صفوت عباس يكتب : (الأتمته… نتعايش ام نتعطل ؟! )
في مطلع التسعينات من القرن الماضي منحتني ظروف العمل فرصه ان اجلس امام جهاز كومبيوتر من طراز قديييييم بائس (صخر) من انتاج ياماها لايملك من البرامج الا برنامج كتابه النصوص مع برنامج للغه البيسك وقاعده بيانات بليده لاتعمل الا باضافه وحده تخزين خارجيه، احد الزملاء اهداني كتاب للغه البرمجه Basic حاولت فيه بمضض فانجزت معادله حسابيه لحساب الاجور تعطي نتيجه سريعه ودقيقه بمجرد ادخال البيانات لكنه غير قابل للتطبيق بصور اكثر من شخصيه وصنعت برنامج من سطور قليله يصنع رسوم علي الشاشه ويلونها مع خلفيه موسيقيه، عندها تخيلت انني رائد فضاء!!
لم نكمل عامين بعدها واحلنا صخر للتقاعد لتحل محله اجهزه برامات مضحكه بحسابات الان لكنه يحمل ويندوز واوفيس بمعالج كلماته وجداوله الاليكترونيه وقواعد بياناته وصانع العروض عندها ادركت كم انني كنت ساذجا عندما كنت فرحا بانجازي علي صخر.
التطور الصاروخي الذي حدث ويحدث في البرامج والبرمجيات اوصلنا الان لنكون امام حتميه العيش او التعايش مع مايطلقون عليه الذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence الذي تداخل في حياه الجميع بشكل كامل يبداء من شاشات الديجينال التي تعتلي اجهزه التبريد والتكييف والنظافه واجهزه استقبال البث الفضائي وعرضه وشاشات الهواتف المحموله وماكينات اثبات حضور الموظفين وحساب رواتبهم وابلاغها للبنوك التي تحيلها للصرف الالي عبر ماكينات ATM علاوه علي النظم المميكنه للمراقبه والحراسه والحسابات واداره المستشفيات والمخازن ومراقبه الجوده والاعمال الزراعيه وروبوتات انتاج السيارات والقائد الالي للقطارات والسيارات والطائرات والتصميم الهندسي ونظم تصحيح الامتحانات عبر ماسح ضوئي لل bubble sheet المدون عليه الاجابه غير خدمات الترجمه والنشر الالي وصناعه التقارير وبعض أدوار خدمه العملاء والانشطه الاعلاميه المتضمنه لصناعه محتوي رقمي مكتوب او مرئي علاوه علي الاعلانات .
هل لنا ان نتخيل السرعه والكفاءة التي تنجز بها تطبيقات الذكاء الاصطناعي الاعمال الموكوله اليها، انها تحقق ذلك واكثر! ، ثم هل لنا ان نتخيل عدد البشر الذين كانوا يعملون ذلك مع مايستغرقونه من وقت وبجوده تتعرض لاحتمالات الخطاء البشري….. الفارق سيكون لصالح تشغيل النظم الذكيه في الجوده والسرعه والتكلفه لكنه سيكون في صالح الانسان بحسابات الحساسيه والتقدير للامور واستخدام بدائل وامكان تصحيح الخطاء بسرعه وايضا لصالح البشر في امكان المثابره والصبر فالنظام الالي يمكن ان يعصف بكل النتائج حال انقطاع الطاقه او لخطاء في المعادله او التشغيل في درجه حرارة غير مواتيه او ادارته من غير خبير به ، وهنا يدق ناقوس الخطر هل سيتعرض الناس للتعطل والبطاله وفقدان الوظائف. هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل العديد من الوظائف في المستقبل وقد بدأ بالفعل ، يتوقع المنتدى الاقتصادي العالمي أن يحل الذكاء الاصطناعي محل 75 مليون وظيفة على مستوى العالم بحلول عام 2025 ، ولكنه قد يخلق أيضًا 133 مليون وظيفة جديدة للبشر، اظن ان نفس التخوف قد حدث عند اختراع الاله البخاريه المواكب للثوره الصناعيه في الماضي لكن زالت المخاوف واصبحت الاله رفيق الانسان ومساعده ومجالات لعمل في انتاج وصيانه وتطوير الالات.
لعل الاعمال النمطيه والرتيبه والمكرره والتي يمكن ان تنجزها الألات الذكيه قد تكون مهدده فرص العمل بها لكن الاعمال التي حس بشري وابداعي ستظل الفرص بها متاحه علاوه علي فرص يتيحها مجال صناعه النظم الذكيه وعتادها وموكوناتها وبرمجتها وصيانتها.
الفارق سيكون لصالح النظام التعليمي الذي ينتج خريجا قادرا علي التعامل مع الذكاء الاصطناعي وصناعته وصيانته وتطويره ليظل تجويد منظومه التعليم من مدخلات وعمليات ومخرجات هو الفارق الضامن للتعايش مع المستقبل المبرمج. مع اعتبار الابعاد والاثار الاجتماعيه والصحيه والقانونيه المترتبه علي استخدام النظم الذكيه والحفاظ علي اخلاقيات تضمن للناس ادميتهم في تعايشهم مع الألات.