منوعات وسوشيال

رمضان حول العالم .. رمضان في الجزائر يعكس “هوية” عاداتهم وتقاليدهم

جولة قامت بها : حبيبة نصار

ريحة رمضان تعبير مجازي في لهجة الجزائريين لكنه يعبر عن قيم وعادات وطقوس يكافح أهل هذا البلد العربي للحفاظ عليها ومحاربة طمسها في شهر عظيم لا يتكرر إلا مرة في العام.
حافظ الجزائريون على عادات استقبال شهر رمضان الفضيل ومنها طلاء المنازل بالأبيض وشراء الأواني الجديدة..فالأسواق مكتظة وحركة السير بطيئه خصوصاً محلات بيع الأواني إذ يحافظ أهالي الجزائر العاصمة على عادة شراء الأواني الجديدة والتي يعتبرونها فأل خير ، وتشمل الاستعدادات أيضا تخزين التمور المحلية والفواكه المجففة والمكسرات المتنوعة والعسل والحبوب ومكونات أخرى للطهي في رمضان هذه الطريقة تشبه البداية الجديدة والتي تتماشى مع الاعتقاد السائد بأن المرء خلال شهر رمضان لديه فرصة للتخلص من القديم والبدء من جديد… ينتظر الشعب الجزائري رمضان بفارغ الصبر إذ يعتبرونه مختلفا عن باقي الشهور لدرجة أنه يمنحونه لقب سيدنا رمضان.
يجتهد كل جزائري في عمله من أجل اغتنام ليالي رمضان من تلاوة القران و صلاة الجماعة والصدقات والزيارات العائلية وصلة الرحم… تشهد الشوارع الجزائرية حالة من الصمت قبل أذان المغرب للصلاة مع عبارات التهنئة على إتمام الصيام ليوم رمضان ويرددها الصغير والكبير.
يبدأ الجزائريون الإفطار بالتمر وشرب الحليب اقتداء بالسنة النبوية الكريمة وتتميز المائدة بأصناف مختلفة تتقنها المرأة الجزائرية مع التنويع والتنسيق فنجد فيها الشوربة والبورق والمعكرونة ويختلف الطبق الرئيسي بين البطاطس المقلية إضافة إلى الطواجن مع اللحوم المصاحبة لبعض البقوليات والخضروات وأشهرها طاجن الزيتون وطاجن الجلبان و طاجن الزبيب والبرقوق مع السلطات والمقبلات والفاكهة والمشروبات المختلفة…ويفضل كثير من الجزائريين الإفطار على مرحلتين الأولى بعد أذان المغرب حيث يحتسون الشوربة باعتبارها الطبق الرئيسي ما يسمى بـالعولة فهي تتمثل في القمح المطحون الذي يعتبر من أسس تحضير طبق الشوربة أو ما يسمى بـالفريك بالإضافة إلى تحضير الفلافل وتعبئتها في عبوات زجاجية كبيرة ليضاف إليها الماء والملح والخل علاوة على تحضير معجون الطماطم بوصفة تقليدية وتجهيز كميات من البهارات والتوابل التي تتفنن النساء في تحضيرها بطرق تقليدية أما الشوط الثاني فيكون بعد إكمالهم صلاة التراويح بتناول تلك المأكولات وتبادل الحكايات ثم يختمونها بقراءة جماعية للقرآن الكريم وتبادل القصص والمعلومات الدينية وأهاليل دينية في مدح الرسول محمد صلى الله عليه وسلم يطلق عليها اسم الداير لانهم يجلسون في حلقات دائريه وبترتيب الجلسات ترتيب العزومات ، ويمتد ذلك إلى غاية اقتراب موعد السحورأن مدة عادة “الدَّاير” في كل ليلة تقارب الـ4 ساعات على أن يتم تحديد منزل جديد يجتمعون فيه في اليوم الموالي ويفترقون للتسحر وأداء صلاة الفجر.
أما صلاة التراويح فلها اهتمام بالغ من قبل معظم الجزائريين وفي جميع المناطق إذ تمتلئ المساجد بعد دقائق بعد أذان المغرب لأداء صلاة التراويح ومتابعة الدروس الفقهية ومن الظواهر الأخرى هو إقبال الشباب والفتيات والأطفال على المساجد كما تحرص عائلات جزائرية على الخروج مجتمعه لأداء الصلاة لتعزيز الروابط الأسرية الروحية والإيمانية.
أما تقاليد ليلة نصف رمضان فلها أكلة خاصة وهي الرقاق مع مرقة الدجاج …وطقوس ليلة السابع والعشرون من رمضان تقام احتفالات خاصة يتم فيها ختم القرآن ويتم توزيع الصدقات على المحتاجين والمساكين والفقراء وتبخر النساء بيوتهن بالبخور مع تبخير أيديهن وتحرص العائلات الجزائرية على ختان أبنائها ليلة 27 رمضان تخليدا لهذه الليلة المباركة حيث يرتدي الطفل الملابس الجزائرية التقليدية ويخضب كفه بالحناء… يتم أيضا الاحتفال بالأطفال بأول يوم صيام من خلال تشجيعهم على الصيام والصبر على البعد عن الأكل والشرب… يتم حلق رأس الطفل الصائم ولفها بالشاش مع ذبح خروف احتفالاً به وعند الإفطار يتم إلقاء الحلويات من فوق رأس الطفل الصائم ابتهاجاً بإتمام الصيام ويقوم أهله بترديد الأدعية الدينية حتى يتم مباركة الطفل ويوضع الكحل في عينيه مع وضع الحناء في يديه وقدميه…وتشترك العائلات الجزائرية في تقليد مشترك وهو أن يتم تزيين الطفلة الصغيرة الصائمة كالعروس وتلبس جبة مطرزة بخيوط الذهب.
مع قدوم شهر رمضان المبارك من كل عام تفتح الآلاف من مطاعم الرحمة أبوابها في الجزائر وحتى المطاعم الشعبية تتحول إلى مطاعم مجانية للفقراء والمحتاجين وعابري السبيل فلا يكاد التنقل من مكان إلى مكان أو من منطقة إلى أخرى إلا وتصادف مطاعم إفطار تشهد إقبال عدد كبير من الناس تترجم التضامن والتكافل الاجتماعي والرحمة في المجتمع الجزائري في شهر الرحمة ، وتتكفل الحكومة ببعض المحتاجين عن طريق الهلال الأحمر الجزائري إضافة إلى تعود كثير من الجزائريين على تحويل مطاعمهم ومحلاتهم إلى مطاعم للرحمة وفي كل منطقة تجد أيضا جمعية ناس الخير وجمعيات خيرية أخرى تشرف على بعض المطاعم أو تساهم في دعم بعضها بالمتطوعين وحتى بالمواد الغذائية…وفي مطاعمها يعكف مجموعة من الشباب على تحضير وجبات الإفطار الرمضاني التي لا تختلف عن الوجبات المنزلية حتى يحس كل من يرتادها أنه بين أهله وناسه وإن غابت العائلة أو المأوى فإن هذه المطاعم ضمنت لضيوفها الجو الرمضاني العائلي…وما يميز عمل هؤلاء أن الطهاة والمتطوعين اختاروا التضحية بالاجتماع مع عائلاتهم وكرسوا كل وقتهم للفقراء والمحتاجين ومنهم من رفض حتى التصوير معه أو رفض إعطاء اسمه وكلهم على سبب واحد وهو رفض الرياء والخوف من ضياع الاجر…
تشتهر الجزائر أيضا بعادة تكافل اجتماعي قديمة منذ عدة قرون تعرف بـالوزيعة خصوصاً في منطقة القبائل الأمازيغية التي تبقى ذلك التقليد الاجتماعي الراسخ في عدد كبير من مناطق الجزائربجمع مبالغ مالية وبمشاركة مختلف العائلات لشراء بقرة أو عجل أو أكثر ويتم توزيع لحمها بالتساوي على أهل القرية  بـفقرائها وأغنيائها.
سهرات الجزائريين في رمضان تختلف من منطقة لأخرى، فهي تتراوح بين السهرات العائلية حول صينية شاي وحلويات رمضانية مثل قلب اللوز والزلابية والسيقار والصامصة.
جوله ممتعه في بلد اكثر من رائع متمسكا بالعادات والتقاليد والهويه والتراث الجزائري .. عاش شعب الجزائر العظيم

زر الذهاب إلى الأعلى