحقيره والتسلط عليه بندرة التقاوي وارتفاع اسعار السماد وصعوبة حصوله على الآلات الزراعية بسهولة .. وكل ما من شأنه تعطيل عطائه ..وتنويع منتجاته ليمتلىء السوق بخيرات الارض .. ليشبع الناس ويأمنوا على لقمتهم .. بل ولابد من دعم الفلاح بكل انواع الدعم في كل شيء . حتى لو جعلنا ما تقدمه البلد من دعم نجعله للفلاح فقط حتى يعرض منتجاته في الأسواق بأسعار مخفضة تمثل دعما لاصحاب المهن الاخري الذين لا يحصلون على هذا الدعم .. وبالتالي يمكن للبلد ان تزيد من صادراتها الزراعية وتحصل على عملات صعبة لتسترد مقابل ما تدفعه من دعم للفلاح بطريقة اخرى. وهكذا تكون تلك الحكومة انسانية السلوك . فتكرم الفلاح ليكرم أبناء بلده ليكرم الحكومة نفسها في النهاية . لتنهض البلد كلها في لحظة من اللحظات.
اللهم انر بصيرة حكوماتنا.. ولكن إذا كانت تتعمد العماء فاحرم رجالها من البصر والبصيرة.

زر الذهاب إلى الأعلى