حصل الزميل أسامة زايد نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية على درجة الدكتوراه في الفلسفة الإسلامية بتقدير مرتبة الشرف الأولى من كلية دار العلوم جامعة القاهرة بعنوان الأخرويات بين الحضارة المصرية القديمة والفكر الإسلامي
وتكونت لجنة المناقشة والحكم على الرسالة من السادةالأساتذةأ.د. عبدالراضي محمد عبدالمحسن عميد كلية دار العلوم السابق ورئيس قسم الفلسفة الإسلامية مشرفا وأ.د.طارق سيد توفيق مشرفًا مشاركًا الأستاذ بكلية الآثار – جامعة القاهرة و أ.د. عبد الحميد عبد المنعم مدكور أستاذ الفلسفة الإسلامية بالكلية وأمين عام مجمع اللغة العربية مناقشًا داخليًّا و أ.د.محمد شحاتة إبراهيم مناقشًا خارجيًّا الأستاذ بكلية أصول الدين جامعة الأزهر.
تناولت الدراسة معتقدات المصريين القدماء حول العالم الآخر ومراحل تطورها وتطرقت إلى ماهية الموت وأنواعه واستعدادات المصريين القدماء إلى هذا العالم الذي يتطلب منه تشييد المقبرة وتقديم القرابين وزيارة الموتى بصفة مستمرة وفي المواسم والأعياد وكان الإنفاق علي ذلك من خلال الأوقاف التي يوقفها الميت في حياته الدنيا ويعهد إلى ابنه الأكبر في القيام بهذه التدابير.
وعرف المصري القديم مسألة تلقين الميت والتي تعد فلسفة لاهوتية مصرية خالصة سبقت بها كافة الرسالات السماوية.
وكشفت الدراسة عن مدي علاقة الإنسان بمعبوده وسعيه الدءوب إلى إرضائه من خلال تقديم القرابين وصيانة المعابد وعدم ارتكاب الموبقات بها وكانت الطهارة شرطًا لدخولها وكذلك علاقة الإنسان مع أخيه والمجتمع في ضرورة إقامة العدل” ماعت” للحفاظ علي النظام الكوني واتباع قواعد السلوك القويم.
كما تناولت الدراسة مكونات الإنسان من البا والكا والقرين والظل والاسم وغيرها والتي كانت سببًا رئيسيًا في إعادة البعث للميت في عالمه الأخروي وذلك من خلال محاولاته المستبسلة في حفظ الجثة فتوصل إلى التحنيط الذي برع فيه وميزه عن بقية الشعوب القديمة لضمان عودة الروح إلى جسد الميت.
تطرقت الدراسة إلى القيم والمبادئ الأخلاقية والرقي والنضوج الفكر لدي المصري القديم والتي تناولتها- كتب الآداب والحكم والأمثال- فيما عرف بمسألة محاكمة الموتي والميزان وأنَّ الحياة الدنيا ماهي إلا صراع بين الخير والشر وسوف يأتي يوم للحساب يقتص فيه الإله من الظالم وترد الحقوق إلى أصحابها، مما يبرهن علي عمق الفكر الديني وثرائه وتنوعه وإيمانه الثابت.
وتناولت الدراسة أيضًا نعيم المصري القديم في عالمه الأخروي” الجنة” والتي صورها علي أن بها أنهارًا من خمر وعسل مصفي وليس بها تعب ولا نصب وفيها فواكه من عنب ورمان وبها تزاور الرجل مع زوجته وأهله وأحبائه كما يوجد بها الربات وفيها كل المتع الحسية والجسدية وهذا ما يتفق مع الفكر الإسلامي.
وكشفت الدراسة عن أساليب تنوع عقاب المذنبيين والملعونين سواء بالحرق في بحيرات وحفرات ومراجل النار مفصولي الرأس، أو بتقييد أذرعهم وتركهم في وضع مقلوب، وضرب العنق بالسيوف وما يتبعها من فصل الأعضاء وغيرها وهذه الأساليب العقابية في الحياة الآخرة صورها القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة في مواضع متعددة.
والحقيقة التي لا يستطيع أحد أن يغفلها من الباحثين أنَّ المصريين القدماء تركوا لنا تراثًا إنسانيًا من الآداب والحكم والأمثال توارثتها الأجيال جيلًا بعد جيل، وكانت نبراسًا تضئ لهم الطريق عبر العصور والأزمان سابقة بذلك كل الأديان والرسالات السماوية ويهدف بها معاني أسمي ومقاصد أنبل تخلد ذكراه وترفع من شأن قومه وفيها سبل الفلاح والنجاح في الحياة الدنيا وتجعله مقبولًا في عالمه الأخروي، وهي أبقي من البروج المشيدة من الحديد والنحاس وأيقن أن كل صروح الحياة عرض زائل.
كما أنَّ التفكير في الموت والأبدية كان حافزًا يدفع الإنسان إلى أن يسلك الصراط السوي في الحياة الدنيا مخافة الله إذ أنَّ الله هو الذي يسعد ويشقي.