صفوت عباس يكتب : (موسم ملون صاخب لتبديل العقول.. )!
من الصعب بمكان استبدال سريع للعقل لدي الافراد بالاساس وبالتالي العقل الجمعي الذي يشكل السلوك والراي العام لمجتمع او دوله او اقليم ما ذلك لان عمليه صناعه العقل تتم عبر جهود مستمره في امد طويل نسبيا عبر ادوات الموسسات التعليميه والثقافيه والاعلاميه ومن خلال عناصر التنشئه الاجتماعيه التي تمتد من الاسره للشارع لدور العباده والتعليم لمجموعه الاصدقاء وزملاء العمل والمنظمات السياسيه كالاحزاب الشرعيه او الجماعات السريه حسب سماحيه نظام الدول بحريتها او تقييدها.
السعي الي تغيير اتجاه العقول تتبناه الانظمه الحاكمه في اي دوله عندما تريد ان تحقق دعما شعبيا ساندا لاتجاهها لطرق وافكار جديده في الاداره والحكم او عندما تري ان النمط الحالي معوقا او فاشلا او قديما فتري تبديله وسط حاله رضا عام للشعوب المحكومه هذا مما يستدعي تبديلا للعقل السائد الذي تعود وتعايش مع انماط قديمه او تبرم منها ويتوق لتغييرها_ وقد تاتي الافكار الهادفه لتغيير العقل الجمعي عابره للحدود بطرق شرعيه او متسلله بهدف خلخله نظام حاكم في بلد ما_ وحاليا كل الطرق الي عقول العالم متاحه.
المرحوم الرئيس جمال عبد الناصر عندما توجه الي الشرق حمل الي العقل العام لقطاعات عريضه من الشعب افكار الاشتراكية واليسار التقدمي مع افكار احياء القوميه فاستجابت معه عقول من تمكنوا من العيش الكريم من صغار الفلاحين والعمال عبر سياسات العدل الاجتماعي الذي اتي بالاصلاح الزراعي والتاميم والدعم ومجانيه التعليم والصحه وكانوا قد ضاقوا بتصنيفات ايام الملكيه الاجتماعيه الاقتصاديه من راسماليه واقطاع واعيان كما ظهر جليا فعل الراحل العظيم د. ثروت عكاشه وزير الثقافه بعهده في احياء وانشاء مؤسسات الدوله الثقافيه والتي كانت باثر جلي وواضح. وكان عبد الناصر قد تبني اجراءات صعبه ضد حركه الاخوان المسلمين كابرز ممثل للإسلام السياسي وقتها وقد ادت تلك الاجراءات الي تحجيمهم وكمونهم وهجرتهم او تلون بعض منهم لمسايره الوضع العام وقتها، وتصادمت الافكار التقدميه والمد الثوري مع انظمه بالمنطقه وعليه آوت بعض الفارين منه فشكلت دعما مناوئا له كما شكلت حاله نكسه ٦٧ عنصرا ضاغطا ضد سياساته وافكاره ادت مجتمعه لخوار قوي نظامه..
عندما حكم المرحوم الرئيس السادات كان العقل العام محكوما بحاله النكسه وافكار الاشتراكيين والناصريين وللتغيير قام باجراءات ثوره التصحيح في مايو ١٩٧١ ثم كان انتصار ١٩٧٣ ليخلق حاله زهو عقلي عام ثم جائت افكار الاصلاح الاقتصادي والتوجه للغرب وقد كرسا لحاله صعود طاغ لفئات سميت وقتها بالطفيليه وهم من اثروا جدا بفعل الانفتاح الاقتصادي التجاري الاستهلاكي فعاد تهميش وضيق علي الفقراء ومن لم يستطيعوا سبيلا لركوب موجه الانفتاح فتبرم العقل العام لانصار الاشتراكيه وشكلوا ضغطا مع الناصريين اسفر عن احداث ١٩٧٧ عندما حاول رفع الدعم عن الخبز والتي اسماها السادات (انتفاضه الحراميه) وعليه لجاء الي فكره فك الخناق علي جماعات الاسلام لتشكل عقلا مضادا لهم فنموا واستقطبوا معهم الفئات التي تضررت وتهمشت بفعل الانفتاح الاقتصادي وتضخمه من الفقراء والمثقفين ومعارضي اتفاقيه السلام والتوجه للغرب من الاشتراكيين والعروبييين والقوميين وان لم يندمجوا مع افكارهم فتنامي دورهم السياسي وتطور الي جهادي ظهر في حركه الفنيه العسكريه بقياده صالح سريه وعمليه اغتيال الشيخ الذهبي والارهاب وافضت اخيرا الي اغتياله شخصيا رحمه الله.
استمر حكم مبارك ٣٠ عاما لم يحاول فيها العبث في الافكار وترك الامر علي حال سابقه دون تدخلات ملموسه فتغولت بعض الفئات سياسيا واقتصاديا وتنامت وتعددت حركات الاسلام السياسي وعاد الاخوان بقوه فكانت احداث ٢٠١١ وكانت نهايته.
الاخوان كرسوا في سنه حكمهم فكره الاقصاء والتكويش والسعي للسيطره والتمكين فلم يقدموا فكره ترضي حتي من صعدوا بهم من بني جلدتهم الفكريه (السلفيين) ولا قطاعات الشعب ممن طحنهم نظام مبارك فانتهوا بغضب ٢٠١٣.
احد الدول الشقيقه والكبري والرائده بالمنطقه تبنت من اعوام قليله نمطا ثقافيا يعتمد علي انفتاح ثقافي و فني ورياضي تجلت في احتفاليات رياضيه ومواسم ترفيهيه صاخبه وملفته للنظر مقارنه بالانغلاق قبلها_ وهذا شأنهم وقرارهم الخاص ورؤيتهم التي يجب ان تحترم_ وقد يكون هذا لكفاح حاله انغلاق ثقافي صارم في انماط حياتيه شملت حتي الملبس والتصرف في الشارع والسوق فشكلت حاله تبرم نفذت الي انفتاح غير معلن عبر السوشيال ميديا والسفر للخارج وقد يكون هذا التوجه بايعاز خارجي او لخلق ظهير شعبي من فئات تتوق للانفتاح او قد يكون التوجه لبعد اقتصادي للانطلاق لابعد من الاقتصاد الريعي لاقتصاد متعدد يشمل موارد ثقافيه وسياحيه واستثمار في الرياضه وقد اسفر هذا عن حاله نقد صاخب لهذا التوجه في اوساط خارج هذا البلد وقد تكون حاله النقد مقصوده بفعل حركات اسلام سياسي ضاقت بها الدنيا وضاق هذا البلد بفكرهم وبوجودهم فسعوا الي هذه الاثاره الغير مبرره.
حركات الاسلام السياسي كانت اداه شائعه تستخدم لخلق التبديل العقلي فتم توجيههم للعمل ضد الملكيه وضد انظمه جمهوريه وضد الشيوعيه واليسار _وصلت لحد استخدامهم كمسلحين في افغانستان (الافغان العرب) _ كما استخدموا ضد الانفتاح والرأسماليه رغم انهم يمارسون لهم شكلا تجاريا واستثماريا متوحشا يصل لتبرير الوسيله لاجل الغايه واستخدموا داخل اوطانهم ومن خارجها وتعايشوا في ومع دول بانظمه وافكار منغلقه في الشرق الاوسط ومع دول خلقت الانفتاح كله مثل بريطانيا وامريكا ولم يتورعوا في اللجوء للاقامه او للدعم منها او لاستخدامها لهم لتسويق افكارهم
كل هذا في حاله تلون وتحول فج وبغيض يستدعي انهم بمرجعيات مصلحيه خاصه وليس بدين نقي صريح فوق اعتبارات السياسه.
وعليه قد يتم اللجوء من الاداره الحاكمه لخلق عقل جمعي داعم لها عبر اعلاء افكار بديله تبدل العقول لدعمها في توجه جديد وان كان من السياق السابق نستشف ان الصناعه المتعجله للعقول عبر اهمال الخطوات والمؤسسات التقليديه الصانعه للعقل يكون بضرر بالغ وان هذا الفعل المعتمد علي افكار عاجله تلعب علي اوتار الفقر والحرمان والظلم والانغلاق وتشكل فعلا علي بطون خاويه او عيون حرمت مشاهده مبهجه بالنسبه لاصحابها فتكون المحصله خواء وفراغ عقول تطيح بالهدف من تبديلها.