راندا الهادي تكتب: محاكمةٌ للتاريخ
ما هذا العالَمُ المجنون؟!! سؤال يطرح نفسه كثيرًا هذه الأيام، خاصة وأنت ترى المنطقَ والحقائقَ مُستغرَبَين، والأكاذيبَ هي التي تتصدر المشهد. سؤالٌ يقفز إلى ذهنك ببساطة فور سماعك تصريحَ وزيرِ الخارجية الأمريكي (أنتوني بلينكن) بأن أميريكا تعتقد أن قضية جنوب إفريقيا المرفوعةَ على إسرائيل تُشتتُ العالمَ عن الجهود المهمة من أجل السلام والأمن في منطقة الشرق الأوسط!!
عن أي سلام وأمن تتحدث يا سيادة الوزير؟! عن أي جهودٍ يشير تصريحُك الأجوف؟! لكن لا بأس، فهذا نهجُكم، ولكن ما فاجأنا هو تجاوزُ حدود العقل والمنطق، وعلى رأي أجدادنا (إن كان اللي بيتكلم مجنون فالمستمع عاقل)!!
وبعيدًا عن كون قرارات المحكمة نهائية وغير قابلة للاستئناف، وأن المحكمة لا تمتلك أي آليات لتنفيذ أحكامها، يظل التحرك (الجنوب إفريقي) مثارًا للاحترام والتقدير من قِبَلِ كُلِّ مَن يُقدر الإنسانيةَ وحقوقَها المشروعة، وغُصَّةً في حَلْقِ مَن هانت عليه نصرةُ القضية الفلسطينية وفضح جرائم الاحتلال.
وعن الرد الإسرائيلي والتبريرات التي ساقها محاموها أمام القضاة فـ (لا تعليق)!! كلنا يعلم طبيعةَ هذه الدولة الطفيلية المحتلة، وسيرتَها الأصيلة في قلب الحقائق وتزييف المعايير، لتخرج لنا بحُزمةٍ من الادعاءاتِ الزائفة لا يُصدقها عقلٌ سَمِعَ وشاهدَ جرائمَها ضد المدنيين الفلسطينيين لعقود!!
ولكنَّ الطريفَ هنا أن اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، اعتمدتها الجمعيةُ العامة للأمم المتحدة في 9 ديسمبر عام 1948م، و إسرائيل عضو في تلك الاتفاقية التي وقّعت عليها (153) دولة من ضمنها دولة جنوب إفريقيا، أليست مفارقةً غريبة؟!!
وتبقى العِبرة من هذا الحدث التاريخي أن للحق جنودًا، وأن الخذلان له ثمن، وأن الدعم والسند قد يأتيك من حيث لا تدري ولا تنتظر، لذا كان التحرك (الجنوب إفريقي) مُرَحَّبًا به مِن قِبل شعوب العالم أجمع، الشعوب التي لا يزال أفرادها يحملون أملًا في إنسانيةٍ يجب أن تنتصر، وحقوقٍ معترفٍ بها لا بد من تطبيقها يومًا ما، لتتوقف ألسنتُنا عن التساؤل يومًا عن ماهية هذا العالم المجنون!!!