مقالات الرأى

صفوت عباس يكتب : ( ترامب “المندوه” ينتصر لشعوبيي العالم)

.. حاله الانتخابات حاله منافسه تستدعي اهتمام الجميع ويتناسب حجم الاهتمام حجم الانتخابات نفسها وحجم دولتها والمتنافسين فيها وعندنا تقوم الدنيا ولا تقعد علي انتخابات برلمانيه بين مرشحين اخر قدراتهم كميه هائله من المال _بمقياسنا المحلي لهذه الكميه_تؤهلهم لان يترشحوا وينفقوا ببذخ علي حملتهم وآخر انجازاتهم احراز لقب نائب لايعرف الفرق بين الاستجواب وطلب الاحاطه فما بالنا بانتخابات دوله ورئاسه بحجم امريكا التي تتحكم بالكون، واللافت للنظر ان اشد المهتمين بها ان يهتم غيرهم من فئات اخري او من بسطاء الناس الذين يدركون جيدا انها معركه ستمر ويعرفون جيدا ان كل وعود المرشحين سراب..
سمعت كلمه “مندوه” لاول مره في الانتخابات البرلمانيه المصريه ١٩٩٥ حيث وصف بها استاذ جامعي مشهور بدائرتنا وكان مرشحا مستقلا الرجل _ كان مشهورا بانه خدوم للجميع بدرجه كبيره هذا مبدائيا كما ان حاله استاذ جامعي كمرشح برلماني كانت غير مسبوقه حيث كان النواب السابقين اما اميون او بمؤهل جامعي فيما ندر، هذا كله خلق حاله هتاف عام من كافه مكونات الناخبين قبليا وطبقيا وتعليميا وعمريا واعتبروه حلما وصعدوا به للبرلمان عبر اكبر رقم حققه مرشح في تاريخ الدائره وحتي الان، تكررت نفس الحاله ضد نفس الرجل لصالح استاذ جامعي طبيب وكان مرشحا مستقلا ايضا ومن ابناء البسطاء ومشهور عنه البساطه لدرجه الدروشه وخدماته في مجاله الحرج _الطب والتي كانت غالبا بدون مقابل تكاد تكون موجوده بكل مكان في الدائره المتراميه الاطراف وصعد الاخير مكان الاول الذي صنف بانه اصبح من النخب فطاح بها وبانتهاء دوره الثاني اطاحت به التحاقه مثل سابقه بالحزب الوطني الذي كان يمثل نخبه سياسيه وقتها.
ويقصد الناس بالمندوه اي ان المكان يطلبه فتتيسر سبله اليه!!
كلمه “شعبوي” في ابسط معانيها حاله التفاف شعبي موجه ضد النخب في الحكم والاقتصاد والاعلام وعموما ضد الاوضاع التي يراها الشعبويين سيئه ، الشعبويه ليست حكر علي دوله او فكر لكنها عالميه وجدت في روسيا كما في اوروبا وامريكا وفي دول العالم الثالث ومنها شعبويه اليسار وشعبويه اليمين وفي الدول المحتله او التي تغيرت نظم حكمها كان الالتفاف حول الفرد قائد الثوره او التحرير حاله المرحوم جمال عبد الناصر كقائد ثوره ومغير نظام حكم ونظام اقتصادي دحر الراسماليه الاقطاع لصالح العمال والفلاحين الاجراء وحاله المرحوم السادات كمصحح وقائد حرب وسلام والرئيس عبدالفتاح السيسي كقائد حاله انهاء لحكم الاخوان المقيت، كلها حالات يمكن ان تكون شعبويه حتي حاله العرفان لمحمد علي باشا كباني لمصر الحديثه يمكن ان توصف كحاله عرفان شعبوي، اعداء الشعبويه من النخب يصفونها بانها خطاب عاطفي ليس به واقعه وانها حاله ضد الالتزام بالقواعد والقوانين والنظام وانها شبيهه بالديماجوجيه (الفوضويه والغوغائيه).
التصقت الكلمه بالمرشح الفائز في الانتخابات الامربكيه الاخيره ٢٠٢٤ لانه في نطاقه المحلي روج لفكره المواطن الامريكي (الاغلبيه) ضد الاقليات المهاجرين الغير شرعيين ولحاله تكريس المصلحه الاقتصاديه الامريكيه وحمايه المنتج المحلي ضد غزو المنتج الاجنبي وبالاخص الصيني عن طريق المكافحه بالعقوبات والرسوم الجمركيه وقدم لحاله تخفيض الضرائب وتقليص الانفاق العسكري علي حروب الغير كاوكرانيا والناتو وقدم تغليبا للقيم الشعبيه مثل الانتصار للبيض وبعدم قبول تقنين المثليه والاجهاض وتدعيم قيم الاسره وهو مايحبذه المسلمون والمحافظين … المختصر قدم حلولا تطبطب علي المواطن الامريكي عموما والتي تشكل بديلا لحاله تصرف الديمقراطيون التي خلقت انفاقا فصفاضا علي حروب مكلفه خارج الحدود وحاله التضخم المرهق علاوه علي اعلاء المهاجربن والاقليات علي الاغلبيه لاننسي ان كل الامريكيين قادمين من الخارج وربما الوصف ينسحب علي أقدميه الوصول كما ان بعض الشباب الامريكي قد استهجن اباده غزه بسلاح ودعم امربكي وشاهد هذا مظاهرات واعتصامات في جامعات امربكيه عديده، كما ان الامريكيين من اصول عربيه كانوا ضمن اصطفاف شعبوي مع ترامب ضد سياسات بايدن والديمقراطيين في غزه.
ترامب تعرض لقهر سلطوي منذ ان ترك مقعد الرئاسه لبايدن تمثلت في تهم تحريض انصاره لاقتحام الكابيتول عقب خسارته الي تهم احتفاظه بوثائق سريه للدوله في منزله الي تهمه رشوته لممثله بورنو مقابل صمتها عن علاقه معه مما اسفر عن سلسله محاكمات بُرِي فيها طوال ٤ سنوات كما انه تعرض لمحاوله اغتيال في مؤتمر انتخابي علق عليها البعض بان ترامب نجح يوم محاوله قتله في اشاره الي انها جلبت له تعاطف شعبوي.
في العالم الشعوب في اغلب الدول أنت تحت وطأه التصرف الامريكي برفع الفائده مما سبب هروبا للاموال الساخنه من الاسواق الناشئة اربك اقتصاداتها كما في الحاله المصريه وانت الشعوب من حاله التضخم الناتج عن ارتفاع اسعار الطاقه وتعطل سلاسل الامداد بفعل الحرب الروسيه و الاوكرانيه التي دعم بايدن فيها اوكرانيا والناتو لتستمر للان كما تاثر العالم بفعل الحوثيين بتغيير طريق التجاره الاقرب في قناه السويس الي راس الرجاء بما يصب في رفع فاتوره المستهلك العالمي وتصرف الحوثي كان تداعيا للحرب علي غزه التي دعمها بشكل كامل بايدن الديمقراطي..
الحاله العامه بين بسطاء الكون المؤيدين او الفرحين لفوز ترامب ليست حاله غرام به فهم يدركون انه ليس ملاك واطر السياسه الامريكيه (البراجماتيه المنحازه والغالبا بغيضه) تحكمه وقد قدم لاسرائيل الكثير من نقل السفاره للجولان لكنها حاله عاطفيه ترنو الي الصراحه وتكره المداهنه والكذب للديمقراطيين وحاله حب بانه يعمل لصالح اقتصاد بلاده وشعبه وتؤيد سياسه ترامب ضد الحروب ولصالح الاقتصاد ولاتسقط حاله الحب الشعبوي في العالم عن ترامب مساوئه لكنها تفضلها عن سوء بايدن الاشد. ترامب كحاله مثيره للجدل وبصراحته التي لم تتغير موجود امام مواطنيه منذ ٨ سنوات من بدايه حكمه وفي فتره محاكماته هذا مما شكل له زخما في مقابل انطفاء حاله هاريس التي لم تلمع مطلقا كنائب لبايدين واغلب ظهورها للناس محليا وخارجيا كان منذ اختيارها مرشح بديل لبايدن الذي اثار ظهوره في حملته الانتخابته اثار السخريه اكثر من الشفقه والتعاطف والتاييد وعليه كان علي هاريس ان تحمل اوزار سياساته مع انطفائها كمرشح هذا مما اوجد بريقا لترامب.
ولم تكن معركه ترامب حريريه بدفء الحاله الشعبويه له في الداخل حيث معركه شرسه ومقاومه شديده من منافس ديمقراطي يحكم بالفعل وله اذرعه وقوته وادواته والاعيبه علاوه علي توجس خارجي منه في اوروبا والناتو التي تخشي من تصرفه كرافع للدعم عن اوكرانيا، وفي الصين التي يناصبها عداء في شكل حرب اقتصاديه شديده وفي الشرق الاوسط المنجر دائما كانت الحاله بين ياس من امريكا الدوله في اي شخص منها ترامب او غيره وياس ايراني شديد من موقفه الصلب ضدها وحاله رجاء عاطفي لوعوده بوقف الحرب واصلاح اقتصاد بلاده الذي يجر اقتصاد العالم ورجاء العرب بان يوقف خطر ايران حتي لو بوكاله مدفوعه عنهم وعند بعض شعوب الشرق الأوسط التي اكتوت بنيران مايسمي بالربيع العربي الذي دعمه الديمقراطي اوباما وتاييده لحراك حركات الاسلام السياسي التي شكلت فعلا تخريبيا وسلبيا في بلادها فكان منطق تلك الشعوب (كيف اعاودك وهذا اثر فأسك) فكان ميلهم تجاه ترامب الذي اظهر عداءا لها…..الحاله الشعبويه في داخل امربكا وخارجها اشد متفائليها لم يكن يتوقع الفوز الساحق لترامب في الرئاسه ولحزبه في الكونجرس بمجلسيه واغلب حكام الولايات … لكنه ترامب “المندوه” انتصر لشعبويي الكون علي الاقل بفوزه بالانتخابات ولتذهب الوعود والاحلام لواقع يقدره الله وحده.

زر الذهاب إلى الأعلى