مقالات الرأى

صفوت عباس يكتب : (فرنسا.. ولغم المهاجرين الي الشمال)

.. روايه الاديب السوداني الطيب صالح الذي وُصِفََ بانه عبقري الروايه العربيه “موسم الهجرة إلى الشمال” يثير اسمها قبل تفاصيلها شجون المهاجرين من اوطانهم _كل الي شماله فقد اختزلت كل مقاصد الهجره ووجهاتها الي التوجه شمالا _ وان كان الشمال الجغرافي بفرضيه وواقعيه تقدمه وغناه وحريته قد اخذ الحيز الاكبر في فعل وخيال المهاجرين والحالمين بالهجره باجسادهم او بارواحهم هربا من قيظ الجنوب بفرضيه او واقعيه قيظه وفقره وجوره وان كان الشمال يمارس جورا اكبر من جور الجنوب فجور الجنوب باي حال محلي اما جور الشمال فعابر للمحيطات والبحار استعمارا وسلبا واستعبادا وربما كان شمال المهاجرين الفقراء عند بعض العرب كمعبر عن الهجره تحول الي الشرق حيث منابع النفط والثروه.
وحتي عندنا في مصر كان الشمال (القاهره والاسكندريه) ملاذ المهاجرين المحليين الفقراء الذين ضاقت عليهم ارض الجنوب الحاره والقاحله بحثا وراء مصادر متنوعه للرزق في مدن الشمال الطريه علي حد تعبيرهم وان كان الجنوب في اسوان قد استقطب رغم القيظ من كل انحاء مصر استقطب الباحثين عن الزاد في عمل بالسد العالي والكهرباء والمصانع واراضي الاصلاح الزراعي لدرجه ان قري باكملها سكانها من اصول غير سكان المحافطه الاصليين.
المهاجرين في كل الدنيا غرباء وفي وقت ما يكون مرحبا بهم لغرض في نفس مُسْتَقْبِل الفارين من اوطانهم لكن الان اصبحت مرافئ الهجره تمقت سيول الفارين اليها حديثا وتكافح وصولهم وان كانت تكن بغضا للذين طال بهم الأمد واستقروا فيها واصبحوا اجيالا حملوا جنسيات بلاد مهجرهم، المهاجرين تدرجت اسماؤهم من نازح الي لاجي ووافد الي مقيم الي متجنس او ملون كلهم الان مبغوضين بقراره نفس السكان الاصليين وان كانت ضغوط الدبلوماسيه او المصلحه او الانسانيه تفرض ترحابا بهم لدي البعض، وللانصاف يبدو ان الحذر والتوجس القادمين الجدد طبيعيه بشريه تتفاوت من ساكن جديد في فيللا في كمباوند الي جار جديد بشقه في عماره الي تعالٍ في القري عند نعت بالغريب لمن اتي جده من عقود ليسكن نجع مهمل بشاطئ النهر بجوار الجبل.
بين سطور روايه “موسم الهجره الي الشمال نجد هذه العباره الشارحه الفاضحه لنظره البيض للملونين القادمين اليهم. «يا للسخرية.. الإنسان لمجرد أنه خُلِق عند خط الاستواء، بعضُ المجانين يعتبرونه عبداً وبعضُهم يعتبره إلهاً. أين الاعتدال؟! أين الاستواء؟!».
تدرجت احداث فرنسا من اصحاب السترات الصفراء الذين ثاروا ضد الغلاء وتبعهم اعتراض العمال ونقاباتهم ضد قانون التقاعد الا انها بعد مقتل (نايل) جزائري الاصل علي يد شرطي اخذت منحي جديد اسموه ازمه الضواحي والمهمشين والذين اغلبهم مهاجرين وصفوا حالهم بانهم لاينطبق عليهم شعار الجمهوريه الفرنسيه ( حريه.. اخاء.. مساواه) لتظهر علي السطح حاله البغض الدفين للمهاجرين حتي وان تجنسوا، واستدعت ذكريات من يتابع حادث مقتل الامريكي الاسود جورج فلويد تحت وطأه حذاء شرطي استقر علي عنقه ليخنقه.
الرئيس التونسي قيس سعيد صرح موخرا بان تونس لن تكون حارسا لحدود غيرها في اشاره لرفض العروض الاوربيه السخيه لتونس لتكون حاجزا امام الراكبين البحر من سواحلها فارين الي الشمال وربما قبله قايض او لوح او مازال يقايض الرئيس التركي اردوغان الاوربيين بورقه منع اللاجئين عن اوروبا مقابل تمرير امور سياسيه او اقتصاديه له.
باي حال اصبح اللاجئين يمثلون عبئا علي دول وجهتهم ادناها الضغوط الاقتصاديه في وقت كل العالم يئن واوسطها عدم احترام عادات وثقافات وانماط حياه المضيف ومايثيره ذلك من سخط وامتعاض لديه واعظمها تغيير التركيبه الديموجرافيه والثقافيه للدول المستقبله لهم، الرئيس الامريكي السابق ترامب تبني سياسه شديده ضد القادمين من جنوبه المكسيك وبعده تصدرت جورجيا ميلوني رئيسه وزراء ايطاليا مشهد الضد ضد اللاجئين.
المثير للدهشه ان الشمال سمح لباراك اوباما وكوندليزا رايس وكولين باول واوستين ان يصعدوا لقمه البيت الابيض والخارجيه والبتاجون ومؤخرا في بريطانيا سمح لريتشي سوناك الهندي الاصل ان يتزعم حزب المحافظين البريطاني ويكون الحاكم في ١٠ داونينج ستريت هل هذا من قبيل انهم كفاءات تستغل ام من قبيل نفاق الديمقراطيه وتمثيليه الحريه مع التصرف الشمالي الاني المقاوم للمهاجرين الي الشمال والغريب ايضا ان الاوروبيين اطلقوا مشروعا حالما او واهما يدعو لدراسه ومكافحه وعلاج اسباب الهجره اليه في البلاد الطارد للمهاجرين في الثلثين الجنوبيين من الارض كاجراء تحفظي لمنع المهاجرين للشمال وهو الامر شبه المستحيل لاصلاح الجنوب، ومع كل تلك الاجراءات سيذهب ادراج الرياح حلم الهجره حتي بالخيال للشمال وفي الواقع يصبح الحلم موتا اما غرقا او قتلا برصاص واحذيه الشماليين او سخره واستهجانا وتعاليا علي المهاجرين في اي شمال سواء الجغرافي او المالي وليرحم الله المبدع الطيب صالح.
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى