مقالات الرأى

راندا الهادي تكتب: ( SAVE MODE )!!

0:00

يغيب عني حتى الآن إجابة هذا السؤال: لماذا نضع حياتنا على الـ ( SAVE MODE )؟! وأشير هنا إلى حالة التجميد والتأجيل التي نُحَوِّلُ لها الكثيرَ من آمالِنا وأمنياتِ مستقبلِنا مهما كانت بسيطة.

ولعل قولَ إحدى زميلاتي بالعمل هو ما أثار عندي هذا الخاطر، عندما أخبرتني أننا كثيرًا ما نَحفظ على مواقع التواصل الاجتماعي وصفاتٍ للطعام وخلطاتٍ لجمال البشرة و (كورسات لليوجا والزومبا) ورحلات لرؤية العالم من حولنا، وأبدًا لا ترى طريقَها للنور مرةً أخرى، وكأن الـ(saved folder ) أو (ملف المحفوظات) هو حياتنا المؤجلة، والذي نادرًا ما نفتحه مرةً أخرى إلا لنحذفَ ما حفِظناه به نظرًا لامتلاء الذاكرة!!

الغريب أن كلامها صدمني؛ فأنا أفعل هذا بالضبط ولستُ وحدي بل شاركتني الكثيراتُ من زميلاتي ومعارفي، وكأن هذا الجيلَ كاملًا وضعَ أحلامَه وطموحاتِه على الجانب حتى تتهيأ الظروفُ لتحقيقها يومًا ما _ وهذا طبعا ما يعتقده _ ويعيش الحياة التي يتمناها.

ومن كثرة خوفي، أنا التي منذ سنوات تجاوزتِ العشر، كان لدي رصيدٌ لا بأس به من التفاؤل والإرادة والثقة بأن الأفضل قادم _ لي على الأقل _. بدأتُ أنتبه لما أحفظه على هاتفي من أحلامٍ مؤجلة، بل وتماديتُ بحذف ما لن أُقدِمَ يومًا ما على القيام به، وأكتفي بتشجيع مَن نجح وقام بإخراج بعض أحلامه من الـ ( SAVE MODE ) للواقع.

أنا لا أسعى هنا بتاتًا لبث الإحباط ومشاركة مرارة هذه الفكرة، لا والله، ولكن هدفي أن تخرج إحداكن رافضةً ما أقول، مؤكدةً أنها بلا أحلام ولا أمنيات مؤجلة ومجمدة، بل لا تمتلك ملفًّا للمحفوظات لحياةٍ كانت تتمنى أن تعيشها وتجاربَ تنتظرُ خوضَها في المستقبل!

وحتى ذلك الحين لايزال إصبعي ينقر بلا توقف على هذا الزر اللعين ( SAVE )، لأصبح الوريثَ الشرعيَّ لأجدادي المصريين القدماء ليس في تحنيط الموتى وإنما في تحنيط الأحلام!!

زر الذهاب إلى الأعلى