مقالات الرأى

صفوت عباس يكتب : ( دموع جافه… ومشاعر مميكنه)

في زحام مشاكل الدنيا وماديتها اصبح الانسان الفرد لايشكل الا رقما معدودا او مفرده في مكونات بناء اوجزء من آله او عنصرا في منظومه يمكن لوفرته ان يتم استبداله واقصائه ان اصابه عطب او قل ادائه دون اعتبار لكونه لحما ودم وادراك وعواطف وقيم واحاسيس واصبح الحاكم في التعامل معه هو الجدوي منه فان قلت جدواه لامجال لاصلاحه او ترميمه.
اصبح الافراد منعزلين داخل جلودهم اخر حدودهم هو الحيز الذي تحتله اجسادهم من فراغ الكون، الصلات بينهم اصبحت ميكانيكيه خاليه وبثهم لانفعالاتهم اصبحت مثل لمبات الاشاره بالاجهزه خضراء او حمراء او منطفئه واصبح تواصلهم في رسائل جافه مكرره او التفاعلات التي تفرضها عليهم الميديا من اعجاب ودعم وحب وحزن وغضب، حتي بعض مناسكهم الدينيه كالزكاه او الاضحيه اصبحت تؤدي لمن اراد عبر ادخال رقم بطاقه اليكترونيه في تطبيق علي الهاتف او الحاسب وضاعت كل مشاعر الود والتواصل والحميميه المقترنه بأدائها يدويا.
كثير من الناس اصابته الدنيا في مواضع وجعه ويتراوح مصاب الناس مابين فقر او فقد او مرض او جور او انكسار واغلب من اصيب من الناس لايعرف للشكوي طريقا فهو عفيف النفس يابي ان يجأر او حتي يهمس بشكواه للناس وهو ليس من سكان فيسبوك حيث كثير من الباكين والشاكين والمتسولين.
هؤلاء بعفه تعصمهم من البوح لغيرهم ولا يظهر علي ملامح وجوههم الا صلابه لايمكن تفسير ماخلفها مع نظرات شارده وكانها تحدق في الافاق خشيه ان تصطدم باعين الناس فيرون فيها مايفسر انه ضعف او هزيمه.
لكن انفسهم اذا مااختلوا او شردوا تابي الا ان تقلب في مواجعههم وتعبث لتثير كوامنها فتلمس مواضع وجعهم اين ماتسكن في جيب خال او عضو ارهقه المرض او خاطر انكسر بفعل ظالم او جاحد او مستبد او كاذب او مستغِل، هنا تتحدث انفسهم الي انفسهم بلغه غير مسموعه لاحد وتنساب من اعينهم دموع جافه حياءا ان يري فيها الناس وجعههم، ويتدفق من خاطرهم شكوي بثهم وحزنهم الي الله.
تجرد الكون من فهم لغه الاحاسيس البشريه الي معرفه اشارات الاله سيسقط الفرد وعليه يسقط المجموع والجموع في براثن اله اي خطاء يقع في نظامها سيفجر الكون المعمور بالناس ويحوله الي ركام الات ان عطبت لن تجيد اصلاح بعضها، عندها سيكون علي الدنيا السلام.

زر الذهاب إلى الأعلى