مقالات الرأى

صفوت عباس يكتب : (نجيب.. اين انت؟ كي تحكي عنا!! )

0:00

النداء للراحل نجيب محفوظ رحمه الله وقد يكون عكس النداء الذي اطلقه الناقد د. لويس عوض في منتصف الخمسينات عندما كتب ” نجيب محفوظ اين كنت؟ ” وذلك استحسانا لثلاثيته (السكريه.. قصر الشوق.. بين القصرين) التي حكت باقتدار عن جانب من حياه واقع مصري عاش بين حواريها، كما كتب مشخصا ايضا في ملحمه الحرافيش واقعا شكل مجتمع القاهره القديمه بعدله وجوره وفتواته وضعفائه وهتيفته ومجونه وعبثه وعراكه ونبابيته وخمارته وقرعه بوظته ذلك بتشريح دقيق لحال مصر والمصريين وقت احداثها.
اسامه انور عكاشه قدما وصفا لحال المصريين في سلسله ليالي الحلميه وارابيسك وزيزنيا وعفاريت السياله. كما قدم محمد صفاء عامر وصفا لحال مصريين الصعيد في مسلسلي الضوء الشارد وذئاب الجبل الذان عرضا الحال في طبقات المجتمع وبريق وانطفاء مفرداتها واعتبارات الثروه القديمه او الحديثه في تشكيل افكار الطبقتين عن بعضهما.
الكتاب الراحلين وصفوا وغيرهم حال المجتمع المصري الثابت في حراكه وطبقاته وتطوره الهادئ الذي يسهل ملاحقته ووصفه كما فعل ذلك في السينما سيناروهات وحيد حامد وافلام صلاح ابو سيف وعلي عبد الخالق.
الان وفي غمره انشغالنا بالحال الاقتصادي والتضخم والدعم ومانسمعه في النشرات ولانفهمه عن تعطل سلاسل الامداد واوبك + وبريكس وفي انشغالنا سياسيا ايضا بذهاب مبارك واعتلاء الاخوان للسلطه وخلعهم عنها، اختزلنا في هذين الشأنين كل اهتمامنا وثرثرتنا ونسينا وصف وذكر حالنا الاجتماعي ولعل حال المصريين اجتماعيا بعد ٢٠١١ قد تغير بتسارع شديد متاثرا بالحراك السياسي المحيط وحدث نهم للثروه شكل فئات لاتبالي كيف تصعد باعتبار ان الثروه لهم وطن مثل المنتمين لتنظيمات الاسلام السياسي وعند المهمشين مندفعين باحلامهم ليصلوا للفئات التي تقطن صيفا في العلمين والساحل الشمالي،وعند تحقق الثروه تبدا رسائل من اثري ليعلن ثرائه للناس عبر تداخله في الشان السياسي برغبه ان يكون نائبا وفي الشان الاجتماعي برغبته ان يكون واجهه ومصلحا وقائدا اجتماعيا وفي ضمير من يخاطبهم سؤال خفي ( هو نسي كان ايه؟) وفي الشان الاقتصادي باشكال انفاق ضخم لزوم الوجاهه او التوسعه علي النفس في اطار (ملعون ابو الفقر) او لزوم شراء ولاء الملتفين حوله، الظواهر الجديده حركتها اسرع من ان تلاحق كي يصفها كاتب او يشخصها فيلم.
تمزقنا بجداره فلم تعد الطبقات بمقاييس محدده ولا الحاره ولا الشارع ولا عادت عائله او قبيله واصبحنا مجاميع صامده او باكيه او نادمه او ماجنه كل مايجمعها الوصف لكنها عمليا مفردات متناثره كل يبكي علي مصلحته او مشغول بها. وفي مجال الراي شهدنا تمزقا اوصلنا لفريق انصار الدوله فوق كل اعتبار او الجماعه فوق كل اعتبار او المصلحه هي كل الاعتبارات، واصبحت ميديا التواصل هي ساحات النزال والاتهام والتاييد والقذف واصبحت جروبات الفيسبوك بديلا للشله والاصدقاء ومجلس العائله.
ضياع الحاضنه الاجتماعيه لحساب شلليه الافكار العابره او المنافع الانيه ينذر بكارثه اقل نتائجها مجتمع بلا شخصيه او ملامح كل مكوناته خطر علي بعضها وعليه وكل تفاعلاته انفجاريه طارده للحراره.
، وعليه هل تستطيع عبقريه نجيب محفوظ في القص ان تحكي وتصف حال المصريين الاجتماعي الزئبقي والعشوائي الحركه.

زر الذهاب إلى الأعلى